الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سلوك ابني عدواني، فكيف أهذبه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي ابن بعمر 3 سنوات ونصف, أشعر دائمًا أنه غير مستقر نفسيًا, وأنه يحاول مضايقة كل من حوله, يعني يقوم بضرب أي أحد يأتي للبيت عندنا فقط إذا استفزه أو ضايقه, ولكن الكل يشتكون منه, ويقولون: إنه عدواني, وأنا لا أرى هذا الشيء, هو طيب القلب وحنون, ولكن الكل يقول: إنه عدواني وعصبي.

نحن نسكن في بيت أهل زوجي, ولديه أخت عمرها 22 سنة, مريضة في عقلها, إنسانة غير سوية, تؤثر على سلوكه, تضربه, تشتمه, لا تسمح له بالجلوس معها في غرفة الجلوس فتقوم بضربه, وطرده من الغرفة بطريقة وحشية؛ لأننا لا نحب أن يحضر الرسوم المتحركة التي فيها قتال وصراخ, وهي تحب هذه الأشياء، أيضًا تلعب مع نفسها, وتردد كما يردد التلفاز: ( سوف أقتلك, سوف أدمرك ) أصبح ابني يردد نفس العبارات, ويقلد الذي يشاهده معها, عندما أشكو لوالدتها التي تكون حماتي تقول لي: أنتِ ألا ترينها مريضة, أو تصرخ عليها حتى لا أقول: إنها لا تهتم بكلامي مما يجعلها تكره ابني أكثر, وتعامله أسوأ, لا أعلم ماذا أفعل؟!

أنا أعلم أن الحل الوحيد أن نخرج من البيت, ولكن ليس باستطاعتنا الآن, ابني يسوء حاله حينًا بعد حين, حتى بالمدرسة يشتكون منه, ولكن المعلمة تقول لي: إنه ذكي جدًّا, ما شاء الله, وهو بالفعل كذلك, وعندما أخرج به أستحي؛ لأنه يصرخ بالشارع, ويضربني, ولا يسمع كلامي, ولكن ليس دائمًا، هو يحبني كثيرًا أنا ووالده، ويقول لنا دائمًا: إنه يريد أن يسكن في بيت لنا وحدنا؛ لأنه لا يأخذ راحته في هذا البيت, ولأنه يرى أبناء خالته وعماته لهم غرف مستقلة فيها ألعابهم.

هو ينام معنا بالغرفة هو وأخوه الصغير, عمره 10 أشهر, أنا حزينة عليه كثيرًا, أنا متضايقة من وضع البيت كثيرًا, فكيف به!!

ملاحظة: أبوه أيضًا عصبي, يضربه أحيانًا, ويقول لي: يجب أن تضربيه حتى يتأدب, ولكنني أرفض، وجدته تشتكي منه كثيرًا, وتنتعه بالعنيد, حاولت أكثر من مرة أن أقول لها: إن هذا الشيء يؤثر على نفسيته سلبًا, ولكنها لا تكترث.

أنا أيضا لا أستطيع تربيته كما أريد لأنه لو كان يريد شيئًا وأنا لا أريد أن يأخذه مثل: شوكولاته, شبس, وما شابه, أو إذا كنت أعاقبه إذا فعل شيئًا خطأ يخرج من الغرفة ويقول لي: سوف آخذ منهم, ويعطونه أكثر من المعقول, أو يحتمي بهم عند العقاب, أريد معرفة كيف أتعامل مع ابني؟ وكيف أتعامل مع أهل زوجي حتى لا يتدخلوا بتربيتي له؟

علماً بأني أحاول مصادقته, والتقرب منه, واللعب معه, وكل آخر أسبوع آخذه لنزهة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

شكرًا لك على الكتابة إلينا.

ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له إياك إياك أن تبتلّ بالماء.

كيف تنفردين في تربية طفلك، وأنت في هذا الجو الذي وصفت في الرسالة، وخاصة أن هذا الطفل تتعدد الأيدي في تربيته، أو عدم تربيته، وكثرة الأيدي, كما يقولون، تحرق الطبخة! حيث تتدخل الجدة والعمة بالإضافة لضرب الأب.

إن من أكثر أسباب السلوك المتعب عند الأطفال، وربما كثير مما ذكرته في سؤالك عن سلوك طفلك ينطبق عليه هذا، هو الرغبة في جذب الانتباه لأنفسهم, ومن المعروف أن الطفل يحتاج لانتباه من حوله, كما يحتاج للهواء والطعام والماء، وإذا لم يحصّل الطفل هذا الانتباه على سلوكه الحسن، فإنه سيخترع طرقًا سلوكية كثيرة لجذب هذا الانتباه، والغالب أن يكون عن طريق السلوكيات السلبية.
ولماذا السلوكيات السلبية؟

ببساطة لأننا نحن الآباء والأمهات، لا ننتبه للسلوك الإيجابي، وكما قال أحدهم "عندما أحسن العمل، لا أحد ينتبه، وعندما أسيئ العمل، لا أحد ينسى"!

ما يمكن أن تفعليه مع طفلك عدة أمور منها:

1- أن تلاحظي أي سلوك إيجابي يقوم به طفلك، وأن تـُشعري طفلك أنك قد لاحظت هذا السلوك الإيجابي، ومن ثم تشكرينه على هذا السلوك.

2- أن تحاولي تجاهل بعض السلوك السلبي الذي يمكن أن يقوم به طفلك، إلا السلوك الذي يعرض فيه نفسه أو غيره للخطر، فعندها من الواجب عدم تجاهل الأمر، وإنما العمل على تحقيق سلامة الطفل والآخرين.

3- أن تتابعي محاولة إقامة علاقة طيبة مع طفلك، من خلال دعوته لمساعدتك.

أما بالنسبة لعناد طفلك، وخاصة أنه ذكي -كما ذكرت في الرسالة- فربما كثير من هذا أيضًا هو سلوك لجذب انتباهك وانتباه من حوله، فحاولي التعامل معه كمجرد سلوك لجذب الانتباه، ويمكنك توجيه انتباهك إليه عندما يتجاوب معك ومن دون عناد، وحاولي صرف انتباهك عنه عندما يصل عناده لحدّ لا ترتاحين له.

على فكرة فالصفة التي تتعبنا في الطفل وهو صغير قد تكون هي نفسها الصفة التي ستكون وراء نجاحه وتفوقه في قابلات الأيام، فنحن لا نهدف إلى تحطيم هذه الثقة, وإنما تطويعها لمصلحة الطفل ومصلحة من حوله.

حاولي الحديث مع زوجك في ضرورة تجنيب طفلكم بعض السلبيات التي يعيشها باستمرار في هذا البيت.

أنصحك أيضًا بقراءة كتاب أو عدة كتب في مهارات تربية الأطفال والتعامل معهم.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً