الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحقق طموحي بعيدة عن نقد أهلي وحسد صديقاتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع المتميز, ثم أتقدم بخالص التقدير والشكر والاحترام للدكتور محمد عبد العليم, جعل الله هذا الموقع في ميزان حسناتكم, وزاده به في الجنة درجات, فأنا صاحبة الاستشارة (2147624) وبحمد الله تم إرسال الإجابة, وبدأت في تناول الدواء.

فهذا أول يوم لي بدأت فيه متوكلة على الله, وواثقة في الموقع, وبالدكتور محمد عبد العليم, وبداخلي أمل كبير, ورغبة هائلة في الشفاء, ولكني سأثقل على حضراتكم ببعض الاستفسارات, أتمنى أن تعذروني, فأنا متأملة فيكم خيرا.

أولا أود أن أسأل: في أول يوم لي مع الدواء شعرت -عندما استيقظت- بدوخة شديدة, وعدم اتزان, وهبوط قليل, وألم في مؤخرة الرأس, وثقل فيه, فهل هذا طبيعي؟ وهل سيزول مع الأيام مع التعود على الدواء؟ ثم أتمنى من سيادتكم أن توضحوا لي الأسباب التي يمكن أن تكون قد أدت بي إلى هذه الحالة.

مع العلم أني شخصية حساسة جدا, ومتعاطفة مع كل الناس, وخدومة, وأحب العمل والمساعدة, ودائما نشيطة, ولا أحب الفراغ, فأنا أكره الإجازة حقا, وأخاف منها لأني دائما أمرض فيها, لا أعلم هل هو بسبب الفراغ أم أنه قدر فحسب؟

ثم أود أن أخبر حضراتكم بشيء, وهو أن لدي في حياتي الكثير من المشاكل التي أحاول التغلب عليها, ولكن لا أستطيع, ويمكن أن تؤدي بي إلى هذه الحالة, أكبر مشكلة هي أمي, فأنا بفضل الله ملتزمة, وأحفظ القرآن, وأحاول أن أرضي أمي وأبرها, ولكنها لا تعطيني فرصة أبدا, فهي عصبية جدا, وتحب كل شيء مظبوط ومنضبط, وأن نفعله مثلها تماما, ولكننا صغار, ولسنا على دراية كافية مثلها.

كما أني كما ذكرت في الاستشارة -والحمد لله- ذكية, ومثقفة, ومتدينة, وأحاول الترقي والتحضر, أما أمي فبسيطة جدا, فهي لا تفهمني دائما, وتدفعني للجنون وعصيانها, ثم أرجع فأندم, وألوم نفسي, وهذا يؤثر فيّ, كما أني أحزن كلما وجدت أما تتعامل مع ابنتها باحترام وهدوء, مع أنها حنونه جدا, وأنا أحبها جدا.

حقيقة كل من حولي لا يفهمونني على الإطلاق, فأحس أني غيرهم, وللأسف عندما أكون مع الناس في بعض الأحيان لا أتحدث؛ لأنى أحس أن حديثهم تافه, ولا يهمني, فأنا منشغلة بأفكار أخرى, والله أفعله على سبيل السجية والطبيعة, ولا أفكر في ذلك, وكلما فكرت مع نفسي احتقرها وأعدها مغرورة, ومتكبرة.

ثم إن هناك مشكلة أخرى حديثة العهد: فمنذ حوالي سنة تعرفت على صديقه جديدة, تحبني أكثر من نفسها؛ لذلك فهي تخنقني وتضغط علي, ودائما تغضب لأني أكلم بقية الأصدقاء, أو ما شابه ذلك, وأنا بطبعي كتومة, فلا أحكي لها أسراري, وهي تحزن, وأنا أحاول إرضاءها, مع العلم انها من المتفوقات, ومن أكبر منافسي على الإطلاق, ومستواي الاجتماعي أعلى منها بقليل, وأمي وأبي يعطياني حرية هي لا تتمتع بها, فأحس أنها تغار مني, وتحقد علي في كل شيء, حتى في الدراسة.

أنا أحب دائما أن أكون الأفضل, وتعودت أن أكون كذلك, لكن بعد أن قل تركيزي, وقل مستواي بدأت أشعر بالإحباط, واليأس, والغيرة الشديدة, والحزن الدائم, ومنذ أن صادقتها انقلبت حياتي جحيما, فهي معي دائما, وتتفوق علي, فأنا أحترق من الحزن والغيرة, كما أنها تسرق مني كل شيء جيد في حياتي, فهي وإن كانت متفوقة لكن تفكيرها محدود, وبسيط, وتنبهر بي, وتقلدني في كل شيء, وأنا لا أتحمل هذا, فما نصيحتكم؟ هل بعدي عنها سيفيدني في حياتي وعلاجي؟ أم ماذا.

ثم أحدثك عن خوفي, فأنا أخاف خوفا شديدا من الظلام, ومن الجلوس لوحدي, ومن الجن, ومن الكلام عن الموتى, مع أني لا أخاف الموت, وأعلم أنه آتٍ, وأحاول الاستعداد له, ودائما أعلم أني مع الله, ولن يصيبني أذى, ولكن لا أعلم ما هذا الخوف, فهو أحيانا يعوق حياتي, وأحيانا يحرمني النوم, ما نصيحتكم لي؟ وما هو سبب ذلك الخوف؟

ثم تأتي مشكلة كثرة التفكير والطموح, فأنا عقلي يعمل 24ساعة, ولا يتوقف عن التفكير في كل شيء, خصوصا في المستقبل, فطموحي كبير جدا, وأخاف من عدم تحقيقه, ولا أعلم ما هي الوسائل والطرق الصحيحة له, فطموحي أن أكون مثل اينشتاين, هل أنا هكذا خيالية وسأصطدم بالواقع؟ أم أننب يمكنني تحقيق هذا الحلم؟

وأيضا أفكر في زوجي المستقبلي, وكيف ستكون حيتي معه سعيدة, وسيحبني ويحترمني, وأضع له مواصفات عديدة, وأفكر في أولادي كيف سأرعاهم, وأعدهم لكي يكونوا قادة المستقبل, وذخرا للإسلام, ولكن لا أعلم كيف سأحقق هذا, مع كوني عالمة ومشغولة بالبحث والعلم, ما نصيحتك لي؟ وفي أي شيء أفكر الآن؟ وكيف أنظم تفكيري؟

ثم أود أن أسأل: هل للدواء تأثير عل ذكائي, وعقلي في المستقبل مع هذه المدة الكبيرة, أو على معدتي؟ وهل يمكن أن أتناول المسكنات, أو أدوية البرد معه؟

أرجوك حدثني حديثا علميا عن مرضي, وعن أسبابه, وهل سأشفى تماما ولن تعود هذه الحالة أبدا, أم أنها ستلازمني؟ وهل سأعود متفوقة بعد العلاج؟

ثم لك في النهاية مني أرق تحية, وأجل تقدير, وكل الأسف على الإطالة, لكني فعلا أحتاج إليكم, فما زال بداخلي الكثير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك كثيرًا على كلماتك الطيبة في حق هذا الموقع وشخصي الضعيف، فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

بالنسبة لتأثيرات الدواء أرجو ألا تنزعجي أبدًا، فالآثار الجانبية من هذا النوع عادية جدًّا، والناس تتفاوت حقيقة في درجة تحملها للأدوية، فنستطيع أن نقول أن أربعين إلى خمسين بالمائة من الناس يشعرون بالأثر الجانبي للدواء في اليومين أو الثلاثة أيام الأوائل، بعد ذلك تختفي هذه الآثار وبصورة تدريجية، فأرجو ألا تنزعجي، وأرجو ألا تتوقفي عن الدواء.

وهنالك من العلماء من قال: إذا كان الدواء ليس له أثر جانبي فهذا يعني أنه ليس له أثر علاجي, هذه المقولة ربما تكون صحيحة، ومن وجهة نظري هي مطمئنة جدًّا.

بالنسبة لموضوع علاقتك مع والدتك: لا أحد يستطيع أن يعيش حياة متوائمة توائمًا كاملاً حتى مع أقرب وأحب الناس إليه، وموضوع الفجوة الجيلية ما بينك وبين والدتك لا بد أن نعترف بهو ولا بد أن نقدره، وأنا أعتقد أنك تمتلكين القدرة واللباقة والكياسة التي تقلل من هذه الفجوة, تقرّبي إلى والدتك، أجدي لها العذر فيما تريه غير ملائم من تصرفات، وفي ذات الوقت يجب أن تسألي نفسك: أنت في بعض الأحيان ربما تكوني لستِ على صواب, هذا أيضًا يخفف عليك كثيرًا، وحقيقة يجعل قبولك للوضع والتكيف معه وتقليل درجات التباين بشكل واضح.

بالنسبة لعلاقتك مع هذه الصديقة: أنا لا أؤيد أبدًا أن يحتكر أي إنسان إنسانا آخر، لا في صداقة, ولا في علاقة, ولا في مال، هذا أمر خطأ وليس جيدًا وليس صحيحًا, هذه الصديقة ليس من حقها أن تحتكرك, أنا لا أقول لك ابتعدي عنها أو بادري بالخصومة، لكن يجب أن تعرف وأن تعلم أنك لديك مساحتك وحريتك الخاصة، لديك استقلاليتك، لا يمكن أبدًا أن تتماهى شخصيتك التماهي والتطابق الكامل معها, هذا أمر مهم، ومفهوم، ويجب أن تعمله هذه الصديقة، وعلى ضوء ذلك أرجو أن تحددي موقفك.

بالنسبة للأفكار التي تختلجك وتزعجك بعض الشيء حول المستقبل وما سوف يؤول إليه, والزواج, وتربية الأطفال: هذا تفكير مشروع جدًّا, وتفكير طيب يدل بالفعل على وجود الطاقات النفسية الذاخرة التي تتمتعين بها، لكن المبدأ هو أن يعيش الإنسان الآن حاضره بقوة, والمستقبل بأمل ورجاء، والحياة تعيشيها بقوة من خلال التسلح بسلاح الدين والعلم والمعرفة، هذا هو المطلوب في هذه المرحلة العلمية، ومن ثم سوف تجدي أن الأمور تسير تلقائيًا وبالتدرج، وكل مرحلة في الحياة يجب أن تكون لها متطلباتها التي يجب أن نوفيها حقها، لا يستطيع الإنسان أبدًا أن يتخطى من مرحلة إلى مرحلة أخرى دون أن يمر بخبرات وتجارب ومهارات معينة.

فأرجو ألا تنزعجي أبدًا، هذا النوع من التفكير فيه شيء بالطبع من الخيال وفيه شيء مما يسمى بأحلام اليقظة، وفي مثل عمرك هو أمر نشاهده كثيرًا، وغالبًا منافعه أكثر من ضرره.

الدواء لا يتعارض أبدًا مع المسكنات أو أدوية البرد، وكذلك المضادات الحيوية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تركيا احمد

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    انا احمد وعمري 16.5 انا اقتنعت بهذا الكلام وشكرا لكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً