الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعاني من أعراض نفسية وتخيلات كثيرة بعد وفاة صديقتي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 22 سنة، توفيت صديقتي منذ عامين بعد إصابتها بمرض خطير، ومنذ وقتها وأنا دائماً أتذكرها، وأتذكر تفاصيل مرضها، كانت معي كل يوم بمنامي من كثرة تفكيري بها لدرجة أنها بدأت تأتيني بصورة كابوس، وبدأت أشعر أنني سأصاب مثلها بنفس المرض، وظلت هذه الأفكار تدور برأسي دائماً، ولو أصبت بدوار انفلونزا كنت أحس وقتها أن هذه ستكون بداية أعراض لإصابتي بهذا المرض.

ومنذ 7 أشهر، فوجئت بيوم من الأيام عند شعوري بالواقع، وكأنني أحلم وأرى الأشياء، وأشعر أنني أراها في خيال ليس واقعا، وأتذكر أحداث اليوم، وأشعر كأنه مضى عليها زمن طويل حتى ولو مضى على حدوثها 5 دقائق، أحس وكأنها حدثت منذ مدة، وكأني لم أفعلها أو شخص آخر الذي فعلها، كذلك أي شيء بالماضي سواء ذكريات سعيدة أو حزينة ذهبت لطبيب نفسي أعطاني علاج (سيبرالكس) (البراكس)، ونوع آخر لم أتذكره، ولكن جسمي لم يتقبل العلاج، وأصبت بهبوط، وحالة إعياء لم توصف، وتوقفت عن أخذ العلاج، وذهبت لطبيب مخ، وأعصاب وأجرى لي أشعة رنين مغناطيسي على المخ، -والحمد لله- ما في أي شيء بالأشعة، حاولت أتأقلم على الوضع، وأمارس حياتي بشكل طبيعي، وأتعامل مع الجميع بشكل طبيعي جدا، ولكن من داخلي أتألم أحس أني أعيش من داخلي، وأصبحت مثل الشيء الأجوف ذكريات محفوظة بذاكرتي لكني لست قادرة على الإحساس بها واسترجاعها بالشكل الطبيعي مثل أي شخص.

لا أريد الذهاب لطبيب نفسي، أرجو الإفادة؛ لأني أوشكت على الانهيار، وحالتي ما هو تشخيصها؟ ويا ترى هل سأرجع مثل الأول أم سأكمل حياتي بالوضع هذا؟ وهل يمكن أن تكون الحالة مزمنة؟

أرجو الإفادة، والاطمئنان على حالتي، ولكم جزيل الشكر والاحترام، وأعتذر على الإطالة في الحديث.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nour حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لصديقتك، أيتها الفاضلة الكريمة: أنت تتفاعلين تفاعلا إنسانيا يدل على الرحمة الموجودة في قلبك، الذي حدث هو نتيجة لما نسميه بالتعاضد، أو التوحد الوجداني مع تلك الصديقة عليها رحمة الله تعالى، هذا التماهي وهذا التمازج النفسي، وهو الذي ظهر بالصورة التي تتحدثين عنها، مخاوفك ووسوستك حول الموت ليست مخاوف حقيقية إنما هي نوع من التعبير عن أحزانك لوفاة تلك الصديقة، مشاعرك مشاعر إنسانية، نحن نقدرها تماماً.

الأمر تطور بعض الشيء، وأصبت بما نسميه بالانفصال الوجداني حيث إنك بدأت بنوع من التغرب عن الذات، أي الابتعاد عن الذات، هذا نسميه باضطراب الأنية، وهو يحدث في شكل عدم شعور بالواقع، أو الانفصال عنه، وهذا نجده في حالات القلق الانفعالي الوجداني الشديد، وهذا ينطبق على حالتك.

أيتها الفاضلة الكريمة –نصيحتي لك حقيقة أن تسترشدي بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ابن صالح يدعو له)، أنت هنا بالطبع ليس في مقام الابن لهذه الصديقة، لكن -إن شاء الله تعالى- من خلال الدعاء لها والتصدق حتى بالشيء البسيط هذا -إن شاء الله تعالى- يجعلك تعيشين نوعا من العطف، والتأثير الوجداني الإيجابي.

نحن لا ندعو أن تكون القلوب قاسية أبداً، على العكس تماماً، فالقلوب الرحيمة قلوب لطيفة وطيبة، ولكن لابد أن نوجه انفعالك هنا، أي يتم توجهه وترتيبه، وأن تكون هذه المشاعر مشاعر إيجابية من خلال الدعاء لصديقتك، وتفهم حقيقة الموت، وأن تسألي الله تعالى أن يحفظك، وتعيشي حياتك بكل همه، وبكل نشاط وبكل إيجابية.

ولا أعرف إن كنت في مراحل الدراسة أم لا، فإن كنت في مرحلة دراسية، فيجب أن تكوني من المميزات، وأن تجعلي لحياتك معنى، وأن لا تتركي أي فراغات وجدانية أو معرفية تعطل عليك حياتك.

موضوع الإصابة بالهبوط والأعياء هي نتاج لتأثر النفس- أيتها الفاضلة الكريمة – أنا لا أرى أبدأ أنك في حاجة إلى الذهاب إلى طبيب نفسي، أو تناول أدوية نفسية، ما ذكرته لك يكفي تماماً، ليس هنالك إن شاء الله تعالى انهيار سوف يحدث لك، هذا تفاعل وجداني بشيء من التعليق في استراتيجية التعامل معه، حسب ما ذكرته لك سوف تحسين أن مشاعرك السلبية المحزنة المطبقة تحولت إلى شيء إيجابي.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً