الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاضطراب الوجداني وأثره في شخصية الإنسان وأفعاله

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 35 سنة، أعاني من حالة قلق فظيعة، وعصبي جدا أغضب من أتفه الأسباب، بعض ما أعاني منه:

1- انطوائي، لا أحب المناسبات الاجتماعية، ولا أخرج من المنزل، وإن ذهبت لإحداها أمل بسرعة برغم أنني في بعض الأحيان عندما أرتاح في إحدى المناسبات أحدث نفسي بأنها جميلة، وأتمنى بداخلي أنني مثل الناس أجلس، وأنبسط وأمرح معهم، لكن لا أستطيع فالعزلة تعجبني.

2- حزين في أغلب أوقاتي، وأرى أن الناس تتقصدني بنظراتها، وتصرفاتها حتى عند ذهابي للمسجد لو رأيت شخصا أو شخصين ينظرون إلي أجلس أياما أفكر لماذا نظروا لي.

3- قلق جدا من الحياة، ومن المستقبل، وأفكر في الموت في كل لحظة حتى أنني لو هممت للخلود للنوم أبقى في السرير، أفكر في الموت، وأتخيل أن ملك الموت سيأتيني في هذه اللحظة ..

أرى أن الدنيا فقط للعبادة، وباقي الملذات الحلال ليس لها داعي كبناء فيلا مثلا، أو شراء أرض أرى أنها غير مهمة.

4- قلق على أطفالي، وأخوتي، فلا أدع أطفالي يخرجون من المنزل بمفردهم، أو مع السائق حتى وإن وضعتهم عند أخوالهم، أو أعمامهم أبقى طيلة الوقت أفكر فيهم حتى بالمنزل إذا سمعت صوتا هرعت لأرى هل حصل مكروه لهم، أو لزوجتي.

5- كل أمر في هذه الحياة أحمل فيه هما كبيرا لإنجازه، فلو طلب مني الذهاب للسوق لقضاء بعض الحاجيات أحس أنه هم على قلبي كبير حتى إنجاز المهمة، وبعد الإنجاز أفرح فرحا شديدا بداخلي لهذا الإنجاز، برغم أنني متيقن بداخلي أنه أمر عادي، وطبيعي، ويقوم به جميع البشر.

6- أحمل هم الناس، فلو رأيت طفلا يخرج من نافذة سيارة في الشارع أبقى بداخلي خائف عليه، وأحاول أن أتجاوز السيارة، أو أغير مساري لكي لا أرى ماذا سيحصل له، أو إن حصل مكروه لا سمح الله ألا يحدث أمامي .. وأهول الأمور.

7- لا أثق في أحد، وإن جلست أتحدث مع أحدهم، فأحمل لكل كلمة يقولها ألف حساب، وأجلس أفسرها بداخلي هل يقصدني أم ماذا .. كثير الشك بالناس وتصرفاتهم.

8- يحصل في بعض الأحيان أنني إن خرجت للعمل، وأقفلت الباب، وخلال مسيري للعمل أفكر أنني لم أقفله، فإن كنت قريبا رجعت، وإن كنت بعيدا اتصلت على البيت ليتأكدوا أن الباب مقفل.

9- أغضب بسرعة كبيرة، وبعد ثوان من الموقف أراجع نفسي بداخلي، وأقول لماذا غضبت والموقف تافه وبسيط، ولا يستدعي الغضب ولو رفضت طلبا لأحدهم بعد دقائق أتراجع.

10- نومي قليل جدا، وفي بعض الأوقات أضطر لأخذ أقراص بنادول نايت لكي أنام.

11- عندما أتوضأ لأداء الصلاة يوسوس لي بأنني قد أحدثت (الحدث الأصغر) على نفسي، لذا أتوضأ في كل فرض وقبل أداء الصلاة بدقائق لكي لا ينقض وضوئي برغم أنني عندما أرجع لإعادة الوضوء لا أرى شيئا قد نقض وضوئي.

أتمنى من الله ثم منكم مساعدتي:

ملحوظة: أنا محافظ على صلاتي في المنزل وبعض الفروض في المسجد، وأكثر من الاستغفار والتسبيح لخوفي من الموت الفجاءة، علما أن والدتي توفيت قبل 6 سنوات فجأة، وبدون أي مقدمات.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق السداد.

أخي رسالتك واضحة جدا، والنقاط التي أثرتها تعكس حقيقة مشاعرك، وما تمر به من تجارب نفسية، وأستطيع أن أقول لك أن حالتك بسيطة.

أنت لديك ما نسميه بقلق المخاوف الوسواسي وهذه الثلاثة متداخلة، ومترابطة جدا، أي القلق والمخاوف، والوساوس، لا أريدك أبدا أن تنزعج وتعتقد أنه لديك ثلاثة أمراض مختلفة، لا، هنالك تداخل كبير جدا، وهذه نسميها بحالات الاضطراب الوجداني البسيطة، وحقيقة كثيرا من الذين يعانون من هذه الحالات تجدهم من أفاضل الناس، وشخصياتهم تحمل سمات الخير، والفضيلة، وأحد إشكالاتهم الرئيسية هي الحساسية المفرطة.

أيها الفاضل الكريم لا أريدك أبدا أن تنزعج لهذه الحالة، وحقيقة أنا أحبذ، وأفضل أن تذهب إلى طبيب نفسي، هذا ليس خوفا من أنك لن تستجيب للدواء إذا وصفته لك، لكن التواصل المباشر مع الطبيب مفيد جدا، عموما هذا خيار.

الخيار الآخر هو أن أصرف لك أحد الأدوية الجيدة الفاعلة المضادة للمخاوف الوسواسية، وأنا أرى أن عقار زولفت، والذي يعرف باسم لسترال واسمه العلمي سيرترالين سيكون دواء مناسبا خاصة أنه سليم، وليس له آثار جانبية حقيقة، فقط ربما يؤدي إلى زيادة في الوزن لدى بعض الناس، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي قليلا عن بعض الرجال، لكنه لا يؤثر مطلقا على الإنجاب أو على التركيز.......

جرعة الزولفت هي أن تبدأ بنصف حبة الحبة تحتوي على 50 مليجرام، استمر عليها الصغيرة لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين، يمكنك أن تتناولها ليلا بعد الأكل، أو تتناولها بمعدل حبة في الظهر، وحبة في المساء هذا يعتمد على درجة النعاس، والاسترخاء الذي سوف يسببها الدواء، إن كان يصلح استرخائيا يفضل تناوله مساء وإن كان غير ذلك فلا مانع من أن تقسم الجرعة كما ذكرت لك، يجب أن تستمر على هذه الجرعة العلاجية أي حبتين يوميا لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك اجعلها حبة ونصف ليلا لمدة شهرين، ثم اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أؤكد لك أنه دواء سليم وفاعل، وممتاز جدا، بعد شهر ونصف إلى شهرين من بداية تناول الدواء سوف تحس بتحسن كبير، وهذا يجب أن يشجعك نحو التدريبات السلوكية الإيجابية، والتدريبات الإيجابية تتطلب منك الإكثار من التواصل الاجتماعي، وأن تكون أكثر طمأنينة، وأكثر إيجابية في تفكيرك.

أخي الكريم استعن دائما بالدعاء خاصة فيما يخص الشفقة، والخوف على الأولاد، الدعاء سلاح عظيم جدا ويبعث الطمأنينة في النفس، أريدك أيضا أن تدير وقتك بصورة صحيحة لا بد أن تكون لديك أنشطة متعددة خلال اليوم، الخروج من النمطية والرتابة هو من الأمور المرغوبة جدا لعلاج المخاوف الوسواسية، وكل فكرة وسواسية تأتيك لا بد أن تحقرها لا بد أن تقوم بفعل ما هو مخالف لها.

أخي الكريم الرياضة ذات فوائد عظيمة جمة هذا أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، فأرجو أن تكون حريصا عليها، نضيف إلى ذلك تمارين الاسترخاء، فهي أيضا ذات فائدة وجدوى، إن ذهبت إلى الطبيب فسوف يقوم بتدريبك عليها، ويمكنك معرفة كيفية تطبيق هذه التمارين بمطالعة الاستشارة التالية 2136015.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً