الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تلعثم وصعوبة في نطق حرفي التاء والطاء أمام الناس.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: أود أن أشكركم على جهودكم المميزة، وعلى هذا الموقع المميز، أما بعد:

أنا شاب لدي من العمر 17 عاما، كنت أعيش حياة طبيعية حتى عمر الـ13 أو الـ14 عاما، فعندما كنت صغيرا كنت متكلما بارعا! ومن ثم في عمر الـ 13 أو الـ14 دعتني المعلمة في المدرسة للقراءة، وعندها لم أستطع التلفظ بالكلمات بدأت أتلعثم، ولم أستطع القراءة، عندها بدأت المشكلة! بت غير قادر على الكلام مع الناس، أتيت إلى البيت أعدت القراءة وحيدا، تفاجأت أنني أقرأ دون أي مانع، فأدركت عندها أن مشكلتي نفسية،.

ذهبت وأعدت القراءة أمام أهل بيتي (أمي-أبي-إخوتي) فقرأت بفصاحة، ولكن برزت لدي صعوبة في نطق حرفي (التاء والطاء)، وظلت هذه المشكلة معي تصاحبني، ولكن بدرجات متفاوتة، فبمدى قرب الشخص مني (عاطفيا) تكون المشكلة!

فإن كان غريبا كانت المشكلة في ذروتها، واتسعت مروحة الأحرف التي لا أستطيع التلفظ بها، وتخف تدريجيا مع أصدقائي، وتخف أقل مع أهلي، وتختفي عندما أكون وحيدا!

وما زاد حيرتي هو أنني عندما أتكلم في الصف المدرسي أشعر بصعوبة في اللفظ، ولكني أتغلب عليها بتغيير الكلمات! ومرة قمت بعرض بحث أمام الصف المدرسي، فتكلمت بطلاقة، ولكن عندما أردت الكلام باللغتين الانكليزية والفرنسية لم أستطع، وشعرت أن الكلام علق في حلقي-كما العادة-! مع العلم أنني أكلمهم بكل طلاقة (أمام الأهل)! وعندما يدعوني الأستاذ لتسميع الدرس، لا أستطيع فتتدنى علاماتي.

مع العلم أنني أكون قد ذاكرت جيدا، ولكن يخونني لساني! ولأني أملك- والحمد لله- معجما واسعا في اللغة العربية، فقد أضحيت إذا وجدت صعوبة في نطق كلمة ما أقول رديفتها- إن استطعت- ولكن في القراءة لا أستطيع كون الكلام واضح ومكتوب! وهذه الحالة متفاوتة تشتد وتخف (باستثناء حرفي التاء والطاء).

فالمشكلة دائما معهما أمام الناس، ولكن عندما أكون وحيدا ألفظهما (دون أدنى صعوبة)، وأود أن أذكر معلومة مهمة: أن هذه الحالة ترافقني دائما عندما أريد الكلام، ولكنني أحسست مرة واحدة بتعرق شديد، ومرة برجفان، وحوالي الثلاث مرات تسارع بدقات القلب فقط!

مع العلم أنني أستطيع التكلم أمام الناس، لكن بصعوبة شديدة، كوني لا أستطيع لفظ بعض الكلمات، ولكن عندما أكون وحيدا، أو أمام الأهل أتكلم وأقرأ بصوت عال، ولا تشوبني شائبة! فقولوا لي مم أعاني وأرشدوني إلى علاجي أثابكم الله، وأعلموني إن كان واجبا علي عيادة معالج نفسي أم لا؟

وشكرا لكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المؤمن بالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأشكرك على تواصلك مع إسلام ويب،

هذه صورة بسيطة جدا من صور ما نسميه بالقلق الاجتماعي التوقعي، وموضوعك لم يصل إلى الرهبة أو الرهاب الكامل، وإن كان فيه شيء من ذلك، -والحمد لله- أنت صاحب مقدرات ورصيد قويم ممتاز، ومقدرة على التعبير، وهذا يجب أن يجعلك تفكر أنه يمكن أن تتخطى كل العقبات التي تعاني منها فيما يخص التحدث أمام الآخرين.

ثانيا: أريدك أن تصحح مفهوم أن الآخرين يقومون بمراقبتك ويتحسسون كل صغيرة وكبيرة في أدائك، ويبحثون عن تلعثمك وإخفاقاتك، هذا ليس صحيحا أبداً.

ثالثا: دائما تذكر أنك لست بأقل من الآخرين، بل على العكس تماماً أنت متميز في أشياء كثيرة، وهذا من فضل الله تعالى ونعمه عليك.

رابعا: تجنب المواجهات من أخطر الأشياء التي تؤدي إلى الفشل الاجتماعي؛ لذا من المهم جدا أن تكثر من المواجهات التي تتيح لك فرصة التحدث أمام الآخرين.

خامساً: في بعض الأحيان يحتاج الإنسان أن يحضر مواضيع معينة، مثلاً: إذا أردت أن تذهب لزيارة بعض أصدقائك، حتى معلميك حضر موضوعا معينا، موضوعا يكون خارج ما هو متوقع أن تقوله في ذلك الوقت، وهنا تكون مفاجأة سارة أنك سوف تتحدث عن موضوع مفيد للناس، ولم يكن في حسبانهم أنك سوف تتطرق لهذا الموضوع.

سادساً: مبدأ التعريض مع الاستجابة السلبية المبدأ السلوكي السليم الصحيح الذي تعالج به مثل هذه الحالات، والمواجهة -أيها الفاضل الكريم - يمكن أن تكون في الخيال كبداية، ثم بعد ذلك تنزل إلى أرض الواقع، والمواجهة في الخيال أعني بها: مثلا التصور أنك سوف تقوم بإلقاء عرضا لموضوع معين أمام جمع كبير من الاساتذة والضيوف والطلاب، عش هذا الخيال من بداياته، وبكل تفاصيله، ويا حبذا لو قمت بتسجيل الموضوع الذي سوف تستعرضه أمام الآخرين، وتحسس ردود الفعل من جانبك، ومن جانبهم، ثم قم بعد ذلك بالاستماع إلى ما قمت بتسجيله.

تخيل وضعا آخر طلب منك أن تصلي بالناس، وهذا قد يحدث أيضا، وهو موقف يتطلب الإحساس، والاستعداد له أقصد بالإحساس المسؤولية العظيمة؛ لأن إمامة الناس ليست سهلة، عش هذا الخيال، وحاول أن تطبقه.

سابعاً: أبدأ التطبيق العملي التدريجي، أنت ليس لديك مشكلة في مواجهة الأهل أو من تعرف، وفي بعض الأحيان نقول للإنسان تخيل أن من تعرف غريب عليك، هذه فيها شيء من خداع النفس، ومن يستطيع أن يطبقها ينجح، وفي ذات الوقت انظر إلى الغرباء كأشخاص ليسوا بغريبين عنك، وفي التعامل مع الغرباء دائما تذكر أن هذا الإنسان مثلك يأكل، ويشرب، ويقضي حاجته، ويمرض، ويموت، بمعنى أنه لا بد أن تكون علاقتك مع الناس قائمة على الاحترام، وليس الرهبة الناشئة من قوة في ذاوتهم.

ثامناً: هنالك استفادة كبيرة سوف تجدها إذا تواصلت مع أحد محفظي القرآن، أو إمام المسجد؛ لأن مخارج الحروف ومداخلها أفضل من يعلمك إياها هم الإخوة المشايخ، وهذه فرصة عظيمة سوف تعطيك القدرة على التفاعل الإيجابي الاجتماعي الجيد، ولك أجر عظيم -إن شاء الله تعالى-، وأنصحك أن تقابل أخصائي التخاطب ولو لمرة واحدة.

وبالنسبة للعلاج النفسي الدوائي، لا أعتقد أنك في هذه المرحلة في حاجة لها.

كذلك أنصحك بتطبيق تمارين الاسترخاء، هذه التمارين مفيدة، وسوف تعلمك كيفية الربط بين التنفس والكلام، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم:2136015. أرجو أن ترجع إليها، وتستفيد مما ورد فيها من محتويات تفصيلية توضح كيفية تطبيق الاسترخاء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأسأل الله أن يحل هذه العقدة التي في لسانك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً