الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في مكان ليست به مياه قوية الدفع..فكيف أستنجي وأتوضأ؟

السؤال

السلام عليكم

أعيش في مكان ليست به مياه قوية الدفع مما يؤدي إلى عدم النظافة الكاملة بعد التغوط، فكيف أتم صلاتي، مع العلم أنني لا أقوم باداء الصلوات نظرا لما أجد من أوساخ ما زالت موجودة حتى بعد الشطف الجيد، وهذا لأن المياه ضعيفة جدا.

ماذا أفعل؟ هل أصلي وأنا أعلم جيداً بعدم النظافة أم لا أصلي؟ لأن الطهارة جزء رئيسي في تقبل الصلاة؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب.

لقد شعرت بكثير من الاستغراب، وأنا أقرأ ما كتبت، ولا أدري كيف تتصور أن الناس كانوا يتطهرون من نجاساتهم فيما مضى من الأزمنة، فيا تُرى كيف كان الناس يتطهرون في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم – وأصحابه ومن بعدهم من القرون قبل أن تصل إلينا هذه الآلات الحديثة.

هل كان ذلك عذرًا لهم في ترك الصلوات، أم أنهم كانوا في تلك الحالة يسمعون تلك القوارع التي تقرع القلب فينخلع لها القلب خوفًا وفرقًا من التهديد والوعيد الشديد لمن ضيع الصلاة وتهاون بها أو تهاون بشروطها، فقد وردت النصوص الكثيرة في كلام الله وفي كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم – في التحذير من التساهل بالصلاة، وتضييعها وإخراجها عن وقتها، فقد قال الله تعالى وهو يتحدث مع المصلين الذين يصلون، ولكن يؤخرون الصلاة عن الوقت، قال لهم: {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} وويل كلمة للعذاب، وبعضهم يقول: وادٍ في جهنم.

أين أنت من قول النبي - صلى الله عليه وسلم – حين ذُكرت له الصلاة، فقال: (من حافظ عليها كانت له نورًا ونجاة وبرهانًا يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا نجاة ولا برهانًا يوم القيامة، وكان مع فرعون وهامان وقارون وأُبي من خلف) فهل ترضى لنفسك أن تكون تحت راية واحد من هؤلاء العتاة المجرمين الذين يُساقون معاً من ورائهم إلى جهنم والعياذ بالله.

لا شك أيها الحبيب أن ترك الصلاة من أعظم الذنوب الذي قد يقع فيها الإنسان بعد الكفر بالله تعالى، وبعض العلماء يرى بأن تركها كفر، وهذا قول جماهير أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فكل ذنب بعد الكفر هو أصغر من ترك الصلاة، كما أن في المحافظة على الصلاة الخيرات الكثيرة والجوائز العديدة، فمن ذلك تكفير الذنوب والسيئات، ومن ذلك حماية الله تعالى للإنسان، ومن ذلك النجاة من النار، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها).

أول ما يحاسب عليه الإنسان يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، هكذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم – وإن فسدت فقد خاب وخسر، فأي خيبة وأي خسران أعظم من الخيبة والخسران اللذان يلحقهما دون النار.

تذكر أنت هذه المواقف أيها الأخ، وتذكر عرضك على الله تعالى، ووقوفك على حصيلة عملك، ووضع أعمالك في الميزان، ثم جئت بصلاة ناقصة، أو بغير صلاة، كيف سيكون حالك؟ وهل سيفيدك يومئذ الندم والعض على الأصابع؟ الجواب: كلا، فإن كثيرًا من الناس يتمنون الرجوع إلى الدنيا، ولكنهم لا يعطون تلك الأماني والآمال.

نحن ننصحك أيها الحبيب بأن تأخذ الأمور بجد، وأن تدع عنك هذا التهاون والكسل، وأن تعلم عاقبة هذا الذنب الذي أنت مقيم عليه من التهاون في الصلاة وتركها، وأنك قد تموت على غير ملة محمد - صلى الله عليه وسلم – فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (العهد الذي بيننا وبينهم – يعني الحد الذي بيننا وبين الكفار – الصلاة، فمن تركها فقد كفر).

اتق الله تعالى في نفسك، ولا تجر على نفسك الويلات، ولا تردي بنفسك وترميها في الهلاك بتقصيرك وتهاونك في صلاتك.

أما أمر الطهارة فأمر يسير، فإذا لم تستطع التطهر بالآلة التي ذكرتها، فيمكنك أن تصبّ الماء صبًّا من إناء على يدك اليسرى وتغسل فرجك ودبرك، وهكذا الناس كانوا يفعلون، ومرت عليهم قرونًا وهم يتطهرون بهذه الكيفية، فاتق الله تعالى في نفسك، ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان وتزيينه القبيح لك، ولا تظن أن ذلك عذر يُنجيك من عذاب الله تعالى، أو أن الاعتذار بذلك سينفعك ويفكك من تبعات هذا الذنب وعاقبته.

نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُلهمك رشدك، وأن يجنبك وساوس الشيطان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً