الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اضطراب وجداني ثنائي القطب، ما التشخيص... وما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزى الله خيراً كل من يعمل بهذا الموقع ونشكركم على ما تقدموه من خدمة.

الموضوع: أعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطب مع أعراض انفصام، والعلاج المستعمل حالياً (ريسبيدال 2مغ، ديباكين 500، ويلبوترين 150 مجم)

التفصيل: ذهبت لدكتور قبل فترة، وأكد لي أني أعاني من ثنائي القطب، وليس فصاماً، لكني أشك بقدرات هذا الدكتور، إذ أنه لم يسألني أسئلة كثيرة، وكل الجلسة كانت أقل من 15 دقيقة، المهم الآن أعاني من أعراض فصام، فهل يمكن إضافة (كلوزبين) للعلاج بجرعة قليلة؟

الأعراض التي تظهر علي هي: (لخبطة) فكرية، (لخبطة) في التكلم مع الناس، أي شخص يقابلني يسألني ما بك؟! تجميع الكلام عندي ليس سهلاً، مجاراة الناس بالكلام والمهارات الاجتماعية لم تعد موجودة، أسمع الجرس يقرع ولا أجد أحداً، أرى في بعض الأحيان أشياء كأفعى كبيرة لكني أكون أعلم أنها غير موجودة، أغمض عيني وأفتحها أجدها غير موجودة.

عانيت شهوراً من هوس أمني، ظننت أنني مراقب وأن كل من حولي من الأمن يراقبونني، أعاني من هوس وأن كل من يتكلم يتكلم عني، وكل من يضحك بالشارع يضحك عني!

عندي اعتقاد يقيني بأن من ينظر بي يسرق طاقتي وأفكاري إن لم أكسر عينه بنظرتي له، فهل هذه لا تكفي لتكون بداية فصام؟ وهل أنا مضطر لأنتظر حالتي وهي تسوء حتى أبدأ بالعلاج؟ وهل يتعارض (الكلوزبين) مع الأدوية الأخرى؟ وهل ينفع أن أخذ (الكلوزبين) مع ميعاد الأدوية الأخرى، علماً بأني آخذ (الويلبوترين) صباحاً و(الرسبيدال والديباكين) مساءً.

أرجو الإفادة.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنك مدرك إدراكًا ممتازًا لطبيعة أعراضك وطبيعة حالتك، وأنا حقيقة لا أريدك أن تنزعج كثيرًا في موضوع التشخيص، لأن التداخلات ما بين الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية ومرض الفصام هي موجودة، وهنالك مجموعة تشخيصية معتبرة جدًّا تسمى بالفصام الوجداني – أو الوجدان الفصامي – نجد فيها أعراض الفصام، وكذلك أعراض الاضطراب الوجداني في ذات الوقت.

بالتأكد أقدر تمامًا مشاعرك ومستوى قلقك حول التحقق من التشخيص، وهذا له إيجابية عظيمة جدًّا، وهي على الأقل أنك سوف تكون ملتزمًا ومنضبطًا بالآليات العلاجية التي تفيد حالتك حسب تشخيصها.

لا شك أن الأطباء الذين قاموا بفحصك هم في وضع أفضل مني للوصول إلى التشخيص النهائي، وذلك لأسباب واضحة ومعروفة، لأن بناء الثقة العلاجية ما بين الطبيب ومريضه والمناظرات المتعددة والتقييم وإعادة التقييم مهمة.

أعتقد أن الطبيب الذي يقوم بوضع التشخيص من مقابلة واحدة ربما لا يكون منهجه صحيحًا، نعم نُدرك أن الخبرة مهمة والتعامل مع المريض يجب أن يكون فيه شيء من الاستعجال حتى يبدأ العلاج، لكن التأني أيضًا مطلوب والتدقيق أيضًا مطلوب.

الأعراض التي ذكرتها في رسالتك ليس أمامي إلا أن أقول هي أعراض فصامية، فاعتقادك بأن هنالك من يسرق طاقاتك وأفكارك، هذا فيه شيء من العرض الفصامي، لكن أيضًا هناك مكون وسواسي، وهو اعتقادك أنك إن لم تكسر عينه بنظراتك، هذا فيه شيء من الوسواسية، والوسواسية تعتبر شيئًا وجدانيًا أصلاً، وهذا يُحسّن - إن شاء الله تعالى – من مئال المرض.

اعتقادك الظناني بأن الناس يتكلمون عنك وكل من في الشارع يضحك عليك: لا شك أن هذه أفكار زوارية – أي أفكار بارونية ظنانية – لكن في دراسة معتبرة جدًّا أوضحت أن 12 إلى عشرين بالمائة من الذين يعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية يعانون من أعراض فصامية حقيقية.

لذا ذكرت لك في بداية هذه الرسالة أن الأمر فيه شيء من الضبابية في بعض الأحيان، والآن وبفضل الله تعالى الموجهات العلاجية متشابهة لدرجة كبيرة ما بين الحالتين.

أهم نصيحتي لك هي أن تتابع مع الطبيب، المتابعة هي خير سلاح وطريقة ووسيلة لهزيمة هذه الأمراض.

بالنسبة لموضوع عقار (كلوزابين): مع احترامي الشديد لمشاعرك إلا أني لا أُقر ولا أؤيد أبدًا أن تبدأ في تناول الكلوزابين، الكلوزابين دواء خاص جدًّا، له مواصفات خاصة جدًّا، وله بروتوكولات للاستعمال خاصة جدًّا، ولابد أن يكون استعماله تحت الإشراف المباشر من جانب الطبيب النفسي، لأن هذا الدواء يجب أن تُبنى جرعاته تدريجيًا، ولابد أن يتم فحص للدم الأبيض أسبوعيًا، وكذلك التأكد من نسبة السكر والدهنيات.

إذن لا تنتقل لهذا الدواء أبدًا إلا إذا رأى الطبيب ذلك، وهو من الأدوية التي يمكن استعمالها لوحدها دائمًا، ليس من الأدوية التي نعطي معها أدوية أخرى، وذلك لسبب واحد، وهو أنه دواء بالفعل قوي، وفاعل جدًّا، لكن له مشاكله وله آثاره الجانبية التي قد تكون مزعجة بعض الشيء.

أنا أستعمل الكلوزابين لمرضاي، أنا أحب الكلوزابين جدًّا، ولي والحمد لله تعالى تجارب ناجحة معه جدًّا، لكن كل الذين يتناولونه أكون حريصًا على متابعتهم، وحتى إن أخفق الواحد منهم في مراجعته حسب مواعيده أقوم أنا بالاتصال به، هذا ليس ذوقًا أو لُطفًا مني، إنما هو واجب مهني، وذلك نسبة لحساسية هذا الدواء.

أرى في هذه المرحلة أنك ربما تكون محتاجاً لأن ترفع جرعة الرزبريادال، فالرزبريادال دواء ممتاز لعلاج الأفكار الظنانية، فلماذا لا تشاور طبيبك في ذلك؟ وجرعة أربعة مليجرام ربما تكون هي الجرعة الأمثل والجرعة الأفضل، وأمامنا الآن أيضًا دراسات كثيرة جدًّا تُشير أن عقار (إبليفاي) - والذي يعرف علميًا باسم (إرببرازول) - ربما يكون هو من أفضل الأدوية لعلاج الفصام الوجداني أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية المتشابه – أو المتشابك - مع الفصام أو الفصام الذي ربما يكون مرتبطًا بأفكار وجدانية وشيء من هذا القبيل.

هذا أعتقد أنه خيار أيضًا وخيار ممتاز جدًّا، وهذه كلها يجب أن تتم حقيقة من خلال التشاور والتناصح مع طبيبك.

أنا سعدتُ جدًّا برسالتك، وأسأل الله تعالى أن أكون قد أفدتك بشيء يفيدك، وأؤكد لك أن إصرارك على العلاج والشفاء والمتابعة سوف يصب في مصلحتك تمامًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية أبو يوسف

    بارك الله فيك يادكتور وأسأل الله ان يوفقك ويسعدك في الدنيا والاخرة ..

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً