الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف من كل شيء ووساوس في عباداتي وحول أسناني..ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني أخواتي لا داعي أن أكذب عليكم، ولو بكلمة فالحالة معي من خمس سنوات.

البداية وسواس في الصلاة، ووسواس في الوضوء حتى أني أحس بقطرات البول -الله يعزكم- تتناثر.

أنام الساعة 7 صباحا، وأستيقظ عند الساعة 4 عصرا، وأبدأ بالخوف والتوتر حتى أني أذهب لأصلي في المسجد ثم أرجع وأعيد صلاتي في البيت.

استمريت في هذه الحالة سنين حتى أني أكلم الناس في الموضوع، الكل يقول: لا توسوس، وأنا أعرف أنهم لا يريدون أن يساعدوني، الخوف الآن اشتد أكثر من العام الماضي صار لي سنة ونصف غير السنوات التي مضت في وسواس الصلاة، وصل الوسواس إلى الأسنان أصلحت بعض الأسنان، وتوقفت عليها لأسباب منها الخوف من المواعيد، الخوف من الشغل، الخوف من كل شيء حتى أني إذا أستيقظت من النوم أحك أسناني بلساني طوال اليوم.

مارست الرياضة وعملت برنامجا كل يوم أمشي، ولكني أفكر كثيرا حتى أدى ذلك إلى غثيان ودوخة.

والآن انكسرت حشوة من ضرسي، فتخوفت وأصبحت طول اليوم أحك لساني على أسناني وأشك فيها، نادرا ما أختلط بالمجتمعات، وأفكر كثيرا إذا ذهبت سواء مناسبة أو سوق أو غير ذلك.

الحياة أصبحت مللا وضيقا، حتى أني أدعو على نفسي بالموت، طبعا ليس عندي عمل ولا شيء (عاطل) الموت أرحم لي من هذه الحالة.

كل يوم أوسوس في الأسنان حتى أني أبكي - الله يعزكم - بدورة المياه تحت الدش.

كل يوم أشرب يانسون، أما الطرب فكل يوم أسمعه، مع أني أحافظ على صلاتي -والحمد لله- هل من علاج لهذه الحالة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاطل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لماذا اتخذت هذه الكنية لنفسك وتصفها بعاطل، فليس هذا من صفة المسلم المؤمن الموحد بالله تعالى، ولقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم – عن التشاؤم والطيرة، وكان يُحب الفأل في كل شيء، وقد شهد الكفار على أنفسهم أنهم كافرون وحكم الله على كفرهم بشهادتهم على أنفسهم بذلك، قال تعالى: {وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين} فلا تلصق نفسك وتصفها بهذه الصفات الوضيعة، وسل الله تعالى أن يرفعك بالإيمان والعلم الصالح، وإن كنت بلا عمل فابحث عن عمل، وأنت شاب في هذه السن البهية لابد أن تعيش الحياة بقوة وتستمتع بحياتك وتجعل لها معنى.

أنا أقدر وطأة الوساوس التي تعاني منها، لكن الذي شغلني تمامًا هو أن حياتك تحتاج لتوازنات كثيرة على مستوى النوم: جُعل الليل لباسًا وجُعل النهار معاشًا، والكيمائيات والمركبات الجسدية والنفسية والعصبية الصحيحة لا تُفرز إلا في أثناء النوم الليلي، فكن حريصًا على ذلك.

موضوع الطرب، قلت أنه كل يوم. إن كنتُ فهمتُ أن الأمر كما ذكرته أنت، فأقول لك أن الصلاة الخاشعة لا تتماشى أبدًا مع الطرب – مع الغناء – الصلاة الخاشعة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولا يمكن للمتنافرات أبدًا أن تلتقي، ولا يجتمع في قلب المؤمن قرآن الرحمن وقرآن الشيطان. هذه أيضًا أزعجتني كثيرًا وأريدك أن تكون فيها أكثر توازنًا، وانظر حكم الغناء وكيفية الإقلاع عن سماعه: ( 280589 - 280738 - 23302917189 ).

اجعل لحياتك معنى، والحياة يكون لها معنى إذا أدرها الإنسان بصورة صحيحة، وكانت له أهداف واضحة، ولم يرضى بسفاسف الأمور، وكان عالي الهمة، وبحث وسعى وعمل لرضا والديه، وكان دائمًا مفعمًا بالأمل والرجاء، ويعرف أن الدين والعلم هما أسمى ما يمكن أن يكتسبه الإنسان في هذه الحياة، والرفقة الطيبة الصالحة تعين الإنسان على أمور الدين والدنيا، والرياضة تقوي الأجساد والنفوس، وديننا الحنيف قد دعانا لذلك.

هذه مجرد تلميحات بسيطة وددت أن أذكرها لك قبل أن نتحدث عن موضوع الوساوس؛ لأن موضوع الوساوس موضوع سهل ويمكن علاجه.

لاحظتُ أيضًا أنك قلق جدًّا، حتى انكسار الحشو سبب لك بعض التأزم النفسي. الشعور بالدوخة والغثيان، لابد أن تخرج نفسك من هذا الانكباب حول نفسك وتنطلق من خلال حياة جديدة مفعمة بالأمل والقوة - كما ذكرنا - والعمل والتواصل والفعالية وعلو الهمة.

أما بالنسبة للوساوس فأرجو أن تحقرها وأن تلفظها، وأن ترفضها، وألا تتبعها، ضعها تحت قدميك، مهما كانت ملحة -فإن شاء الله تعالى- سوف تُهزم، وعليك بالأدوية المضادة للوساوس فهي جيدة ومفيدة ونافعة، وسوف تحسن في ذات الوقت من مزاجك، هذه الأدوية كثيرة جدًّا، إذا استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فسوف يتخير لك ما يناسبك من حيث الفعالية، والسعر وما هو موجود، وإن لم تستطع فأنا أقول لك أن عقار بروزاك والذي يسمى علميًا باسم (فلوكستين) عقار سليم وجيد وفاعل، ولا يحتاج لوصفة طبية.

والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بكبسولة واحدة، تناولها بعد الأكل، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا، استمر عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يومًا بعد يوم لمدة شهر.

الالتزام التام بالعلاج ومدته هي أهم مفاتيح نجاحه والاستفادة منه، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً