الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعبت من حياتي المليئة بالوساوس والهموم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر لكم جهودكم، وأتمنى لكم التوفيق والسداد.

أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، أحمل في داخلي قلب طفل، سرت في حياتي مثقلاً بالهموم والغموم والقلق، لا أجد لي أنيسا من أصدقائي وزملائي، أتجنب الناس خوفاً من الإحراج والسخرية واستغلال طيبتي الزائدة، نعم هناك علاقات لي مع الناس، لكنها علاقات مصلحة، تنتهي بمجرد انتهاء المصلحة، في قلبي هم كبير، وقلق من كل شيء، أخاف حتى لو ركبت السيارة، خوفاً من الحوادث، وأخاف من المستقبل، حياتي مليئة بالوساوس القبيحة المزعجة، أقفل الأبواب عشرات المرات، أتأكد من كل شيء، مرتب ومنظم لدرجة الاشمئزاز.

أرى كل من حولي من الشباب برؤية جنسية شاذة قبيحة، سببت لي هماً عظيماً، عذبتني العادة السرية، لدرجة إصابتي بالتهابات بالبروستات، أوسوس في كل شيء، الأمراض كضغط الدم مثلاً، لدرجة أن أي صداع يمر بي أقول هو ضغط الدم، وتبدأ بي الوساوس، حتى أتخيل أني ستفشل كليتي، تعبت من وزني القبيح الذي كرهني في عيشتي، زاد همي وغمي، ووالله تأتي لي أيام من شدة الهم أمسك طريق سفر وأسير فيه ساعتين، وأعود، وطول الطريق أبكي، لا أحمل ثقة في نفسي، أحتقر ذاتي، قل اهتمامي بصلاتي، مع أني من المحافظين على الصلاة، لا أرتاح في نوم ولا قيام، يضيق صدري ليلاً؛ لأني لا أستطيع النوم، ووالله إني لأكتب هذه الأسطر وعيني تذرف دمعاً من شدة الهم والحزن، تأتيني لحظات أريد أن أصرخ من الهم.... يا رب ... يا رب فرج همي.

علماً أني -والحمد لله- مستقر في حياتي، وحصلت على شهادة البكالوريوس، عانيت في صغري من أبي الشديد -عفى الله عنه- لكن إنما أشكو بثي وحزني إلى الله.. شاكر ومقدر تجاوبكم، والله يحفظكم ويرعاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

كل همومك وما تعانيه من كدر وعسر في المزاج ومشاعر سوداوية ناتج من قلق المخاوف الوسواسية الذي تعاني منه، الوساوس حين تكون قبيحة المحتوى تؤزم صاحبها نفسياً؛ لأنها تتصارع وتتشاكس وتتعاكس مع قيمه الداخلية، والأشخاص الذين يعانون من الوساوس تجدهم دائماً من أصحاب القيم الفاضلة، وهذا قطعاً يؤدي إلى المزيد من التأزم في مشاعرهم حين تأتيهم هذه الوساوس، فإذاً أخي الكريم علاج الوساوس هذه سوف يغير ويبدل حياتك -إن شاء الله- بصورة إيجابية جداً، وبفضل من الله أصبحت الوساوس الآن تعالج وتعالج بصورة فعالة جدًا، فقط الأمر يتطلب الالتزام ومتابعة الطبيب النفسي الذي تثق فيه.

أخي: إن تمكنت أن تذهب إلى الطبيب هذا هو الأفضل وهذا الأحسن، ومن ناحتي أقول لك يجب أن تثبط وتعطل مثيرات الوساوس، العادة السرية هي أحد هذه المثيرات، فيجب أن تتأخذ قراراً حازماً وحاسماً حيالها؛ لأنها من الواضح أضرت بصحتك الجسدية، وكذلك صحتك النفسية، جعلتك تعيش هذا التباين في وجدانك، مما جعلك تعيش حالة الكدر الذي تحدثنا عنه.

أخي الكريم: أنت محتاج إلى أن تنظر إلى الأمور بمنظار أكثر إيجابية، حاول أن تتأمل أكثر في وضعك، وسوف تجد أنه لديك أشياء طيبة في حياتك، حين ذكرت أنه ليس لك علاقة بالناس إنما هي علاقات سطحية تنتهي بانتهاء المصلحة التي ربطتك بالناس، أعتقد أنك في هذا قد أجحفت كثيراً في حق نفسك أخي، أنا أرى أنك بخير وأنك جيد، فقط العسر المزاجي هو الذي يجعلك تفكر بهذه الصورة السلبية، الأمور أفضل كثيراً مما تتصور، كن إيجابياً، وعلاقتك الاجتماعية حاول أن توطدها، النسيج الاجتماعي له شروط، والإنسان يبدأ بأهل بيته ويكون فعالاً ومبادراً ونافعا لنفسه ولأسرته، التواصل مع الأصدقاء ومع الأرحام، ومع الإخوة في المساجد، في مكان الدراسة، ومكان العمل، هذه أخي كلها تمثل دافعا نفسيا اجتماعيا إيجابي جداً، وكلها متاحة، وليست صعبة، وليست مستحيلة، أبدأ أخي في هذا النمط من الحياة، سوف تجد أن أمورك تبدلت كثيراً.

أخي الكريم: أنت متحاج قطعاً إلى علاج دوائي، وأنا أشرت لك أن تذهب إلى الطبيب النفسي، وهذا هو الأفضل، وإذا لم تستطع فهنالك عقار بروزاك، والذي يعرف باسم فلوكستين، أعتقد أنه الأفضل والأنسب لحالتك، والجرعة المطلوبة في حالتك هي الجرعة الوسيطة، تبدأ بالجرعة الصغيرة وهي كبسولة واحدة في اليوم، يتم تناولها بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ترفع إلى كبسولتين في اليوم، وتكون مدة العلاج عليه أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم إلى كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

فإذاً أخي الكريم: الأمل الموجود -إن شاء الله- التغير لا أرى أنه صعب في حالتك، أسأل الله تعالى أن يوفقك ويسددك خطاك، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً