الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخت تعاني من وسواس الرطوبة عند الوضوء والصلاة، فماذا عليها أن تفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

هناك أخت تسأل أنها من كثرة ما كانت تخشى أن تنزل رطوبات عند الوضوء والصلاة أصبحت تشعر دائماً بأشياء من الأمام مثل خروج الغازات أو كأن شيء ينزل، وعندما تنظر لا تجد شيء وهكذا كثيراً، وبتوفيق من ربنا قررت أنها لن تنظر رجعت تشك جداً أنه يوجد شيء ينزل فرجعت تنظر لكن بشكل أقل، وأصبحت الصلاة بها بعض المشقة، وأيضاً كانت تشعر في بعض الأحيان ببلل فتنظر فلا تجد لأنه في داخل فرجها ولم ينزل بعد، فأصبحت قبل الوضوء إن شعرت ببلل تمسح داخل فرجها لأن الاستنجاء يتعبها، فهل يسمح لها أن تعمل برأي ابن حزم في هذه الفترة حتى يمن الله عليها بزوال الوسواس؟ علماً بأنها أساساً مقتنعة بفتوة ابن حزم؟

وجزاكم ربي خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

نحن ننصح هذه الأخت إذا أرادت أن تخلص نفسها من هذه المشقة وتدفع عن نفسها هذا الحرج الذي جاءت الشريعة السمحة برفعه عن المكلفين، إذا أرادت ذلك فإن عليها أن تُعرض عن الوساوس تمامًا، فإن الوساوس داءٌ مستطير وشر عظيم إذا تسلطت على الإنسان أفسدت عليه دينه ودنياه، وأوقعته في أنواع من المشاق والحرج الذي لا يريده الله سبحانه وتعالى لعباده، ولا علاج لهذه الوساوس مثل الإعراض عنها، وقد جرب الموفقون هذا الدواء فنفعهم نفعًا عظيمًا - بإذن الله تعالى - .

وعلى هذه الأخت أن تدرك تمام الإدراك أن الطهارة لا تنتقض إلا إذا تيقن الإنسان الناقض وحصل له الجزم بأن شيئًا قد خرج منه، بحيث يستطيع أن يحلف يمينًا أنه قد خرج منه شيء، أما مجرد الشك بخروج الشيء فإن ذلك لا ينقض الوضوء، فإذا شكت بأنه قد خرج منها شيء فعليها أن تبني على اليقين حتى يعافيها الله سبحانه وتعالى من هذه الوسوسة.

ومما يعينها على ذلك أن تُدرك تمام الإدراك أن الله سبحانه وتعالى لا يُحب هذا النوع من الورع والاحتياط في الدين، وأن هذا السلوك إنما يزينه الشيطان لبعض الناس ويبرره لهم بالاحتياط لدينهم والحرص عليه، حتى يجرهم إلى الوقوع في هذه المشقة التي يكرهون معها العبادة، وقد يُوصلهم إلى تركها بالكلية، والله سبحانه وتعالى جعل دينه يسرًا، وأرسل نبيه - صلى الله عليه وسلم – رحمة للعالمين.

ومن يسر الدين وسهولته أن جعل الأصل هو البناء على اليقين، فعليها أن تعمل بهذا، وهو علاجها ودواؤها بإذن الله.

وأما إذا تيقنت خروج الرطوبة من الفرج إلى الخارج يقينًا جازمًا فإن عليها أن تتوضأ، لأن رطوبات الفرج وإن كانت طاهرة في نفسها إلا أنها ناقضة للوضوء، وهذا مذهب جماهير الأمة، وابن حزم - رحمه الله تعالى – لم يسبقه أحد إلى القول بأن رطوبات الفرج إذا خرجت لا تنقض الوضوء، ومن ثم فإنه لا يسوغ العمل بقول ابن حزم في هذه المسألة، ولكنها لا تحتاج إلى هذا كله، فإن ما تعانيه إنما هو مجرد وساوس، ومما يعينها على ذلك أن تُعرض عن التفتيش والبحث هل خرج منها شيء أو لا، وأن تعلم بأن هذا سلوك لا يحبه الله، فإذا استمرت على هذا الإعراض فإنها ستُشفى - بإذن الله تعالى – مما تجد من وساوس.

نسأل الله تعالى أن يُقدر لها الخير، وأن يتولى أمرها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً