الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقهر الوسواس وأكسب الثقة في نفسي؟

السؤال

موقعكم مميز، فكل أصدقائي وأصدقاء أصدقائي يتابعونكم ويستفيدون منكم الكثير.

كيف أثبت لنفسي أني واثق بها؟ وما هي الكلمات التي أكررها للعقل الباطن حتى يساعدني في أن أكون واثقًا من نفسي؟ وكيف أقهر وسواسي القهري وأثبت له أني واثق بنفسي؟ وهل أواجه الوسواس القهري (وسواسيا) أم لا؟

شكرًا لكم جميعًا، وبالأخص الدكتور: محمد عبد العليم، فقد أصبح مشهورًا جدًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالثقة بالنفس هي أمر نسبي، بمعنى: أن شعور الناس بها يتفاوت ويتباين، هنالك من تُعجبه أبسط الإنجازات في حياته ويكتفي بذلك، وهذا يعطيه الكثير من الدافعية والثقة في نفسه، وهنالك من لا يرضى بسقف إنجازات بسيطة، فتجده حتى وإن كان معقولًا في أدائه قد لا يقتنع بذلك مما يجعل ثقته مهزوزة في نفسه، (وهكذا).

موضوع الثقة بالنفس متعلق دائمًا بالشعور بالفشل أو الشعور بالنجاح، الذين يثقون بأنفسهم هم الذين يشعرون بأنهم من الناجحين، والذين لا يثقون بأنفسهم يشعرون بالفشل أو يخافون من الفشل، والأمر كله متعلق بتقدير الذات، يعني: كيف أن أقدر نفسي وأفهمها وأعطيها حقها.

فتقدير الذات أو تقدير النفس قد يكون منصفًا وقد يكون غير منصف، قد يفتقد المصداقية والشفافية، أو قد يكون العكس هو الصحيح.

إذن: كل إنسان يوثِّق في نفسه المبدأ العام، وهو أصلاً أن يكون واثقًا في نفسه، وألا يقلل من شأنها، وأن يفهم هذه النفس، يفهم مصادر قوتها، ويفهم مصادر ضعفها، دون أي تحيز أو نكران أو زيادة أو نقصان، يعني: تقيم نفسك بتجرد، بعد ذلك تضع ما هو إيجابي في كفة وما هو سلبي في كفة، وحتى إن رجحت كفة السلبيات هذا يجب ألا يُشعرك بالهزيمة أو تحقير الذات؛ لأنك من خلال معرفة عيوبك حتى وإن كانت كثيرة تكون قد استكشفت نفسك، وإذا استكشفت نفسك سوف تفهمها، وحين تفهمها تبدأ في معالجة عيوبها، ومعالجة العيوب تكون من خلال المزيد من الإنجازات والمزيد من الإيجابيات، وهذا يعطي الإنسان الثقة في نفسه.

إذن: قدِّر ما تقوم به، واعرف أن نفسك مكرمة؛ لأن الله تعالى قد خلقنا على هذه السجية، واعرف أن الإنسان يمكن أن يطور نفسه، واعرف أن العيوب موجودة في الناس، لكن الذي يسكت عليها ويتمادى فيها هو المشكل، أما الذي يحاول أن يصلح عيوبه فأعتقد أن ذلك يجب أن يثق في نفسه.

الأمر الآخر: لتثق في نفسك يجب أن تكون منجزًا، والإنجاز لا يأتي إلا من خلال حسن إدارة العمل، وأن يكون لديك هدف، وأعظم الأشياء التي تؤدي إلى الثقة الحقيقية في النفس هي معرفة الدين واكتساب العلم؛ لأن كليهما يرفع من ثقة الإنسان في نفسه ويجعله مُنجزًا ومتفاعلاً تفاعلاً إيجابيًا، والإنسان الذي يمتلك هذه المقدرات يكون نافعًا لنفسه ولغيره، وهكذا يحس الإنسان بالرضا.

هذه هي الأسس التي تجعل الإنسان واثقًا في نفسه، أما تكرار بعض الكلمات أو المصطلحات – وهذا نسميه بالتأثير الإيحائي – أن أقول لنفسي (أنا ناجح، أنا ناجح، أنا مُنجز، أنا مُنجز، أنا سوف أقوم بكذا، أنا سوف أنجز كذا) لا مانع أبدًا من أن يخاطب الإنسان ذاته من خلال ذاته، هذا لا نقول إنه أمر سيئ، لكن قطعًا المهم هو الفعالية وحسن إدارة الوقت، وأن يكون للإنسان برامج.

والأمر الآخر هو: ألا يخاف الإنسان من الفشل؛ لأن الذين فشلوا كانوا قريبين جدًّا من النجاح، لكنهم لم يستمروا في محاولاتهم، أما الذين استمروا في محاولاتهم التجريبية فقد نجحوا حتى وصلوا إلى أهدافهم.

الصحبة الطيبة أيضًا تعلم الإنسان الثقة في نفسه، وبر الوالدين، مهم جدًّا لأن يثق الإنسان في نفسه، والمبدأ أصلاً أن تثق في الآخرين حتى تثق في نفسك، هذا أيضًا مهم، الإنسان يجب أن يثق في أصدقائه، يجب أن يثق في أهله، يجب أن يثق في وطنه، يجب أن يثق في دينه، (وهكذا) هذا - إن شاء الله تعالى – يعطي الإنسان ثقة عظيمة، وفوق ذلك يجب أن يثق الإنسان في الله تعالى، حين يحسن الظن بالله تعالى ويجتهد، هذا يعطي الإنسان قوة ودافعية خاصة داخلية؛ لأن الله تعالى استودع فينا قوة كبيرة إذا تم استغلالها الاستغلال الصحيح فهذا يساعدنا كثيرًا.

بالنسبة للوسواس القهري: هو أنواع مختلفة جدًّا، ومبادئ العلاج واحدة، هي: أن نفهم أن هذه وساوس القهرية، أنها متسلطة، أنها سخيفة، وألا يناقشها الإنسان، ألا يحاورها الإنسان، وأن يحقرها الإنسان، ويُطبق عليها بصورة قوية جدًّا، ويستبدلها بفكر أو فعل معاكس لها، وفي بداية الأمر سوف يحس الإنسان بالقلق والتوتر، لكن بعد ذلك سوف يتطبع وتهدأ ذاته ويتغلب - إن شاء الله تعالى – على وساوسه.

أشكرك - أيها الفاضل الكريم – على كلماتك الطيبة، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب وفاء

    شكرا كثيرا علي هذا الموضوع المفيد وكذا النصائح وجزاكم الله الخير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً