الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من حق الأم التي تعاني من مرض نفسي أن تقرر قرارات مصيرية تتعلق بالأبناء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل من حق الأم إن كانت تعاني من اضطرابات ومرض نفسي أن تقرر قرارات مصيرية للأبناء كالسفر، أو الدراسة أو الزواج، سواء كان زواج ابنها أم ابنتها، والذي ينبع من مزاجها أو شخصيتها المريضة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ النور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالإحسان للوالدين وبرهما هو من صميم عقيدتنا الإسلامية وتربيتنا الأخلاقية، وإذا كان أحد الأبوين مريضًا -مرضًا عضويًا أو نفسيًّا- فأرى أنه في مثل هذه الحالة يكون أحق بالبر والرأفة، وعلى الأبناء أن يبحثوا في طرق العلاج ويوفروها، والعلاج قد يكون من خلال طرق باب الأطباء، وكذلك من خلال حسن المعاملة والمعاشرة، قال تعالى: {إما يبلغنَّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا}، فهذه هي النقطة الأولى، وهي ضرورية جدًّا.

النقطة الثانية: هنالك ما يسمى بالأهلية، وهي الحالة العقلية والمعرفية للإنسان، والذي تؤهله لتحمّل المسؤولية، وهل هو مرتبط بالواقع أم لا؟ هل هو مستبصر ومدرك لما يقول ويفعل أم لا؟ وهذه -أي الأهلية- لها تبعات، فإذا افتقد الإنسان الأهلية تسقط عنه التكاليف، وتسقط عنه المسؤولية، وفي مثل هذه الحالة فإن رأيه لا يؤخذ به إذا كان مخالفًا للواقع والمنطق، لكن إذا كان أبًا -أو أُمًّا- حتى وإن رفضنا رأيه فيجب أن يكون ذلك بصورة ذكية ولطيفة وحذقة، وفيها الاحترام والتقدير.

والأهلية لا يستطيع أحد أن يُحددها إلا المختص، والطبيب المختص ذو الخبرة في تحديد الأهلية والمسؤولية هو الجهة الوحيدة التي يجب أن يُحتكم إليها.

في بعض الأحيان: عامة الناس وكبار السن منهم, والذين عرفوا بالحكمة والبصيرة قد يعطوا آراء سديدة حول إنسان ما: هل هو مريض عقليًا أم لا؟ وهذا أيضًا وضع يمكن أن يُقدّر.

هذه هي النقطة الثانية، وهي أيضًا هامة جدًّا، بعد ذلك أُجيب عن أسئلتك إجابات مباشرة، وهي أن رأي الوالدين يستمع إليه، وإن كان هذا الرأي ناشئًا من مرض نفسي حقيقي، وسوف يؤدي إلى ضرر، ويؤدي إلى التهلكة، ففي مثل هذه الحالة -من الناحية النفسية -لا يتبع هذا الرأي، لكن يجب ألا تكون هنالك مواجهة بين الطرفين، ويجب أن يكون الابن -أو الابنة- في غاية الذوق والود والابتعاد عن الانفعالات.

هذه الحالات نادرة -أي أن الأم تفقد أهليتها، وهذا معناه مرض عقلي-.

أما الأمراض النفسية: كالاكتئاب، والتوترات والوساوس والمخاوف والقلق، فهي لا تفقد الإنسان بصيرته، وبناء عليه يكون الرأي الذي يصدر من الأب -أو الأم- هو رأيًا صحيحًا يؤخذ به، لكن هذا لا يمنع الاستشارة، ولا يمنع أن يتدخل أحد -طرف ثالث- ليثني الأم عن رأيها، إذا كان هذا الرأي لن يعود بمصلحة حقيقية على أحد الأبناء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً