الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي أصيب بنوبة جنونية وأصبح عدائياً.. فكيف نتصرف معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي أخ، في الـ19 من العمر، أصيب في الآونة الأخيرة بنوبة جنونية، فأصبح يهذي، وترك جميع الطاعات من صلاة وصيام، وأصبح يقوم بتصرفات غريبة، ومع مرور الوقت أصبح عدائياً، لدرجة أنه حاول قتلنا مرات عدة لولا الله ثم تدخل بعض الجهات مثل الشرطة.

المهم، أخي في فترة هذيانه قام بإحضار كلب -أعزكم الله- وأقسم أنه إذا أخرجه أحد من البيت سينال عقابه على يده، المهم بعد محاولات كبيرة استطعنا إدخاله للمستشفى من أجل العلاج، وظلت مشكلة الكلب في البيت فنعلم أنه لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب.

تحدثت مع الوالد وبقية الأسرة أن نقوم بإخراجه، لكنهم رفضوا خشية أن يخرج من المستشفى ولا يجده فيقيم حربا في البيت، المهم قمنا بسؤاله فكان مصراً على كلامه وأنه إذا أخرجه أحد فعقابه على يده، والآن نحن في مشكلة لا نريد العيش مع هذا الكلب، وليس هناك مكان نضعه فيه حتى يخرج أخي، وخائفون إن أخرجناه وقدر الله وشفي أن يقوم بأمور لن نحتمل عقباها لعدم قدرتنا على مواجهته لا فكريا ولا بدنياً.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فريزة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فنسأل الله تعالى لأخيك العافية والشفاء، ونشكرك على اهتمامك بأمره.

لا شك أن هذا الأخ – شفاه الله – مريض، فالأعراض التي يعاني منها والتي ذكرتيها بصورة جلية تدل بالفعل أنه يعاني من اضطراب ذهاني عقلي، ومثل هذه الحالات بفضل من الله تعالى تستجيب للعلاج بصورة جيدة.

المريض في هذه المرحلة – أي مرحلة حدة الأعراض – يكون غير مستبصر، وغير مرتبط بالواقع، ولا يحكم تصرفاته وأقواله أي نوع من المنطق، لذا معاندته في أفكاره ربما تكون أمرًا غير جيد، بل على العكس تمامًا إذا حاولنا أن نطبق معه المنطق هذا سوف يزيد من عنفه، لذا نقول دائمًا للناس: حاولوا أن تتجنبوا المواجهات قولاً وفعلاً.

لذا: الذي أراه أن هذا الأخ يجب أن يظل في المستشفى لأطول فترة ممكنة؛ حتى يتم علاجه على أسس قوية، وبعد أن تنتهي فترة العلاج الداخلي (المستشفى) تبدأ بعد ذلك متابعته على مستوى العيادات الخارجية، وهذا النوع من المرضى إذا حرصنا وتأكدنا أنهم يتناولون العلاج فستكون النتائج ممتازة جدًّا إن شاء الله، لكن الغفلة عن تناول العلاج قد تسبب إشكالاً كبيرًا،هذا الأمر يجب أن نحتم عليه.

وإذا كان المريض يرفض تناول الحبوب، فأولاً يتعاون في ذلك، وإذا كان ليس لدينا ضمان أنه بالفعل يتناولها، هنا يتم إعطاء هؤلاء المرضى إبراً، ويوجد نوع من الحقن الزيتية طويلة المدى، فهنالك إبر تُعطى كل أسبوع، أو كل أسبوعين، أو حتى كل أربعة أسابيع، وهذه معلومة جدًّا للأطباء.

إذاً: المهم جدًّا في حالة هذا الأخ: أن يكون هنالك برنامج علاجي شامل لحالته.

من موضوع الكلب وإصراره عليه، فأعتقد أن هذا الأخ بعد أن يُعالَج من حالته الذهانية العقلية هذه سوف يستبصر الأمور بصورة أفضل، وسوف يكون أكثر ارتباطًا بالواقع، وهذا سوف يجعله يقتنع - إن شاء الله تعالى – بأن هذا الكلب لا داعي أن يكون موجودًا بالمنزل، وأن مضاره معروفة، والرأي الشرعي معروف، أعتقد أن هذا هو الأسلوب الذي يجب أن ننتهجه معه، أي يتم الانتظار حتى يُشفى أو على الأقل يكون مدركًا إدراكًا استبصارياً جيداً، ومن ثم يمكن مناقشته بشيء من اللطف وإقناعه بإبعاد هذا الكلب.

أعتقد أن هذا هو المنهج الصحيح، ومن المهم جدًّا أن يعالج هذا الأخ، هذه حقيقة أحتم وأكرر عليها كثيرًا لأنها مهمة؛ لأن العلاج ممكن، والأمر الآخر: أن المريض الذهاني حين (يتعانف) ويكون لديه شيء من العدوانية هذا يجب ألا نهمله أبدًا، لا يعني أن تعيش الأسرة تحت الخوف، لكن الأسرة يجب أن تتخذ إجراءات عملية، وأكثر إجراء عملي هو أن نضمن أنه يتناول العلاج، والأدوية الحديثة - الحمد لله تعالى- تكبح جماح العدوانية والعنف لدى هؤلاء المرضى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً