الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب شديد وقلق وخوف، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 30 سنة، عانيت من اكتئاب شديد وقلق وخوف عند زواجي خوفاً من الفشل، ثم صاحبه ضيق في الصدر وعدم قدرة على التنفس، ولكن بعد ذهابي إلى دكتور أعطاني مقويات وتجاوزت هذه الحالة، وبعد فترة عاودني المرض وبشدة وأصبحت لا أقوى على مواجهة الناس، وإذا ذهبت إلى دوامي فإني أواجه ضغطاً وضعفاً شديدين.

علماً بأني مدرس ذو شخصية قوية وعلمية عالية، لا أستطيع تحملهما، وهذا الاكتئاب والقلق ناتج من علمي بوجود مجموعة من الطلاب يسخرون بطريقة ما مني، ولكن بعد ذهابي إلى دكتور نفسي أعطاني دواء باروكسيتين 20ml وتوفرت ظروف نقلي إلى مدرسة أخرى فأحسست بأني شفيت تماماً من هذا المرض، ولكن بين فترة وأخرى يعاودني المرض في فترة دوامي لقلقي وخوفي من السخرية، ويشتد عندي الخوف والقلق والاكتئاب.

رجعت إلى الطبيب فأعطاني سيتابرام، وعند بداية أخذ هذا العلاج ظهرت عندي أعراض لا أستطيع تحملها فرجعت إلى الدكتور فأرجعني إلى الباروكسيتين، وأنا أتناوله منذ أربعة أيام، وأحس بتحسن بطيء، ولا أعاني من أي أعراض جانبية.

سؤالي هو: هل يمكن أن أشفى من هذا المرض تماماً، وأعاود حياتي الطبيعية؟ وما هي الفترة التي أستمر فيها على هذا الدواء؟ وما هي نصائحكم إذا عاودني هذا المرض مع استمرار العلاج؟

ساعدوني جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

توجد عدة أنواع من الشخصيات ذات الطابع القلقي والمنضبطة والمثابرة، والتي تعمل في تسابق مع الزمن ومع ذاتها، وهذه الشخصية نسميها بالشخصية (أ).

أرى أن لديك هذه السمات، هذه الشخصية دائمًا تكون شخصية ناجحة، لكنها عُرضة للتوترات وللقلق، وربما يجد الإنسان صعوبة في التواؤم مع نفسه ومع من حوله.

أيها الفاضل الكريم: موضوع الفكر السلبي وتخوفك من الطلاق وقد يسخرون منك، أرجو أن تزيل هذه الفكرة، وتبني لديك فكرة مخالفة، أنت تقوم بدور المعلم، وهذه مهنة ممتازة ومهنة عظيمة، لكن بكل أسف أصبحت لا تُقدر كثيرًا في هذا الزمان.

قم بواجبك على أفضل ما يكون، انظر إلى الطلاب دائمًا على أنهم أبناؤك لا تؤاخذهم فيما يبدر منهم من تصرفات غير سليمة، لكنها مقبولة لأعمارهم.

نصيحتي لك أيضًا أن تحاول أن تخفف على نفسك، وذلك بألا تحمل هموم العمل معك حين تكون ذاهبًا للبيت، التناسي ليس سهلاً، والإنسان يقظ الضمير تجده دائمًا يحمل هموم العمل معه أو هموم البيت إلى العمل، وهكذا.

حاول أن يكون هناك فاصل أو جدار نفسي يفصل ما بين الاثنين، والإنسان الذي يؤدي عمله بصورة ممتازة غالبًا لا يحمل همومه معه في المنزل، وأحسبك من الذين يؤدون أداء متميزًا.

أنا أريد أن أنصحك بأن تحرص على تطبيق تمارين الاسترخاء، هذه التمارين مفيدة وجيدة، إذا دربك أحد الأخصائيين النفسانيين عليها فهذا هو الأفضل، وإن لم تكن هنالك إمكانية لذلك فأرجو أن ترجع إلى الاستشارة التي أعدتها إسلام ويب تحت رقم (2136015) علَّك تجد فيها ما يفيدك.

ممارسة الرياضة أيضًا أعتبرها من الأساسيات والضروريات التي تعدل كثيرًا في النماء النفسي للذين يحملون سمات الشخصية (أ).

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا مانع أن تتناول عقار باروكستين، فهو دواء ممتاز جدًّا، والذي أتصوره أنك تحتاج لجرعة وقائية أكثر من حاجتك للجرعة العلاجية، والجرعات الوقائية يفضل أن تكون لفترات طويلة نسبيًا، خاصة إذا كان الإنسان لديه القابلية والاستعداد والميول لأعراض نفسية معينة.

أنت بدأت الباروكستين من مدة قصيرة، وهذا لا نتوقع أن تكون هنالك فائدة حقيقية من هذا الدواء في هذه المرحلة، فوائد هذه الأدوية قد لا يحس بها الإنسان إلا بعد الأسبوع الرابع - أقصد الفوائد الحقيقية للدواء - فاستمر عليه.

أنت لم تذكر لي الجرعة، إن كنت بدأت بنصف حبة فاستمر عليها – أي عشرة مليجرام – أكملها لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفعها إلى حبة كاملة.

أما إن كنت بدأت بحبة كاملة فاستمر عليها يوميًا وبكل التزام لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا.

بعد ذلك تناول حبة كل يومين ونصف حبة كل يومين أيضًا، بمعنى: في اليوم الذي تتناول في حبة واحدة تناول في اليوم الذي يليه نصف حبة، وهكذا.

استمر على هذا النظام لمدة شهرين، بعد ذلك تناول نصف حبة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم نصف حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر.

التدرج في التوقف عن الباروكستين دائمًا يعطي فرصة أحسن لعدم الانتكاسة.

إن شاء الله تعالى المرض لن يعاودك، وإن حدث لك شيء من التوتر فأرجو ألا تعتبره مرضًا، هذه سمات من سمات شخصيتك، وأنا على ثقة تامة أن الأمور سوف تسير على ما يرام - بإذن الله تعالى –

حياتك الآن - إن شاء الله تعالى – طبيعية، وأنا بالطبع أتفهم وأقدر، لا أقول مطامعك، إنما آمالك في أن تعيش حياة سعيدة مستقرة، وهذا - إن شاء الله تعالى – حق متاح بالنسبة لك.

أرجو أن تتبع ما ذكرته لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً