الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أجد انسجاما مع زوجي، وذلك لعدة أسباب، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي أني متزوجة كزوجة ثانية ولم أجد انسجام مع زوجي البتة للأسباب التالية:-
1- شحيح في النفقة ويحاسبني على كل شيء.
2- يرفض أي إصلاح في البيت أو تغيير إلا ما دعت الضرورة الملحة له.

3- طبعه غريب أصنع ما أتوقع محبته له، وأتفاجأ بردة فعل قاسية.

4- يطاردني في البيت على كل ورقة ساقطة يجدها وعلى ذرات الغبار على الدواليب وغير هذا، فدخوله في البيت أصبح يسبب لي حالة حرج شديدة وخوف.

5- لا يقبل المناقشة البتة في أي موضوع كان، ويعتبرها سوء احترام له ويرغب مني السكوت عن كل شيء أواجهه مهما بلغ.

6- يرفض دخول أولاد أخواتي لبيتي مع أنهم صغار ويهددني بمنعهم من زيارتي لأسباب تافهة.

7- يصدق كل ما تقوله ضرتي في، ويشعرني بثقته فيها بناء على طول العشرة ويصفني دائما بالكذب والمبالغة.

8- جلوسنا مع بعض إما يتحدث مع أصدقائه بالجوال، أو يستمع لطرب وموسيقى المسلسلات، أو يتحدث معي بسخرية يبالغ ويكذب وهكذا.

9- لا يريد من ولدي أن يمس شيئا ويعتبر كل ما حوله خطير عليه، وتمضي الساعات وأنا ممسكة بيد ولدي لا يتناول شيئا؟

10- يريد مني أمور لا أحبها بالنسبة للجنس، ولا يحب دونها في مقابل أنه لا يبادلني شيئا من ذلك حتى تتحرك رغبتي في ذلك.

11- لا يثق بما أقول.

12- يضطرني لمخالطة زوجته الأولى في بعض المشاوير بالرغم من نفورها مني.

13- لا يحب أن يسمع صراخ ولدي بالليل، ولا غير ذلك، ولا يحب أن يراني منشغلة به.

وغير هذا، أرجو نصيحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وبعد.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

بداية نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، وحقيقة كم تمنينا لو عرفنا كم هي المدة التي أنت زوجة له، وأعتقد أنه طالما لك طفل، فيبدو أنك في السنوات الأولى، وأنت بحاجة لأن تتعرفي أكثر وأكثر على هذا الرجل، وعليك كذلك أن تتعاملي معه بعد أن عرفت الصفات التي عنده والأشياء التي يهتم بها، والأشياء التي يحبها، والأشياء التي يبغضها، أن تركزي على الأشياء المحبوبة، وتتجنبي ما يثير غضبه، وهذه حقيقة نظرية هامة وفلسفة في التعامل مع أي زوج، كالرجل الذي دخل على زوجته، وقال لها (إني سيئ الخلق)، فقالت له: (أسوأ سوءًا منك مَن يُلجئك إلى سيئ الخُلق)، وكانت هذه أشبه بطبيب نفسي عميق المعرفة؛ لأنها تفادت ما يُغضبه وما يثير غضبه، فعاشت معه في سعادة.

ولذلك نحن نعتقد أن المرأة تستطيع أن تعيش مع الرجل إذا تعرفت على نفسيته، إذا تعرفت على الأمور التي يُحبها، وتلك التي يتعقد منها، وتلك التي يُصاب فيها ما يشبه بالحالة النفسية، فعليها أن تتفادى كل ذلك، وأعتقد أن ذلك سيكون سهلاً إذا تخلى الإنسان عن عناده، إذا حاول أن يتماشى مع الأمور ويفوت بعض الأمور الصغيرة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، ويُلهمك السداد والصواب.

ومن هنا فنحن ندعوك أولاً إلى الصبر، وثانيًا: مواصلة الدعاء والتوجه إلى الله تبارك وتعالى، فإن قلب هذا الزوج بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

ثالثًا: أرجو أن تتجنبي ذكر الأخرى أبدًا، لا بالخير ولا بالشر، وعليك أن تطالبي بحقوقك المشروعة، ولا تحاولي أن تأتي بذكرها، ولا تتكلمي عنها، وإن تكلم عنها فلا تخوضي معه سلبًا في شأنها، فإن هذا هو المطلوب.

رابعًا: إذا أردت أن تطالبي بأي حق من حقوقك أرجو أن يكون ذلك مطالبة مباشرة؛ لأن بعض الزوجات تُخطئ، تقول: (مثل ما أعطيتَ فلانة فأعطني كذا، مثل ما جبتَ لفلانة تعطيني كذا) هذا غلط، هي زوجة ومن حقها أن تطلب ما تريد، وبعد ذلك يُلبي لها الزوج حسب استطاعته، فتبتعد عن المقارنة والكلام عن الزوجة الأخرى.

خامسًا: دائمًا اجعلي بيتك بيئة جاذبة، وحاولي دائمًا عندما يأتي – طالما هو يأتي في أوقات محددة – اجعلي الاهتمام به، والتركيز عليه والاحتفاء به، وحاولي أيضًا في الأمور المتعلقة بالجنس أن تكوني أنت المبادرة، وحاولي أن تُظهري مفاتنك عنده، وتبالغي في التزين له، ثم حاولي إفهامه في لحظات السعادة - قطعًا هناك لحظات يكون فيها طبيعيا وسعيدا - حاولي أن تُفهميه لحاجتك لبعض اللمسات الحانية والأمور التي تحتاجها الزوجة، وأحسبُ أن الزوجة المهم عندها هو أن تختار الوقت المناسب الذي يمكن للرجل أن يستمع إليها فيه، وهو الوقت الذي يكون الرجل بقربها يريدها ويريد أن يستمتع معها، تستغل تلك اللحظات بأسلوب لطيف، بأسلوب تُشعر فيه الزوج بقيمته، وأن تقدره، وأن تشكر ما عنده من إيجابيات، وأن تحاول أن تغوص في حياته.

سادسًا: ندعوك إلى أن تدخلي في اهتماماته، فإذا كان يُحب أشياء مشروعة وله اهتمامات بأشياء معينة مشروعة، فعليك أن تخوضي معه ليكون بينكما قاسم مشترك.

سابعًا: عليك أن تتعرفي بذكاء ما هي الأمور التي تفعلها الزوجة الأولى وأنت لا تهتمي بها ولا تلتفتي لها؛ لأن الزوجة الأولى فعلاً عاشت معه سنوات، وهي تعرف مواطن الضعف عنده وتعرف مواطن التأثير عنده، وهذا سيظهر لك أيضًا من خلال كلامه ومن خلال الثناء على بعض ما فيها، ولا تتألمي إذا أثنى عليها، فإنه إن كان منسجمًا معها مائة بالمائة لما تزوج بك ولما بحث عن زوجة أخرى، يعني هذا الأمر ينبغي أن يأخذ حجمه المناسب، فالرجل أحيانًا يذكر زوجته، ويذكر ما عندها من إيجابيات، ولكن السؤال الذي ينبغي أن يكون واضحًا: إذا كانت هذه الإيجابيات موجودة فلماذا أنت تركتها؟ لماذا بحثت عن أخرى؟ فهو ما جاء بك ولا تزوجك إلا لأن هناك نقصا، فحاولي أن تكوني إكمالاً لهذا النقص، وحاولي تفادي الأخطاء الموجودة، والاستفادة من الإيجابيات الموجودة في شَرِيكتِه الأولى من خلال لفتات لسانه ومن خلال عيشك معه.

كذلك أيضًا الاندماج معها إذا كانت هذه رغبة الزوج، فأنا أعتقد أن الأمر لا يكلفك كثيرًا، والمجاملة لن تكون صعبة، ودعيها هي التي تُظهر النفور، لكن أنت كوني طبيعية، فإن النفور متوقع منها، فأنت الدخيلة عليها، وأنت الجديدة على حياتها، وأنت التي ينبغي أن تحتملي هذه الأشياء، فإذن كل هذه الأمور ينبغي أن تعيدي النظر وتنظري إليها بعين أخرى، وبنظرة الإنسان الذي يريد أن يؤسس حياة سعيدة، الإنسان الذي يريد أن يحاول أن يتعايش مع الوضع.

الحياة الزوجية تحتاج إلى تنازلات من الطرفين، والإنسان لا يمكن بعد الزواج أن ينام في كل مكان يجده - في بيت أهله وعند أمه وأبيه - ولذلك لا بد أن يتأقلم، العبارة الدقيقة: المطلوب أن تتأقلمي مع هذا الوضع الجديد، ثم تحاولي بعد ذلك أن تصعدي بالإيجابيات وتضخميها وتركزي عليها قبل أن تُشيري إلى ما وُجد من سلبيات.

وكم تمنينا لو أننا نعرف ما هي الصفات المشتركة، يعني هل هذه الشكوى معروفة؟ هل أخوات الرجل يذكرن أنه حساس وأنه يريد الأمور مرتبة وأنه كذا؟ فقد تكون هذه صفة من صفاته، فلا تتعبي نفسك في تغييرها؛ لأن المفروض هو التأقلم والتعامل معها، وتفهم هذا الوضع الجديد، ليس المطلوب هو السعي في التغيير، لأن فكرة السعي في التغيير هي التي تؤجج المشاكل، فهو يريد أن يغيّرك - تكوني مثل الخاتم كما يقولون -وأنت تريدين أن تغيريه ليكون على مزاجك، هذا ليس فيه مصلحة، ولكن علينا أن ننمّي الإيجابيات، ونحاول بلطف التنبيه إلى السلبيات، نحاول أن نقدم بعض التنازلات ليكون الملتقى في المنتصف، ونحاول أن نفهم النفسيَّات، نحاول أن نفهم الخلفية التي ينطلق منها، فرق كبير بين الرجل الذي يتكلم بقناعاته والرجل الذي ربما يتلكم لأن هناك من يحرض وهناك من يُذكره بالسلبيات، وهناك وهناك، إلى آخر هذه الكلمات.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالحرص على طاعته، ونسعد بتواصلك مع الموقع حتى تتضح لنا الصورة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونكرر شكرنا لك على التواصل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً