الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا مصابة بمس منذ 3 سنوات ولا أستطيع الذهاب لقارئ.. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 27 مصابة بمس منذ 3 سنوات دون علم أهلي، أعالج نفسي بالرقية الشرعية، وأسمع سورة البقرة، وأهلي يعاملونني بقسوة، لذلك لا أريد أن أعلمهم بذلك، ولا أستطيع الذهاب إلى الشيخ، هل يوجد حل آخر؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بشرى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين واعتداء المعتدين وظلم الظالمين، كما نسأله تعالى أن يجعل لك من لدنه وليًّا ونصيرًا، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن المس والحسد والعين والسحر كلها أمور تُلقي بظلالها على نفسية الإنسان، وتجعله في نوع من الاضطراب وعدم الراحة وعدم الاستقرار النفسي، بل وأحيانًا عدم التناغم أو التأقلم مع المجتمع الذي يعيش فيه، وهي نوع من أنواع الأمراض التي تصيب الإنسان؛ لأن هناك أمراضًا تُصيب البدن والأعضاء، وهناك أمراضًا تُصيب النفس والروح، وهذا النوع من الأنواع التي تصيب النفس، إذ أن الشيطان يتسلط على الإنسان بصورة أو بأخرى مما يعكر خاطره ويكدر مزاجه، ويجعله في حالة من عدم الاستقرار، بل وقد يؤدي إلى حرمانه من بعض الأمور الطبيعية التي يتمتع بها غيره، ولذلك أمرنا الشارع أن نعالج هذه الأمور كما نعالج غيرها من الأمراض العضوية، فالنبي - صلى الله عليه وسلم – رقى واسترقى، وكان يطلب أيضًا من أصحابه أن يرقوا أبنائهم، كما حدث لأبناء جعفر – رضي الله تعالى عنه – عندما أمر أمَّهم أن ترقيهم؛ لأن بهم النظرة.

فإذن الرقية شيء مشروع منذ الصدر الأول، ولقد رقى جبريل النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم – فعلينا إذا ما تعرض الواحد منا لشيء من هذه الاعتداءات أن يلجأ إلى هذه السنة النبوية المباركة، وهي العلاج بالرقية الشرعية، لأن المس أو العين أو الحسد أو السحر لا علاج لها (حقيقة) إلا في الرقية الشرعية.

وكونك تقومين برقية نفسك منذ فترة طويلة، ولكن لم تلاحظي أي نوع من التحسن، أقول: هذا معناه لعل الجهد الذي تبذلينه أقل من المطلوب؛ لأن الرقية شأنها شأن أي علاج آخر، فأحيانًا الواحد منا قد يأخذ نوعًا من الدواء، ولكن الدواء يكون أقل من قوة المرض فلا يستفيد المريض، قد يتحسن بعض الشيء، ولكن لا يتم شفاؤه بالكلية، ولذلك - بارك الله فيك - أنا أتمنى أن تعيدي النظر في مسألة الرقية مرة أخرى، قد تكون الطريقة التي تستعملينها دون المستوى المطلوب، وذلك مثلاً كأن تزيدي في تكرار الآيات أكثر من مرة، أحيانًا قد تكوني قرأت (مثلاً) الآية مرة واحدة، وقد يكون المطلوب أن تقرئيها (مثلاً) ثلاث مرات، خمس مرات، سبع مرات، فمن الممكن تكرار قراءة آيات الرقية وأحاديثها، لعل ذلك أن يكون أكثر تركيزًا وأعظم نفعًا بإذن الله تعالى.

كذلك أيضًا من الممكن أن تستعملي آيات أكثر وأحاديث أكثر، لعل الرقية التي تستعملينها قد تكون (مثلاً) لا تصلح للمس، ولذلك ينبغي علينا أن نتوسع في معرفة الآيات والأحاديث التي يتم بها العلاج، لعل الله تبارك وتعالى أن يجعل في ذلك شفاء عاجلاً.

مما لا شك فيه أن رقيتك لنفسك هذا أمر حسن، وهو أمر طيب، وأنا أعتقد أنك قد استفدت كثيرًا برقيتك لنفسك وإن لم يتم الشفاء الكامل، إلا أن الله تبارك وتعالى من فضله ورحمته جعل الأثر في القرآن والسنة ولم يجعل الأثر في الإنسان، فما دمت تقرئين كلام الله وكلام النبي - عليه الصلاة والسلام – فأنت في خير وعلى خير، ولولا رقيتك لنفسك مما لا شك فيه لكانت حالتك أكثر سوءً مما هي عليه الآن.

وكون أهلك لا يسمحون لك بالذهاب إلى شيخ أو ظروفك لا تسمح: هذه يجعلك في أمس الحاجة إلى أن تطوري نفسك، وأن تجتهدي في البحث عن وسائل أخرى للرقية الشرعية، شريطة أن تكون تلك الوسائل مشروعة، وذلك كاختيار وقت مناسب واختيار مكان مناسب، كذلك أيضًا تكرار آيات الرقية وأحاديثها أكثر من مرة، كذلك أيضًا من الممكن أن تقومي (مثلاً) بالقراءة على جسدك والقراءة على ماء، وأن تستعملي الماء شُربًا واغتسالاً، كذلك القراءة على زيت، وأن تدهني جسدك به سواء كان زيت زيتون، أو زيت حبة البركة، أيضًا هذه وسيلة من وسائل العلاج يستعملها بعض المعالجين.

كما أنصحك - بارك الله فيك – بضرورة المحافظة على الصلاة في أوقاتها، ثم بالمحافظة على أذكار ما بعد الصلاة، وهذه في غاية الأهمية، كذلك أيضًا المحافظة على أذكار الصباح، وأذكار المساء؛ لأن هذه تحصينات يومية لا بد للمسلم منها ،وإلا كان عرضة لكيد الشيطان ونزغاته، خاصة (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات مساءً، ومثلها ليلاً، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات مساءً ومثلها ليلاً، التهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحًا ومائة مرة مساء.

كما أوصيك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يمنَّ عليك بالشفاء، كذلك أوصيك أيضًا بالاستماع إلى أشرطة الرقية الشرعية، وأنصح بسماع رقية الشيخ محمد جبريل، تستطيعين أن تكتبي في موقع البحث جوجل (رقية الشيخ محمد جبريل) وستجدين رقية رائعة، وهي تكاد تكون من أفضل أنواع الرقى التي تستعمل في علاج المس والعين والسحر والحسد.

أيضًا أوصيك بالإكثار من الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – بنية الشفاء، وتجتهدي في المحافظة على الوضوء قدر الاستطاعة، وألا تنامي إلا على طهارة، وألا تنامي إلا بعد أذكار النوم التي علمنا إياها النبي - عليه الصلاة والسلام – وأنا واثق - إن شاء الله تعالى – أن حالتك سوف تتحسن تحسنًا كبيرًا في الفترة القادمة، وأوصيك بالصبر والصبر الجميل، وأسأل الله أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً