الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حينما أصلي بالناس أشعر بالرجفة وزيادة ضربات القلب!

السؤال

أنا عمري 22 عامًا، أصبت منذ 5 سنوات بالرهاب الاجتماعي، والذي أطال مدة المرض هو: عدم اعترافي به، ولكن منذ 5 أشهر ألهمني الله بالتعرف على مرضي، وحصلت على معلومات كثيرة بخصوص هذا المرض، وبعد قراءتي كثيرًا في موقعكم المفضل: اكتشفت أن الأدوية لها آثار جانبية، وأحيانًا انتكاسات، فقررت العلاج السلوكي بنفسي، فأقدمت على المواجهة ونجحت نجاحًا باهرًا -بعد توفيق الله- لأني كنت قد وصلت لمراحل بعيدة من القلق العام، والآن وقبل أسبوع أصبت بالقولون العصبي، ثم تناولت بعض الأدوية للقولون.

ولكن الآن مشكلتي تكمن في إمامة المصلين، حيث تأتيني أعراض الرجفة وزيادة ضربات القلب، حتى أصبحت لا أنزل إلى المسجد إلا بعد الإقامة، حتى إني واجهت هذا الموقف 12 مرة دون فائدة، ولكن القلق يقل بنسبة خفيفة جدًا عند الإمامة، وأحيانًا عندما أتحدث في الهاتف أمام بعض الأشخاص، أو عند مقابلة شخصين أو ثلاثة بعينهم، فقررت التخلص من هذا المرض؛ لما سببه لي من ألم عضوي ونفسي كبير.

اشتريت دواء دون استشارة طبية، وهو: (زيروكسات) cr 25، وتناولت حبة في اليوم، والآن أكملت أسبوعًا، وأنا مستمر عليه، فهل (الزيروكسات) مناسب لحالتي؟ وما هي الجرعة المناسبة لحالتي؟ وهل أكمل العلاج أم أن هناك مشكلة؟ مع العلم أنه لم تأتيني أعراض جانبية – والحمد لله - وأشعر بالتوافق مع هذا العلاج، وما هو العلاج السلوكي المناسب؟ وما هي أسباب الانتكاسات التي قد تحدث بعد التوقف عن (الزيروكسات)؟ وهل هناك تعارض بين أدوية القولون
و(الزيروكسات)؟ وما هي المدة المطلوبة للعلاج؟ وما هي الجرعة الوقائية الجيدة جدًا؟

جعل الله أعمالكم في ميزان حسناتكم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله مختار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن العلاج السلوكي للرهاب هو: قناعة، وقناعة شخصية جدًّا أن الرهاب والخوف أصلاً أمر مكتسب، وأن علاجه عن طريق المواجهة والمواجهة المستمرة، وأن التجنب يزيد من الخوف والرهاب والوساوس ولا شك في ذلك، وحتى يدعم الإنسان أمر المواجهة ويجعلها منهجًا في حياته، لا بد أن يقتنع بحقيقة علمية مهمة جدًّا، وهي: أن أعراضه خاصة به، وهو الذي يستشعرها، ولا يحس بها الآخرين، لا يحسون بها مطلقًا.

مشكلة الأخوة والأخوات الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي، دائمًا يأتيهم الاعتقاد أن حالتهم يطلع عليها من حولهم، أو من يتعاملون معهم، مثلاً: البعض يظن أنه يتلعثم، وأنه يرتجف أمام الآخرين، تأتيه خفة في الرأس، ويعتقد أنه سوف يسقط، وهنالك من يعتقد أنه سوف يتبول أمام الآخرين ... وهكذا، هذا كله ليس صحيحًا، وهنالك مبالغة كبيرة جدًّا.

وأنا معجب جدًّا بالتجربة التي قام بها أحد العلماء، وهو أنه قام بتصوير عدد كبير من مرضى الرهاب الاجتماعي في أثناء مواجهات اجتماعية دون علمهم، وبعد أن انتهت هذه الأنشطة الاجتماعية عرض عليهم صورهم بالفيديو، وناقش معهم كيف أنهم قد واجهوا الموقف الاجتماعي بصورة جيدة جدًّا، وكانت النتائج رائعة وهائلة جدًّا؛ لأن هؤلاء المرضى اكتشفوا فعلاً أن مشاعرهم كان فيها مبالغة كبيرة، وأن التغيرات الفسيولوجية من شعور بالرعشة، وتسارع في ضربات القلب، واحمرار في الوجه وخلافه، هي تجربة خاصة بهم، وبأجسادهم، وليست مكشوفة أو معروفة لمن هم حوله.

فأعتقد أن هذا أمر مهم ومنطقي جدًّا للعلاج، وأنا أعتبره علاجًا سلوكيًا أصيلاً.

أنت تفضلت وذكرت أنك واجهت بصورة جدية حوالي 12 مرة، وأن التحسن كان طفيفًا، هذه المواجهة يجب أن تكون مستمرة، وهذا التحسن الطفيف سوف يتسع ويكبر ليصبح تحسنًا عامًا. هذا مهم جدًّا.

التعرض الاجتماعي يجب أن يكون متنوعًا، يجب ألا يكون نمطيًا، بمعنى ألا أحرص فقط أن أظهر مقدراتي في مواقف معينة وأتناسى بقية المواقف، لا، كل المواقف يجب أن يكون الإنسان مواجهًا وقويًّا وواثقًا في نفسه، فاحرص على مثل هذه البرامج، وهذا يدفعك – حقيقة - لأن تمارس رياضة جماعية، لأن تشارك في أنشطة اجتماعية، جميل أنك حريص على الصلاة في جماعة، لكن من الضروري جدًّا أن توسع نسيجك الاجتماعي ومستوى أنشطتك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أنك في حاجة لعلاج بسيط جدًّا، وهو عقار (إندرال) بجانب (الزيروكسات)، (الإندرال) له ميزة عظيمة جدًّا: أنه يؤثر ويتحكم في الجهاز (السمبثاوي) مما يقلل جدًّا الشعور بالأعراض الفسيولوجية مثل: تسارع ضربات القلب، والجرعة التي تحتاجها صغيرة جدًّا، وهي عشرة مليجرامات من (الاندرال) صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم تجعلها عشرة مليجرامات صباحًا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله.

أما بالنسبة (للزيروكسات) فلا شك أنه دواء ممتاز، وأنا سعيد أن أعرف أن جرعة خمسة وعشرين مليجرامًا لم تؤثر عليك، حيث إن الجرعة التمهيدية التي ننصح بها هي 12.5، لكن البعض - كما ذكرت وتفضلت - لا يواجه أي آثار جانبية حين يبدأ بالجرعة العلاجية، والخمسة وعشرين مليجرامًا من وجهة نظري هي جرعة علاجية لا تحتاج أن تزيدها أبدًا، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك اجعلها 12.5 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها 12.5 مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم 12.5 مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول (الزيروكسات).

هذا هو البرنامج والبروتوكول العلاجي الدوائي الوسطي جدًّا، والذي نسأل الله - تعالى - أن ينفعك به، وأنا على ثقة تامة أن ذلك سوف يتم - بإذن الله تعالى – إذا دعمت نفسك دعمًا سلوكيًا.

أريد أن أنصحك أيضًا بالحرص على تمارين الاسترخاء، ففوائدها كثيرة وجمة، وذلك حسب ما أثبتته الدراسات العلمية والتجارب، ولدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع لهذه الاستشارة، وأؤكد لك أنها أحد الإجراءات الوقائية الجيدة جدًّا.

لا يوجد أي تعارض بين أدوية القولون و(الزيروكسات)، بل (الزيروكسات) نفسه يساعد كثيرًا في اختفاء ما يسمى بأعراض القولون العُصابي.

سؤالك: هل الانتكاسات تحدث بعد التوقف عن (الزيروكسات)؟ قد تحدث بالطبع لمن لا يدعم نفسه سلوكيًا، ويصحح مفاهيمه عن الخوف.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً