الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركت المدرسة والعمل بسبب الحيرة والوساوس.. ساعدوني

السؤال

السيد الدكتور الفاضل: أرجو أن يقدرك الله سبحانه وتعالى على حل مأساتي:

أنا شاب عمري 24 سنة، أصبت منذ 12 سنة بمرض نفسي، شخص على أنه وسواس قهري و اكتئاب، وكانت أعراضه تكرار الوضوء مرارا وتكرارا، وعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة أو عمل أي شيء.

أخذت جميع الأدوية النفسية الممكنة، وذهبت لمعظم الدكاترة الكبار، وكنت أدفع دفعا في الحياة حتى حصلت على الثانوية العامة، ولم أنتظم في أي كلية من الكليات، وسحبت أوراقي، وعملت في عدة وظائف لم أستطع المداومة على أحد منها.

ذهبت مؤخرا إلى أحد الأطباء؛ لأني مازلت أعاني من اكتئاب شديد، وعدم القدرة على العمل، وتناقض شديد في الأفكار، وعندي بعض الأفكار الغريبة مثل: (الحيرة أيهما أفضل الجسم أم اللغة - اللغة الدولية أم المحلية، وخوف من أن أكون بلا مأوى في المستقبل).

شخص الطبيب حالتي على أنها فصام ذهاني وأعطاني الأدوية الآتية:

Depakin chromo 500mg 1-0-1
Respredal 2mg 1-0-1
Efexor 150mg 1-0-1
Lexotanil 1.5mg 1-0-1
Akineton 2mg 0.5-0-0.5
Clozapex 100mg 0-0-1
Haldol 50mg (2) I.M Inj every week

هذه الأدوية أدت إلى النوم المتصل، وعدم التركيز وكثرة التبول، فهل أنا أسير في الاتجاه الصحيح في العلاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

فكما ذكرت وتفضلت كنت تعاني من وساوس قهرية، ثم بعد ذلك أُصبت باكتئاب نفسي، وظهرت لديك أعراض أخرى الآن، وحين قابلت الطبيب ذكر لك أن حالتك هي مرض فصام، وأُعطيت الأدوية التي ذكرتها.

أنا بالطبع أقدر جدًّا رأي زملائي الأطباء، وهذا من أصول المهنة، لكن هذا لا يعني أبدًا ألا نعطي أو نُدلي برأينا في أمر يهم المريض.

أيها الفاضل الكريم: أنت الآن تتناول كميات كبيرة من الأدوية – هذا مع احترامي الشديد للطبيب – أنا (حقيقة) لا أتبع هذا المنهج، أعرف أن هذا المنهج موجود، وقطعًا له أيضًا ما يدعمه من الثوابت العلمية، لكن الذي أنتهجه هو أن أصف عددا قليلا من الأدوية مع جرعات صحيحة.

هذا ليس انتقاضًا أو انتقاصًا لأي أحد، هذه الأدوية أدوية ممتازة، الجرعات التي وصفت لك هي جرعات سليمة وصحيحة، لم تتعد أبدًا ما هو مطلوب.

فالذي أنصحك به هو أن تستمر على هذه الأدوية، وتراجع طبيبك في مواعيده، هذا هو المهم جدًّا، لأن الحكمة الطبية النفسية تقتضي أن يكون هنالك تدخل طبي مبكر، وأنت -الحمد لله تعالى- قمت بهذا الأمر من خلال مقابلتك للطبيب، الأمر الثاني: هو الالتزام بالعلاج وحفظ المواعيد، والأمر الثالث والمهم هو: ألا نجعل المرض وسيلة لتعطيل حياتنا، وهذه النقطة أريد أن أركز معك فيها كثيرًا.

هنالك علاجات غير دوائية نسميها بالعلاجات التأهيلية، إذا كان الدواء يساهم بخمسين بالمائة، فالعلاج التأهيلي هو الذي يُكمل الخمسين بالمائة الأخرى، وهذا يعني أنه أمر مهم – أي العلاج التأهيلي – والعلاج التأهيلي بكل بساطة يعني: أن يستفيد الإنسان من وقته، أن تكون هنالك حيوية، أن يكون هنالك نشاط، أن تكون هنالك فعاليات، أنت الآن طالب يجب أن تجتهد في دراستك، لكن هذا لا يعني أن تهمل جوانب الحياة الأخرى، فمن حقك أن ترتاح، من حقك أن ترفه عن نفسك بما هو طيب ومشروع، من حقك أن تمارس الرياضة، بل ينبغي أن تمارسها، أن تجلس مع أصدقائك، وهكذا.

إذن عليك بتنظيم وقتك تنظيمًا جيدًا وممتازًا، وأنا على ثقة كاملة أن الزمن يسع كل ما يريد أن يقوم به الإنسان. بعض الناس يشتكون من الفراغ الشديد، بعض الناس يشتكون من قلة الوقت، لكن الإنسان إذا رتب وقته يستطيع أن يُنجز الكثير.

ونصيحتي لك – وهي نصيحة خاصة جدًّا – أن تدير وقتك حسب أوقات الصلاة، يعني قل لنفسك (بعد صلاة الفجر مثلاً سوف أقوم بدراسة بعض المواد التي لم أدرسها جيدًا، أدرسُ لمدة ساعة إلى ساعتين) بعد ذلك تذهب إلى الدراسة، مثلاً قل لنفسك (بعد صلاة العصر سوف آخذُ قسطًا من الراحة، وبعد صلاة المغرب سوف أدرس، وقبل صلاة العشاء سوف أقوم بكذا وكذا) هذه طريقة جيدة جدًّا لإدارة الوقت وددتُ أن أنصحك بها.

أريدك أيضًا أن تُكثر من التواصل الاجتماعي والاطلاع غير الأكاديمي – كما ذكرت لك – لأن هذه الأمراض النفسية تُضعف تركيز الإنسان في بعض الأحيان، واكتساب المعرفة من أفضل طرق تفتق الذهن، والاطلاع قطعًا يؤدي إلى اكتساب المعرفة كما ذكرنا، وتلاوة القرآن أيضًا بتدبر وتبصّر تحسن تركيز الإنسان وتشعره بالطمأنينة.

أيها الفاضل الكريم: تجاهل الأفكار السلبية، كن دائمًا إيجابيًا في حياتك، ومن جانبي أسأل الله لك التوفيق والسداد، راجع طبيبك فالمواصلة معه مهمة جدًّا.

بالنسبة لعرض كثرة البول: لا أعتقد أنه ذو علاقة بهذه الأدوية، الأمر يتطلب منك فحص البول للتأكد من عدم وجود التهابات أو خلافه.

عدم التركيز: أتفق معك فهو جزء من الحالة التي تعاني منها، والأدوية قد تكون أيضًا ساعدت في موضوع النوم، وأرجو أن تتبع ما ذكرته لك من إرشاد للتخلص من هذين العرضين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الزبير

    الصلاه والذكر وتلاوة القران و كن ايجابي واكسب ود الناس خليك حبوب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً