الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعبت من عدم ثقتي في الناس وتخيل خيانتهم لي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعبت من نفسي، لا أثق في الناس وأعتقد أن الكل من الممكن أن يخون، وأن كل إنسان لا يحس إلا بنفسه، لذا لا أتكلم مع الناس إلا نادراً، مع العلم أن صديقاتي المقربات يقلن أني اجتماعية وأنا أعلم أني خلاف ذلك، ولكن لأنهن صديقاتي أنبسط لمجالستهن من غير أن أفصح عن حياتي لأحد، وقد أصبحت أتخيل كثيرا من الأمور التي لا تحدث، وأعيشها وكأنها حقيقية، لكن مع نفسي، وأبدأ بالحديث مع نفسي عنها وأبكي إذا كانت محزنة، وأضحك إذا كانت مفرحة، تعبت من هذه الحالة، حاولت أن أسيطر على نفسي وأنتهي من هذه الحالة لكن بلا فائدة، وأعتقد أني ضعيفة؛ لأن أمي مريضة وأبي متزوج، أعتقد أن لا أحد يفهمني، بما أنهما الوحيدان اللذان يتقبلان أبنائهم، فكيف لا ينظران لي؟ ولن يفعلا ولن يتقبلني أحد، وإن تقبلني فطبيعة البشر لن تسمح له بالاستمرار معي.

أنا حقاً متعبة مع أني أنهيت المرحلة الجامعية بتفوق-والحمد لله-، وقبلت -والحمد لله- في ماجستير خاص، ولا أتقبل المجتمعات الغريبة عني، وإن شعرت أنهم ناس طيبون فلا أحب الاحتكاك بهم، وكثيراً ما أغيب عن المحاضرات، وأحب الهزل وأحاول أن أشغل نفسي بأي شيء، المهم أن لا أحتك بالناس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خلود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تعانين من حالة إنهاك نفسي عام، وحين أقول إنهاكا نفسيا أعني أن لديك شيئا من القلق والمخاوف، والتفكير السلبي، واهتزاز ثقتك بنفسك، ولديك خوف من الفشل، بالرغم من أنك ناجحة جدًّا، فأنت متميزة في دراستك ومتفوقة، وأنا على ثقة أنه لديك مقدرات كبيرة جدًّا تواجهين بها متطلبات الحياة.

إذن علاجك يحتاج لتغيير مفاهيم، أن تحللي ذاتك بصورة أكثر إيجابية، وأن تكوني منصفة لنفسك، وتقيميها بصورة صحيحة، أنت مقتدرة، وأنت اجتماعية، وأنت محبوبة، إذن غيّري مفاهيمك ووجهي طاقاتك هذه بصورة أفضل، اشرعي مباشرة في دراسة الماجستير، -وإن شاء الله تعالى- تحصلين على الدكتوراه وما بعد الدكتوراه.

الخلل في التفكير أضر بك كثيرًا، فأنت اجتماعية لكنك ترين خلاف ذلك، فلماذا تقبلين هذا الفكر السلبي؟ أنت بالطبع لديك خيال مسترسل، لذا تتخيلين بعض الأمور وتتحدثين مع نفسك، وتعبرين عن مشاعرك حزنًا كانت أو انشراحًا، هذا فيه شيء من الفكر الخيالي الذي يقوم على التوسع في أحلام اليقظة، وهي مرحلة طبيعية في حياة الكثير من الناس، لكني لا أريدك أن تسرفي في هذا الفكر، بل اصرفي انتباهك عنه، وذلك من خلال إدارة وقتك بصورة صحيحة، وتعدد الأنشطة، وإدارة الوقت الصحيح تعني إدارة الحياة، مع ضرورة التركيز على ما ذكرناه لك من تغيير للمفاهيم.

لديك فرصة عظيمة أن تبري والدتك المريضة، وهذا -إن شاء الله تعالى– يفتح لك بابًا من أبواب الخير، بل باب من أبواب الجنة -بإذن الله تعالى–، وقطعًا والدك يجب أن يأخذ حقه الأبوي منك أيضًا، وذلك من خلال تقديره واحترامه وبره.

وأنا أعتقد أنه أمامك فرصة عظيمة للتغير، كوني أكثر ثقة بمن هم حولك، والإنسان حقيقة لابد أن يثق في الناس، لابد أن يثق بنفسه، لابد أن يثق قبل ذلك بربه وبدينه، وبوطنه وبعشيرته وبإخوانه، وهكذا، هذا مهم جدًّا وضروري جدًّا ليحس الإنسان بأنه ذو قيمة، وهذا هو المطلوب منك حسبما أرى.

إذا أتيحت لك -أيتها الفاضلة الكريمة- الفرصة لأن تذهبي وتقابلي طبيبًا نفسيًا فهذا جيد، لأنني أرى أيضًا أنك في حاجة لعلاج دوائي بسيط جدًّا، علاج يقلل لديك هذا الفكر السلبي، فكر المخاوف والوساوس، واهتزاز الثقة بالنفس وعسر المزاج، فعقار فافرين بجرعة صغيرة سيكون دواءً مفيدًا لك جدًّا، والجرعة المطلوبة في حالتك هي خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، يمكن تناوله بعد الأكل، وبعد ذلك تكون الجرعة خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

أشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً