الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التقلبات المزاجبة وأثرها في حياة الإنسان وتعامله مع الآخرين

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا شاب أبلغ من العمر 21 عاما، خلال الخمس سنوات الماضية عانيت من عدم استمتاعي بالحياة وبهجتها، فأصبحت أميل للعزلة وتجنب الناس الذين يعيشون معي في نفس المنطقة من إخوة وأقارب، لكني على علاقة قوية ومتينة مع بعض الأصدقاء من الجامعة والثانوية، وهم من خارج المجتمع الذي أعيش فيه، فتكونت لي شخصيتان الأولى متمثلة في كوني إنسانا منعزلا، عصبيا كتوما، عبوس الوجه، سيء المزاج، ينفر من الناس، يكره ويملأه الغضب (مع العلم أني شخص محب ومتسامح) لكن أغلب صفاتي في هذه الشخصية كوني ملتزم الهدوء والصمت.

هذه الشخصية تسيطر علي في حالات منها عندما لا أكون مرتاحا لوجود بعض الناس بجواري، أو أرى بعض الأشخاص الذين أكرههم ( مع العلم أنني أحب التسامح، ولا أستحي من بذل الاعتذار إذا كنت مخطئا) وكذلك عندما أكون في المنزل، وتظهر صفات هذه الشخصية مع الوالدين والإخوة والأقارب.

أما الشخصية الثانية، وهي شخصيتي الحقيقية التي نشأت معها منذ الصغر متمثلة في كوني شخصا مرحا مبتسما لا أحسد، ولا أكره ومحبا، وأكون الصداقات مع الناس، وأحافظ على هذه الصداقات بالسلام والمزاح والعفوية وكذلك أستطيع أن أجمع الأصدقاء على بعض الأشياء مثل تناول العشاء معا أو الخروج للبحر، ودائما يسند الأصدقاء لي مهمة تنظيم الرحلات، والطلعات، وهذه الشخصية أعيشها في فترات قصيرة من اليوم مثلا أستطيع أن أعيشها في الجامعة أو مع الأصدقاء.

في هذه الشخصية أعيش أجمل اللحظات، وغالبا تكون مع الأصدقاء فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الوليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

نمط الشخصية وسماتها وسجاياها لا نعتبره علة حقيقية إلا إذا كان متأصلاً بمعنى أنه موجود في كل فترات الحياة مع الإنسان، هذا هو الذي يسمى الاضطراب الشخصي، أو نوعية الشخصية، أما بخلاف ذلك فالتقلبات المزاجية هي أمر آخر، وهي مرتبطة بالوجدان أكثر من ارتباطها بالشخصية، وإن كان للشخصية بعض المؤثرات الغير المباشرة عليها.

الذي أراه في حالتك أنك لا تعاني من علة في شخصيتك، إنما تعاني من علة في مزاجك، وهذه العلة لدرجة كبيرة جداً هي تحت سيطرتك وإرادتك، والإنسان يستطيع أن يجبر نفسه على ما هو إيجابي، ويشرح صدره، وفي ذات الوقت يمكن أن يفرض على نفسه الكآبة هذا أمر معروف ومثبت، والتقلبات المزاجية من هذا النوع يجب أن يحد منها الإنسان حتى تتطور مستقبلا، وتصبح نوعا من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.

فيا أيها الفاضل الكريم أنت مدرك وأنت مستبصر، وقد أعجبني وصفك تماماً؛ لأنه وصف دقيق، فأنت ترصد مشاعرك بصورة دقيقة ومن خلال هذا الرصد انقل نفسك لشيء من الموضوعية والتفكير الإيجابي، وافرض على ذاتك فرضاً أن تكون متوازناً في مزاجك، والتوازن في المزاج مطلوب حتى لو ادعى الإنسان الانشراح في بعض الأوقات فسوف تتطبع نفسه وتتواءم مع هذا الوضع الجديد، وتسير عليه، الذي أنصح به هو أن تطلق لعقلك العنان وليس للمشاعر فقط، اجعل هذه المشاعر تحت الإدراك، وتحت الانضباط الذاتي، واعرف تماماً أن التقلبات المزاجية تبعاتها ليست سليمة وليست صحيحة، والانشراح المفرط لا داعي له، وكذلك الكبت والكدر لا داعي له أبداً، فكن متوازناً -أيها الفاضل الكريم- أسع لذلك وأعتقد أنك تملك القدرة والآليات التي يمكن أن توصلك لذلك.

نصيحتي أيضا أن تكون معبراً عما بداخل نفسك، في بعض الأحيان يبني الكتمان في داخل النفس، ويؤدي إلى احتقانات قد لا نستطيع أن نواجه بها أناسا معينين، ومن ثم نسقطها على آخرين، ونعتقد أننا نتصرف تصرفاً صحيحاً، لكن ليس هذا صحيحاً، فالتوازن في التعبير عن الذات، وتجنب الكتمان، والمعقولية في التواصل مع الآخرين هو المطلوب.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وبارك الله فيك، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً