الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما العلاقة بين القلق والاكتئاب والقولون العصبي؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من آلام في المعدة منذ فترة طويلة تقريبا منذ عام، ذهبت للطبيب فطلب مني تحاليل ومزرعة براز، في أول مزرعة كانت النتيجة فيبراميسن ولم يأت بنتيجة، فطلب مني الطبيب مزرعة أخرى وكانت النتيجة رانسيف، أيضا لم يأت بنتيجة، مع العلم أني مدخن منذ 12 عامًا.

ذهبت لطبيب آخر وقال لي إنك تعاني من القولون العصبي، حيث إن الأعراض التي أعاني منها هي كالآتي: آلام حادة في كل المعدة، وأصوات غريبة داخل المعدة، ومغص مكتوم، وإمساك حاد لدرجة أنه لا توجد لدي رغبة في الإخراج لأكثر من خمسة أيام، وتوجد مادة لزجة كثيرة عند الإخراج، وعندما تكون المعدة فارغة أشعر بآلام قوية جدا لا تذهب إلا بعد أن آكل شيئا, وأشعر بحموضة دائمة من أي أكل، وأعاني من انتفاخ وإحساس بالقيء، وعند التنفس بقوة تزداد الأصوات، وأشعر بحركة الغازات في معدتي, وكل هذه الأعراض مستمرة.

كتب لي الطبيب جاناتون 50 مج، قرصا ثلاث مرات يوميا، وفوار regumucil صباحا ومساء، وفوار لاكسيل صباحا ومساء، خفت الأعراض قليلا، ولكن عملية الإخراج بقيت كما هي في كل خمسة أيام أُخْرِج، وبعد أسبوع من الاستمرار على العلاج طلب مني أن أوقف الجاناتون فتدهورت أحوالي أكثر من الأول، مع العلم أني توقفت عن كل هذه الأدوية، وبدأت بتناول الدوجماتيل منذ أربعة أيام كبسولة صباحا ومساء، ولم أشعر بأي تحسن, بل الآلام مستمرة.

لا أعلم ماذا أفعل وذلك بسبب أنني كنت أتعالج نفسيا لمدة 6 سنوات من الاكتئاب والوساوس، وأحيانا من التشخيص المزدوج, والآن أنا ممتنع عن العلاج النفسي منذ أكثر من خمسة أشهر، فأنا في حيرة، هل كل هذه الأعراض هي بسبب عوامل نفسية أم بسبب مرض عضوي؟

وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الأعراض التي تشكو منها مزدوجة أي أن هناك أعراضا تشير إلى قرحة اثني عشرية، فهذه تسبب آلاما في وسط البطن من الأعلى مكان المعدة، ويكون الألم مترافقا مع الإحساس بالحموضة، وتكون الآلام عند الجوع, ويضطر المريض أن يتناول الطعام لتخفيف الألم، وكثير من الأحيان يستيقظ المريض في الليل على الألم، ويذهب إلى المطبخ ليتناول شيئا من الطعام ليخفف الألم، أو يحتفظ معه ببعض البسكويت، أو أي طعام لكي يخفف الآلام في الأوقات التي يكون فيها خارجا من البيت.

وآلام القولون تكون في كل البطن، وخاصة أسفل البطن، وأحد الأعراض المهمة أنها في معظم الأحيان لا توقظ المريض من النوم، أي أنه متى ما نام المريض فإنه لا يشكو من أعراض لها علاقة بالقولون العصبي.

الإمساك وخروج المخاط من الشرج، والغازات في البطن، والخلفية النفسية عندك أيضا؛ تشير إلى أعراض القولون العصبي.

لذا فالاحتمال الكبير وحسب الأعراض التي وصفتها؛ يكون عندك قرحة اثنا عشرية وقولون عصبي.

يفضل في مثل حالتك إجراء منظار للمعدة، بالإضافة للقرحة فقد يكون هناك أيضا ارتجاع في حموضة المعدة إلى المريء فهذا يسبب الإحساس بالحموضة والحرقة في أسفل الصدر، ويمكن إجراء تحليل البراز للجرثومة اللولبية H.pylori، فإن كان إيجابيا فهذا أيضا يؤكد مع الأعراض التي تشكو منها أن جزءًا منها هو من القرحة الاثني عشرية، وعندها يجب تناول الدواء الثلاثي، وهذا عادة ما يشفي من الأعراض التي لها علاقة بالقرحة.

أما الأعراض الأخرى من خروج مخاط، ومن إمساك وغازات فهي أعراض القولون العصبي، والإمساك يؤدي إلى بقاء الفضلات في البطن لفترة طويلة، فتتعرض للتخمر وبالتالي تسبب الغازات، ولذا يجب التركيز على التخلص من الإمساك.

وأسباب الإمساك كثيرة، إلا أن أكثر أنواع الإمساك الذي يسمى بالغذائي -وهذا النوع من الإمساك هو الشائع ويصيب 5% من الناس- يكون سببه عادات الأكل الغير صحية، كالاعتماد على تناول أنواع معينة من الطعام مثل:

- الطعام الذي لا يحتوي على ألياف، وينتج فضلات قليلة كاللحوم ومعظم أنواع الرز.

- الطعام الذي يسبب قساوة أو صلابة البراز كالأجبان، والتغيير في طبيعة الطعام، وقلة تناول السوائل يسبب الإمساك.

- وهناك أسباب أخرى أيضا مثل تناول بعض الأدوية مثل مضادات الحموضة، أو الأدوية التي تخفف -مضادات السعال التي تحتوي على الكوديين-، وحبوب أملاح الحديد، وبعض أدوية ارتفاع ضغط الدم.

في بعض الحالات يكون السبب نفسي, وفي هذا النوع ربما يتناوب الإمساك مع الإسهال كما في حالات القولون العصبي، ومن الإمساك ما يحدث بسبب كبت أو تثبيط الإحساس بالرغبة في التبرز، أو بسبب تغيير في العادات، أو الظروف المعيشية.

- قد يكون السبب نقص نشاط الغدة الدرقية، والعلاج يعتمد على إزالة السبب أولا، فإن لم يوجد سبب واضح فعليك بما يلي للتخلص من الإمساك:

- إعطاء نفسك وقتا كافيا كل يوم في الصباح للتغوط، وتعويد الأمعاء على الحركة لإخراج البراز يوميا في وقت معين.

- الإكثار من شرب الماء وهذا يساعد على جعل البراز لينا بعض الشيء.

- المشي يوميا يساعد على حركة الأمعاء.

- تجنب الأطعمة التي تزيد من الإمساك مثل الأجبان.

- الإكثار من الخضار والفواكه، ومن الأطعمة التي تحتوي على الألياف.

- تناول تفاحة خضراء كل يوم في الصباح.

- الابتعاد عن الشاي والقهوة الثقيلين.

- التين: ينقع 3 - 4 من ثمار التين الجاف في كوب ماء بارد في المساء، وفي الصباح تؤكل هذه الثمار المنقوعة، ويشرب ماؤها على الريق، ويمكن أن تطبخ 3 - 4 ثمار طازجة مقطعة في قدح من الحليب مع 12 حبة من الزبيب، ويشرب الخليط صباحا على الريق.

ويمكنك الاستعانة بالأدوية، فمن الأدوية التي تستخدم دواء يسمى agiolax وهو من منشأ نباتي، ويمكن استخدامه لسنوات، ويؤخذ منه ملعقة يوميا مع كوب من الماء، وإن لزم الأمر يمكن تناول ملعقة صباحا وأخرى مساء، وهو فعال -بإذن الله- ويمكن التوقف عنه متى تحسن الإمساك وصار الأمر طبيعيا.
++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الدكتور محمد حمودة استشاري الأمراض الباطنية -وتليها إجابة الدكتور محمد عبد العليم- استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان - وهي كالتالي:
+++++++++++++++++++++++++++++++
فإن الإجابة التي أدلى بها الأخ الطبيب استشاري الأمراض الباطنية هي إجابة ممتازة ومكتملة وبليغة جدًّا، أرجو أن تأخذها بحذافيرها وتطبق ما ورد فيها، من حيث التأكد من التشخيص، واتباع الإرشادات الأخرى، فهي مهمة جدًّا، وأرى أنها سوف تحل مشكلتك بصورة ممتازة جدًّا -إن شاء الله تعالى-.

فيما يخص الجانب النفسي: دراسات كثيرة جدًّا ربطت ما بين اضطرابات القولون والجهاز الهضمي والحالة النفسية لدى الناس.

القلق وكذلك الاكتئاب النفسي هما الأكثر شيوعًا وسط الذين يعانون من القولون العصبي، وأعراض القلق والاكتئاب ليس من الضروري أن تكون واضحة، وإن نتج عنها الاضطراب في القولون، يعتبر هذا النوع من القلق أو الاكتئاب مُقنَّعا، ويسمى بالقلق أو الاكتئاب المُقَنَّع.

أنت أوضحت بصورة جلية أنك تعاني من أحوال نفسية، وأنك تلقيت العلاج لفترة ليست بالقصيرة، فأنا أقول لك إن الاستمرار في العلاج النفسي سيكون مفيدًا ومريحًا جدًّا بالنسبة لك.

عقار دوجماتيل ربما لا يكون مناسبًا لعدة أسباب، منها أنه ضعيف في بعض الأحيان، كما أنه قد يرفع هرمون الحليب (البرولاكتين) وهذا لا يكون محبذًا بالنسبة لإنسان في عمرك، خاصة إذا كانت هنالك حاجة لتناول الدوجماتيل لفترة طويلة.

الدواء الذي أراه جيدًا ونافعًا -بإذن الله- لحالتك هو عقار (مودابكس) والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين) وأريدك أن تتناوله بجرعة صغيرة وهي نصف حبة، ابدأ في تناولها يوميًا ليلا لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم نصف حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر.

هذا دواء جيد بسيط، فاعل، وسليم، وسوف يفيدك كثيرًا -إن شاء الله تعالى- وبجانب العلاج الدوائي -وكما ذكر لك الأخ الطبيب- لا بد من الحرص على ممارسة الرياضة، -إن شاء الله- ففيها فائدة كبيرة جدًّا لك، ومارس أيضًا تمارين الاسترخاء، وإليك هذه الاستشارة السابقة التي تبين كيفية تطبيقها، وهي برقم: (2136015).

احرص أن تغيّر نمط حياتك، وذلك بأن تبتعد كليًّا عن المثيرات السلبية، حاول أن تأخذ قسطًا كافيًا من الراحة مع ممارسة الرياضة -كما ذكرنا- والتركيز على دراستك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا طارق

    ياجمال الرد على اخينا بهذه الاحرف الذهبيه وفقكم الله

  • حامد

    جزاك الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً