الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ارتكبت الكثير من المعاصي وأصبت بأمراض، فكيف أواجه المستقبل؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب في العقد الثاني من عمره.

لم أقع بمعصية الزنا بفضل الله، لكنني أعاني من مشكلة محرجة للغاية: كنت ممن يشاهدون المواقع الإباحية, وأصبحت هذه العادة السيئة نظامًا لحياتي، فكلما اعتقدت أنني أصبحت مسلمًا حقيقيًا, عدت إلى مشاهدة المواقع الإباحية النجسة, والتي دمرت حياتي؛ حيث تم فضحي من طرف جواسيس, لأنني انعزلت عن الناس, فتمت معرفة سبب انعزالي عن الناس ألا وهو: مشاهدتي للمواقع الإباحية, وتم فضحي للعيان.

والمشكلة الأخرى، والتي سببها مشاهدة المواقع الإباحية, هي: ممارستي للعادة السرية, والتي تسببت لي في أمراض بدنية لا أستطيع ذكرها نظرًا لطابعها المخجل.

والمشكلة الكبرى: أنني أخجل من الفتيات, وغير قادر على الزواج، وأنا أخاف إن تزوجت أن يفتضح أمري, وتعلم زوجتي المستقبلية بمشاكلي هذه, فماذا عساي أن أقول لعائلتي؟ ولزوجتي إن أنا تزوجت؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك - ابننا الفاضل – ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونعتقد أن كتابة هذه الاستشارة والتواصل مع الموقع هو البداية الصحيحة للتصحيح، لأن شعور الإنسان بالمشكلة وشعوره بحاجته إلى المساعدة وانكساره بين يدي الله ـ تبارك وتعالى ـ قبل ذلك، هو الباب الصحيح والمفتاح الأكيد للعودة الصحيحة، والتوبة النصوح.

فسارع وعجل بالتوبة، وأبشر فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وهو الذي قال عن نفسه: {وإني لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى}، بل إنه سبحانه يفرح بتوبة من يتوب إليه، ونبشرك بأن التوبة تجُبُّ ما قبلها وتمحو ما قبلها، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، بل إن التائب من الذنب إذا صدق في توبته وأخلص في أوبته, فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات.

فسارع بالدخول إلى رحمة الرحيم، الذي ما سمى نفسه رحيمًا إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه توابًا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفورًا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.

فعجل بالتوبة، وسارع بالرجوع إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ واعلم أن الله يغفر الذنوب جميعًا ـ سبحانه وتعالى ـ ونبشرك بأن مجرد العودة إلى الله، والتوقف عن هذه الممارسات الخاطئة، سيفتح لك أبواب العافية، وسيفتح لك أبواب الحياة مرة أخرى، فإن التوبة والرجوع إلى الله -تبارك وتعالى- من أقوى العّدة التي تعين الإنسان على بلوغ العافية.

ونريد أن نقول: أنت مسلم ولك إرادة، أنت الذي تركت الطعام والشراب في رمضان لله، تستطيع أن تترك رؤية هذه المواقع المشبوهة، السيئة، فُعد إلى صوابك، ولا تغتم لما حدث، فإن هذا ابتلاء من الله، ولكن المهم هو أن تُصلح ما بينك وبين الله، وإذا أصلح الإنسان ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وما بين الناس، وفضيحة الدنيا أهون بملايين المرات، بل لا مقارنة لها مع فضيحة الآخرة، فلعل في هذا خيرا لك، أن كان سببًا لتنبيهك ورجوعك إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ.

فأعلن الطاعات كما ظهر للناس اتهامك بالمعاصي، أعلن الطاعات، وسارع إلى الجُمع والجماعات، وأقبل على حفظ القرآن ودراسة الآيات، واعلم أن الإنسان الذي يعود إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ يرحمه الرحيم ـ سبحانه وتعالى ـ وهذه المسائل الإنسان يبلغ منها العافية، وكثير من الناس ممن تواصلوا معنا تاب فتاب الله عليه، وعادت له العافية، وتزوج، وسعد في حياته.

ونتمنى أن تتواصل أيضًا مع الموقع، لكن بعد أن تتوب، وبعد أن تغير هذا التصفح، بعد أن تُقبل على الله ـ تبارك وتعالى ـ وعندها ستجد المعونة من إخوانك بعد تأييد الله وتوفيق الله لك.

نسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونبشرك بأن الزواج نعمة كبيرة من الله ـ تبارك وتعالى ـ فتعوذ بالله من هذه المشاعر السلبية، ومن هذا الخوف الذي ليس في محله، والذي بلا شك للشيطان علاقة به، فإن الشيطان لا يريد لنا أن نتزوج، ولا يريد لنا الحلال، لأننا إذا تزوجنا جميعًا فمَن للزنى، ومَن للعادة السيئة، ومَن للممارسات الخاطئة؟! إن الشيطان يحول بيننا وبين الحلال ويضع أمامنا هذه العقبات، فالشيطان لا يقعد في طريق من يريد المعصية، ولكن الأمر كما قال الله: {لأقعدنَّ لهم صراطك المستقيم} فهو لا يقف إلا لمن يريد الصلاة، لمن يريد الزواج، لمن يريد الحج، لمن يريد الجهاد، ونحن علمنا العظيم أن الشيطان عدو، وينبغي أن نعامل عدونا بنقيض قصده {إن الشيطان لكم عدو} ما هو المطلوب يا رب؟ {فاتخذوه عدوًّا} وذلك بمخالفة أمره, وفعل ما يُرضي الله ـ تبارك وتعالى ـ والتقيد بأحكام هذا الشرع الحنيف.

نسأل الله أن يتوب علينا وعليك، ونكرر ترحيبنا بك، ونتمنى أن نسمع عنك خيرًا، وأنت ـ ولله الحمد ـ شاب وعندك عزيمة، والمؤمن صاحب عزيمة، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر فيصل الجزائر

    بارك الله فيك ايها الأخ المجيب فقد اثر فينا كلامك ففعلا تستحق التحية والتقدير وأقول للأخ السائل لن تجد احسن من كلام رب العالمين لتخرج من هذه الحالة فعد الى الله واكثر من الإستغفار والتذلل والإنكسار الى الله فإن فعت ذلك فستجد الله غفورا رحيما بل اكثر من ذلك ستتغير حياتك كلها وستتزوج وتنجب اطفالا و ان شاء الله سنكون نحن اول من يبارك لك

  • زكرباء

    كل بني ادم خطاء و خير الخطائين التوابون

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً