الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أساعد صديقتي لتتخلص من الوسواس القهري؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي صديقة سألتني اللجوء إليكم لحل مشكلتها، هي دائماً تفكر كثيراً في أمور قد تجعلها لا تنتبه لدراستها، فدائماً تفكر، وإذا أحست بألم بسيط تقول: ربما كذا وكذا، وتفكر في أشياء خطيرة قد تحصل لها، فإذا أحست بألم في يدها من أحد العروق تقول: ربما تصلب الشرايين، حتى أمها تعبت من إقناعها بأن ما تفكر به خطأ، ويجب أن لا تفكر بأمور أعظم وتوهم نفسها بمرض حتى لا يتحقق -لا سمح الله-.

كيف أعالج الوسواس القهري لديها؟ حاولنا إقناعها، لكن ترى أنه لا أحد يفهمها وأننا نستهين بما تشعر به، وأنا لا أريد من صديقتي أن تعاني وأظل أنظر لها فقط، شاكرة لكم تعاونكم معي واستماعكم لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لولوة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكراً لك على السؤال، وعلى التواصل معنا على هذا الموقع.

من الوساوس الصعبة وساوس المرض وخوف المرض، وكما ذكرت في سؤالك عن هذه الصديقة، وأعانها الله على هذه المعاناة، فصعوبة الوساوس أنها تأتي في الأمور العزيزة على الإنسان كصحته، ومن هنا كانت صعوبات الوسواس، فالمحاسب الأمين تأتيه الوساوس على أنه غير دقيق وربما غير أمين أيضاً في حساباته، بينما إنسان آخر تأتيه في صحته واحتمال المرض، حيث تدور في ذهنه أفكار أو جمل أو عبارات أو حتى صور وخيالات، وهكذا فقد لا يسلم شيء مما يعتز به الإنسان ويؤمن به، فتضيق الدنيا على هذا الشخص المبتلى بكل هذه الوساوس، ويبدأ يتساءل: هل أنا شخص طبيعي؟ مما يضاعف في معاناته حتى يدخل في دائرة معيبة، وقد تتأثر أنشطته الحياتية من الدراسة والعمل.

اطمئني وطمئنيها، فكل ما يدور في ذهنها من هذه الوساوس، وربما غيرها كثير لم تذكرها لنا لخجلها منها، أو ارتباكها من ذكرها، كلها وساوس ليست مسؤولة عنها، لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل هي لاشك تحاول جاهدة دفعها عنها، إلا أنها تقتحم عليها أفكارها وحياتها وهي لا تريدها، صحيح أن بعض الناس وخاصة ممن لم يصب بالوسواس، يجد صعوبة كبيرة في فهم هذا الأمر، ولذلك تقول صديقتك بأنه لا أحد يفهمها، إلا أن هذا لا يغيّر من طبيعة الأمر شيئاً، ويبقى الوسواس عملاً ليس من كسب الإنسان، وليس من صنعه.

الوسواس ليس دليلاً أو مؤشراً على "الجنون" أو فقدان العقل أو ضعف الإيمان، كما قد يشعر أو يفكر المصاب، وإنما هو مجرد مرض نفسيّ، أو صعوبة نفسية قد تصيب الإنسان لسبب أو آخر، كما يمكن لاضطرابات أخرى أن تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية، كما أن لهذه الاضطرابات علاجات، فللوسواس وغيره من الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية.

وفي هذا الموقع الكثير من الأسئلة التي تدور حول الوساوس، مما يعكس أولاً مدى انتشارها بين الناس، وإن كان من المعتاد أن لا يتحدث الناس عنها ولا حتى المصاب إلا بعد عدة سنوات ربما، حيث يعاني أولاً بصمت ولزمن طويل قد يصل لسبع أو تسع سنوات، ولذلك أشكرك على أن كتبت لنا تسألين.

إن وضوح التشخيص وفهم طبيعة الوسواس من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج، ومن أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، وهناك بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية العامة للشخص، ولك أن تحاولي مع صديقتك "العلاج" من خلال تشجيعها لعدم الاكتراث بهذه الوساوس، وتذكيرها أنها مجرد وساوس قهرية، وأن تشجعيها على أن لا تصرِفها عن الأعمال التي تريد القيام بها، وخاصة العبادات، ولكن إن وجدت صعوبة كبيرة في تحقيق هذا، أو طال الأمر وأزمن، فأنصحها بمراجعة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي قريب من مكان سكناها، ليقوم على العلاج ويشرف عليه.

وفقك الله، وحفظك من كل سوء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً