الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذكريات سيئة في عملي السابق وأريد تغييره...فماذا يمكن أن أعمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية طيبة، وبعد:

أنا شاب مصاب بحالة فصامية أو ذهانية، لا أعاني من أي أعراض موجبة أو سالبة.

فقد انتهت الأعراض الموجبة بعد بدء العلاج، وانتهت الأعراض السالبة التي وقعت فيها بسبب الدواء، وليس بسبب المرض.

انتهت الأعراض منذ شهرين تقريبا، والآن أنا أتواصل اجتماعيا، وأحضر المناسبات، وأهتم بنفسي جدا.

أريد أن أعمل، ولكن لا أدري ماذا يمكن أن أعمل، فلدي خبرات سيئة جدا في عملي السابق كمهندس، وأريد أن أغير مجالي، فماذا يمكنني أن أفعل؟ وكيف أختار المجال الجديد؟ وما سر النجاح أو خطوات النجاح في العمل؟ فتركيزي في رؤية الأشياء ضعيف.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الطريقة التي كتبت بها رسالتك تجعلني مطمئنًا تمامًا إلى أن مقدراتك ممتازة جدًّا، وأنت بالفعل أهلت نفسك من الناحية العلاجية، -فالحمد لله تعالى- على هذه النعمة العظيمة.

وأنت ربما تكون مثالاً حيًّا على أن مرض الفصام ليس كله سيئًا كما يعتقد بعض الناس، لذا يلجأ الآن الكثير من المختصين إلى اعتبار الفصام ليس علة واحدة، والبعض يميل لاستعمال لفظ (الفصاميات)، ونعرف تمامًا أن اكتساب المهارات في سن مبكرة – مثلاً – يساعد كثيرًا في مقاومة مرض الفصام والأمراض المشابهة، كما أن التعليم والتواصل الاجتماعي كلها مهارات تقلل كثيرًا من حدة المرض.

جزاك الله خيرًا (أخِي) على تفكيرك في أمر العمل، لأن العمل هو أفضل وسيلة للتأهيل، ونعرف تمامًا – ومن خلال أبحاث كثيرة – أن مريض الفصام لا يتحمل ما نسميه بالضغط النفسي، أو الاستشعار الاجتماعي الشديد، وفي ذات الوقت خفض التفاعل الاجتماعي وإضعاف التواصل والاستشعار، وعدم العمل يؤدي إلى تمكين المرض.

إذن مريض الفصام يحتاج إلى وسطية، يحتاج إلى أن يتفاعل اجتماعيًا في حدود المعقول، ويحتاج لأن يعمل في محيطٍ ليس فيه الكثير من الضغوط، هذا هو الوضع المثالي، قد لا يوجد لكن الإنسان يسعى نحو ذلك، وأنت - أخي الكريم – رجل مؤهل، مهندس، وهذه مهنة محترمة جدًّا.

أنا حقيقة أقول لك: لا تغير مجال عملك، نعم التجارب السابقة حتى وإن كانت فيها شيئا من السلبية فهي خبرات وعبر وليس أكثر من ذلك، وليس من الضروري أبدًا أن يحمل المستقبل نفس ما يحمله الماضي، أقدِم على الموضوع بفكر جديد وترتيب جديد، وتخير لنفسك عملاً مناسبًا، ودائمًا حين يذهب الإنسان إلى المعاينات للعمل يجب أن يسأل عن الوصف الوظيفي – هذا مهم جدًّا – ويطلع على الوصف الوظيفي، فأنت ابحث عن عمل، وتأكد من وصفه الوظيفي، ما هي واجباتك؟ ما هو المطلوب منك فعله؟ كيف ستساهم في تطوير مهاراتك والعمل بأمانة وإتقان؟

هذه هي الأسس الرئيسية التي أنصحك بها.

إذن اختيار المجال الجديد، أو العمل الجديد، والذي أفضل أن يكون في مجالك – في مجال الهندسة – يعتمد على التدقق والتحقق من الوصف الوظيفي، هذا هو سر النجاح.

ثم الإقدام على العمل بصدق وأمانة، هذا مهم، وهذا سر النجاح، والإنسان لابد أن يشعر بوجود سلطات رقابية عليه في عمله، وهذه السلطات أربعة: السلطة الأولى والأعظم هي استشعار الإنسان الخوف من الله تعالى فيما يخص أداء عمله، هذه السلطة الإلهية العظيمة – إن جاز التعبير – من يعتمد عليها سوف يجيد عمله.

السلطة الثانية هي القوانين التي يفرضها صاحب العمل، والسلطة الثالثة هي سلطة المجتمع، فالمجتمع يفرض علينا قوانينه فيما يخص العمل، والسلطة الرابعة هي سلطة الذات، أي أن أراقب نفسي، لذا تجد بعض الذين لا يؤمنون بأي دين، وليسوا بمسلمين ولكنهم يتقنون أعمالهم إتقانًا ممتازًا، وذلك لأن لديهم رقابة ذاتية على أنفسهم، ويقدرون أيضًا ضوابط العمل.

فالإنسان الذي يأخذ هذه الأسس في أدائه لعمله - أو إدارة حياته بصفة عامة – هذا هو مفتاح النجاح الأكبر.

فوددت - أخي الكريم – أن ألفت نظرك لهذا، وأنا على ثقة تامة أنك - إن شاء الله تعالى – سوف تنجح في محيط العمل ما دامت الفكرة موجودة والرغبة موجودة، والعمل فيه الكثير من التأهيل لك فيما يخص حالتك التي نسأل الله تعالى لك التعافي والشفاء منها.

التركيز يتم أيضًا من خلال ما ذكرته لك، وبالتفكير الإيجابي، وممارسة الرياضة، والقراءة بتمعن وتدبر، خاصة القرآن الكريم يحسن كثيرًا من التركيز.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً