الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاناة والدي مع اكتئاب ثنائي القطبية دمر حياتنا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والدي يعاني من اضطراب وجداني منذ 13 سنة، وصرف له علاج ديباكين 200 ملغرام ثلاث مرات باليوم وحبة صغيرة ريفوتريل مرة قبل النوم.

النوبة تأتيه بعد كل ثلاث سنوات، وتتفاوت مدتها وشدتها، هذه المرة أتته النوبة منذ سبعة أشهر، وأول مرة تطول مدتها هكذا، فهو أصبح حاد المزاج، عصبيا، كثير المشاكل، وأفكاره شيطانية، شديد التأثر بالآخرين، يتصرف كالمراهقين، يهتم بمظهره جدا, كثير الكلام والألفاظ النابية, لا يجيد التصرف بالمال ويهدره, قليل النوم، وأصبح يكره أمي ويثور عليها كثيرا من أتفه الأشياء، لا أعلم لماذا يتصرف معها هكذا؟! في حين أنه يتقبل حتى الإهانة من غيرها بصدر رحب ولا يفعل شيئا أبداً! يا دكتور ما الحل لمشكلته؟

علما أن الدكتور المشرف على حالته غير متعاون معنا، ولا يقوم بالرد على اتصالاتنا، ونحن لا نستطيع الذهاب إلى عيادته للتحدث معه، فأريد حلا عاجلاً.

جزاك الله خيرا فو الله إننا في جحيم وشقاء منذ سبعة أشهر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأسأل الله تعالى لوالدك الشفاء والعافية.
يعرف أن بعض حالات الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية قد تتسارع فيها الانتكاسات مع تقدم الإنسان في العمر، يعني أن المرض في بداياته قد يكون متباعدًا، لكن بعد ذلك - خاصة إذا لم يُعالج بصورة جيدة – قد يأخذ المرض منحى آخر وتصبح النوبات متقاربة للدرجة التي يسميها البعض (الباب الدوار) أي أن المريض يدخل في نوبة ويخرج منها ثم يدخل في أخرى.

هذا الكلام يجب ألا يكون مزعجًا بالنسبة لك أبدًا، هي حقيقة علمية وددت أن أُطلعك عليها، والحالات أيضًا قد تشتد في مرحلة عمرية معينة، ووالدك – حفظه الله تعالى – ومن خلال ما ذكرته من أعراض (كثرة الكلام – التصرفات غير منضبطة اجتماعيا – لا يُجيد التصرف في المال ويُهدره) هذا قطعًا دليل قاطع على أن والدك – عافاه الله – دخل فيما نسميه بالقطب الانشراحي أو القطب الهوسي – أي اضطراب الوجدان ثنائي القطبية -.

هذه الحالات يمكن علاجها، يمكن احتواؤها، وأعتقد أن والدك محتاج لدواءين: مثبت المزاج يكون صحيحًا، وأعتقد أن الـ (دباكين Depakine) دواء ممتاز، لكن ليس الدباكين الذي يتم تناوله ثلاث مرات في اليوم، إنما مركب (دباكين كرونو Depakine Chrono) – هذا مهم جدًّا، ويتناول ألف مليجرام ليلاً – أي حبتين من الحبة التي تحتوي على خمسمائة مليجرام -.

أما الدواء الثاني - والذي نعتبره عقارًا ممتازًا لعلاج مثل هذه الحالات - فهو عقار (سيروكويل Seroquel) والذي يعرف علميًا باسم (كويتيابين Quetiapine) هذا يتم تناوله مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أيام، ثم تصبح الجرعة مائتان مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم ثلاثمائة مليجرام ليلاً، وهذه يجب أن يستمر عليها لفترة قد تطول.

إذن العلاج الصحيح لوالدك هو تناول هذين الدواءين، علمًا أنه توجد أدوية أخرى، مثلاً عقار (زايبريكسا Zyprexa) يمكن أن يكون بديلاً لعقار (سيروكويل)، لكن زايبريكسا لا نفضله إذا كان المريض مثلاً لديه ارتفاع في السكر، وهنالك عقار يعرف (اريبيبرازول Aripiprazole) هذا أيضًا ممتاز جدًّا.

الخيارات كثيرة جدًّا، أرجو ألا تنزعجي أبدًا، اتخذي هذا المنحى الذي ذكرته لك، وبعد أن تهدأ الأمور اذهبي بوالدك إلى الطبيب، وأنا أثق تمامًا أن الطبيب سوف يضع له خطة علاجية متكاملة، وأهم شيء في الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية هي مواصلة العلاج والالتزام القاطع به.

والدك ما دام لديه نوبات سابقة وهذه النوبة حادة فهذا يعني أنه من الضروري أن يستمر على الدواء لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، هذا في أقل التقديرات، وأنا متأكد إذا وجد من يشرح له الأمور ويبسطها له سوف يتعاون جدًّا في العلاج، وأنت جزاك الله خيرًا، وهذا نوع - إن شاء الله تعالى – من البر به، نسأل الله أن يتقبل منك صالح الأعمال، وأن يشفي والدك، ويشفي جميع مرضى المسلمين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً