الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أضحك كثيرا بدون سبب ظاهر.. كيف أسيطر على نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أقدم كل الشكر والتقدير على للقائمين على هذا الموقع، وأدعو الله من قلبي أن يجعل عملكم في ميزان حسناتكم، وأن يفرحكم بالجنة كما تحاولون دائما إدخال الفرح والسعادة على قلوب ملأها الهم, فشكرا بحجم السماء, وأرجو أن لا أثقل عليكم باستشارتي.

أنا فتاة عمري 28 سنة، هناك أمر بسيط نغص علي حياتي قليلا، أرجو إفادتي بكيفية التعامل معه, وهو عدم القدرة على السيطرة على نفسي في كل المشاعر، يعني كما يقولون "كل شيء يظهر على وجهي" والأسوأ هو شعور الضحك؛ لأنه يأتيني أحيانا في أوقات الضحك فيها وقاحة, وأحاول أن أسيطر على نفسي فيخرج صوتي مهزوزا" ومضطربا" وواضح أنه يخفي وراءه أمرا ما، يتعبني ذلك ويقلل من احترامي لنفسي.

أحيانا أتذكر الأموات، وأمور محزنه لأوقف الأفكار المضحكة، ولكن تراودني كثيرا، أشعر بأن هناك ملكا للكوميديا بداخلي يرسل لي تعليقات وأفكارا مضحكة, لدرجة أنني أصبحت لا أتكلم كثيرا، بالرغم أنني أحب القراءة والثقافة، ولدي مواضيع كثيرة ومعلومات دينية، أتمنى أن أتكلم بها، ولكن أخشى أن أضحك نتيجة للأفكار السخيفة.

مع العلم أنني كثيرا ما أقاوم ذلك وأتكلم، ولكنني كما قلت يهتز صوتي, وحتى في التحفيظ أغتاظ من نفسي كثيرا؛ لأنني حتى وأنا أقرأ القرآن تأتيني بعض الأفكار، والمواقف المضحكة السابقة, فأجلس مع نفسي، وأقول ما هذه السخافة، ولكن لا أعرف كيف أسيطر عليها سيطرة نهائية.

مع العلم أنني كنت ألاحظ هذا الأمر على عمي، فلا أدري أهو أمر وراثي أم ماذا؟ لأنه عندما يقرأ مثلا علينا خبرا أو ما شابهه يضحك فجأة, أرجو إفادتي، وكلي ثقة بربي أولا بأنه قادر على شفائي، وبه أستعين على ذلك، وربما جعلكم الله سببا في هذا الشفاء.

وفقكم الله لكل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شذى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

الضحك هو تفاعل وجداني يعني أنه نتاج لمزاج معين، هذا المزاج في أغلب الأحيان يتواءم مع التفاعل، وهو الضحك، ويعرف أن الإنسان الحزين لا يمكن أن يضحك مثلاً، وهنا يكون الضحك دليلا على وجود مرض، بعض الناس مشاعر الضحك قد تأتيهم نتيجة لحديث في أنفسهم، والإنسان قد يسترسل مع أحلام اليقظة، ويجري حوارا مع نفسه من خلال هذه الحوار حين يأتي شيء مفرح، أو شيء يحس أنه قد ينشرح له قلبه، فقد يضحك الإنسان، ويتبسم، وهنالك حالة أخرى، وهي حالة مرضية، وهي أن بعض الناس قد يضحكون ويتبسمون نسبة لأفكار تفرض نفسها عليهم، أو أصوات يسمعونها لناس غير موجودين وهكذا، هذه بالطبع حالة نادرة جدًا، لكني وددت أن أذكرها من أجل إكمال الشأن العلمي.

ومن الحالات المهمة التي قد تؤدي إلى ظهور الضحك، لا أقول في غير مكانه، لكن بصورة مبالغ فيه بعض الشيء، هو أن بعض الناس لديهم شيء من الفكر الوسواسي، يراقبون أنفسهم مراقبة لصيقة حين يتحدثون ويحين يتفاعلون مع الآخرين، وربما تكون هنالك مواقف دعتهم للضحك، وضحكوا فيها، ومن ثم يتطبع الإنسان تطبعاً وسواسياً، وقد تأتيه نوبات ضحك لا تناسب المكان والزمان والحدث، أو ربما يكون الضحك مناسباً، لكن بسبب المشاعر الوسواسية يسيء الإنسان التأويل، ويثقل على نفسه أنها قد خرجت عن سيطرته، وأن هذا الضحك لا لزوم له.

إذن الفكر الوسواسي قد ينبعث منه هذا النوع من التفاعل الوجداني، والضحك الغير المنضبط، والذي لا داعي له، أو يكون الأمر مجرد مشاعر وليس حقيقة، وهذا لا يصل إلى درجة التوهم.

بالنسبة لموضوع تأثير الوراثة على هذا الحالات لا أرى أن الوراثة لها دور، لكن الناس تتعلم من بعضها البعض، يعني التأثير البيئي قد يؤثر على الناس، وليس من الضروري أن يكون الأثر وراثيا، أنا أرى أنه من الضروري جداً أن تتجاهل هذا الأمر، وأعتقد أن تسابق الأفكار لديك ونمطها الوسواسي هو الذي جعلك تكونين في حالة قلق على هذه الظاهرة.

لكن أنا أطمئنك تماماً أن الأخرين غالباً لا ينظرون إليها بنفس السلبية التي ترينها أنت، وقد لا يلاحظ الناس تفاعلك هذا، وهذه سمة حقيقة من سمات الوساوس.

أيتها الفاضلة الكريمة: اصرفي انتباهك تماماً من خلال التجاهل، والتجاهل علاج وعلاج مهم وضروري جدا، وصرف الانتباه يكون بأن يدخل الإنسان نفسه في أنشطة أو تفاعلات أخرى مخالفة، أن يغير الإنسان مكانه، وأن يغير الإنسان وضعه، وأن يغير فكره، هذا كله يؤدي إلى تبديل الموقف، وتبديل المشاعر.

والأمر الآخر: هو بما أنني أرى أن الجانب الوسواسي موجود لديك، فأعتقد أنه من المناسب أن تتناولي دواء بسيطا جداً مضادا للوساوس، وله فعالية جيدة في إزالة القلق، والتوترات الداخلية، ولا بأس في ذلك، والجرعة التي نصفها في مثل هذه الحالات، وهي جرعة بسيطة جداً، والدواء يعرف باسم فافرين، واسمه العلمي فلوكسمين، وجرعته اليومية حتى (300) مليجرام، لكن أعتقد أن حالتك لا تتطلب أكثر من (50) مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم (50) مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هنالك حيل نفسية، وأخرى يمكن الاستفادة منها للتغلب على مثل هذه الظواهر، وذلك من خلال تطبيق تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء ذات فائدة عظيمة جداً كعلاج سلوكي، ليس فقط أهمية التأثير في الحركات التي يقوم بها الإنسان، إنما في الجانب المعرفي والفكري الذي يكون مرتبطا بهذه الحركات، وإسلام ويب لديها استشارة تحت الرقم (2136015) يمكنك الاطلاع عليها لتتدربي على هذه التمارين، ونسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وأن أردت أن تقابلي الطبيب النفسي، فهذا أيضا إضافة جيدة، وإن كنت أرى أن حالتك بسيطة جداً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية جواهر عبدالحكيم

    بارك الله فيكم

  • الجزائر منار العربي

    انا تراويدوني حالة مثل حالتك انا عمري 13 واظن اني مراهقة ادعوا اليك بشفاء العاجل

  • السعودية خالد - السعودية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قصتي نفس سؤال شذى حفظها الله لاكن عندما ا اقابل شخص اعرفه او لم اعرفه ابتسم لااراديا ولا انظر الى عينيه واحيانا في وقت الصلاة مع اني محافظ على الصلاة وفي حالات السوالف الجادة طبيعتي احب اسولف مع اي شخص اعرفه او لم اعرفه لاكن الذي يعيقني هذاالمرض متعب جدا حوالي تقريبا سنةاعاني من هالحالة احس ان في شخص بداخلي يتحكم بمزاجي اسأل الله الشفاء لي وللجميع وبإذن الله راح اطبق كلامك وراح ابلغكم ان شاء الله
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  • مصر علاء رجب عبد الله

    انا كمان كدا بس محدش عايز يعترف ان ده مرض نفسي

  • مصر محمود

    انا نفس الموضوع

  • السعودية شذى

    أنا صاحبة المشكلة .. أحببت أن أكتب اليكم فربما مر من هنا من يعاني من نفس المشكلة فيستفيد من النتائج التي سأذكرها ..
    مر على هذه الاستشارة أكثر من سنتين حصلت فيها ظروف جعلتني أتغرب وأعاشر أناس لا أعرفهم .. في البداية عانيت كثيرا" لكن لم يكن هناك وقت للتفكير فكنت أبحث عن وقت لأنام فقط ! مرت الأيام لأكتشف أنني تعافيت من هذه المشكلة ووجدت في نفسي القوة والثقة بالله والرضا عما أعطانيه في كل شيء ،وخلال تلك السنة فقدت شخصية قريبة مني فتيقنت حينها أن الدنيا دار ممر لاتستحق ذرة تفكير ومعاناة طالما أننا في النهاية سنغادرها وحدنا ، فقط ليكون همنا كيف نرضي الله عزوجل ، ولاتنسوا كما قال الدكتور بارك الله فيه :غير من وضعك ، فلاتتوقف عن التقدم ، اذا جاءتك أي فرصة للعمل استغلها ، فالفراااغ قاااتل ، عن تجربة أغلب الأمراض بسبب الفراغ ، والدليل أنني عدت الآن لنفس حياتي السابقة وعادت نفس المشكلة !
    ولكني بإذن الله سأكافحها ولن أترك لنفسي وقت فراغ لأفكر فيها ، فإذا كنت عاطل لاتبحث عن علاج لأي مشكلة نفسية لديك بل ابحث عن عمل ،وأول شهرين في العمل ستعاني ولكن بعدها ستكتشف شخصيتك الرائعة ،
    أخيرا" جزاكم الله خير كل من علق أو قرأ
    وجزى الله الدكتور والقائمين على الموقع خير الجزاء .

  • الجزائر مريم

    انا تلميذة ابلغ من عمري 12 اعاني من نفس المرض وتحدت معي هذه النوبة في القسم الذي ادرس متلا عندما يتعصب الاستاذ وتحدث معي احيانا في المنزل اتناء مشاهدة التلفاز مع عائلتي

  • الجزائر mimi

    عكسي انا اعاني من الحزن

  • عمان محمد - سلطنة عمان

    الضحك مفيد و علاج من الحزن و الأكتئاب و التوتر و يساعد في أمور الحياة و يعطي الأنسان النشاط و الحيوية و الإيجابية

  • الإمارات وسناء

    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وجعل الفردوس مستقركم بلا عذاب ولا حساب.. آمين.. وصلى الله على الحبيب الأمين محمدا..

  • أمريكا فاعله

    انا عمري 15 سنه عندي نفس الاعراض وانشاء الله هتجاهل كما قالت الاخت الفاضله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً