الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما العلاج السلوكي للتخلص من أعراض الخوف النفسية والجسدية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصتي بدأت تقريباً منذ أربعة أشهر، غفوت قبل صلاة الفجر وأنا في ضيق من عمل سيء عملته، صحوت لصلاة الفجر ثم شعرت وأنا في الصلاة بضيق شديد، وخوف من الموت، عندما انتهيت من الصلاة ركضت لأمي، وبدأت بالبكاء حتى أصبحت أرى كأنني في حلم، ثم بدأ يكسو عيني السواد، بدأت أمي ترقيني، وأنا أشرب ماء حتى بدأت أستفرغه -أكرمك الله-، ثم رجعت لأكمل نومي، ولكني كنت كلما غفوت أفتح عيوني و(أفز)، وهكذا حتى -بحمد الله- نمت.

من هنا بدأ الضيق والبكاء، وشعور بالجنون والوسواس، ثم تلاها شكوك بأهلي وأقاربي، ثم خفقان والذي أعلم أنه من معدتي، لأني أصبحت أستفرغ، مما أتعب المعدة وخاصة أنها لا تحتمل، لكني رغم ذلك بدأت بالوسوسة من الخفقان، وها أنا أحاول أن أطمئن نفسي، ذهبت لشيوخ حتى يرقوني، وكنت أتعافى –الحمد لله- ثم يأتي شيء آخر –والحمد لله على كل حال-، وأصبحت إذا حلمت بحلم أفسره بشي سيء –أستغفر الله-، أشعر أنه ليس بيدي، ومرة كنت جالسة مع أمي ونسيت ماذا كنت أقول، وكأن ذهني تشتت، فأصبحت أرى كأني في حلم، وفكرت أن هذا شيء نفسي، وسيؤثر علي سلباً.

في كل أحوالي هذه أعلم أنه نفسي، لكن شيء ما يغطي على هذا الفكر ويهزمه، أنا أحمد الله فلست أسمى مريضة، أشعر وكأنه ضغط نفسي، لأن حالتي ازدادت بعد وفاة جدتي -رحمها الله- قبل شهرين، وانتقالنا لأيام لبيت جدي، وكنت لا أطيق ذاك البيت، وأمور في البيت لا تسير على ما يرام، أعترف أني قبل هذا كنت نوعا ما خوافة، أشكو دائماً لأمي وأبكي حتى أصبحت تتذمر من شكواي، وتخبرني أني سأعاني أكثر إن اتبعت هذه الطريقة، وهي بكلامها هذا تزيد من خوفي، لا أريد أن أشكو لأحد، وأعلم أن شكواي لغير ربي لن تفيدني بشيء، ولكنها طبيعتي.

أرجو منكم أن تتفضلوا عليّ بعلاج سلوكي، لأني لا أرغب بالأدوية أبداً، جزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه، والعذر على كلامي غير المنسق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حصة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الإحساس والشعور بالندم من شروط التوبة، وبالطبع الأفضل للمؤمن أن يندم إذا أخطأ، وهذا يعني أنك تشعرين بمراقبة الله عز وجل، وهذا أيضاً يعني أن ضميرك ما زال حياً، وليس عيباً أن يخطئ الإنسان بل العيب أن يتمادى في الخطأ، وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

فاعزمي على عدم تكرار هذا الخطأ، وأحسني الظن في الله، لأنه هو التواب الرحيم اللطيف بعباده، وأكثري من فعل الطاعات فالحسنات يذهبن السيئات، وداومي على أذكار الصباح والمساء، فستكون لك -إن شاء الله- حفظاً وحصناً من الوساوس والمخاوف، قال تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور علي التهامي استشاري الطب النفسي

وتليها إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما حدث لك من تجربة نفسية أدت إلى نوبة الخوف الشديدة، وما تبعها من سلوكيات وتجارب نفسية، هي نوبة فزع أو نوبة هلع، ويعرف أن هذه الحالات تكون مفاجئة، وتكون مخيفة جدًّا لصاحبها، والنوبات قد تتكرر أو قد لا يحدث ذلك، لكن كل من يمر بتجربة الفزع تأتيه مشاعر قلقية حول ما سيحدث في المستقبل، وتكون المخاوف والتوترات وشيء من الوساوس موجودة لدى الإنسان.

العلاج لهذه الحالات يجب أن يكون علاجًا متكاملاً، وأقصد بالمتكامل أن يتم تناول العلاج الدوائي، ويصحبه العلاج النفسي، وكذلك العلاج الاجتماعي.

العلاج النفسي: ليس من الضروري أن يكون علاجًا سلوكيًا فقط، فهنالك عدة مدارس، هناك المدرسة التحليلية، وهنالك مدرسة تنتهج المنهج الإنساني في العلاج النفسي، ومثل حالتك حتى تستفيدي استفادة جيدة، أعتقد أن تواصلك مع مختص نفسي وليس طبيبًا نفسيًا، سيكون مفيدا جدًّا بالنسبة لك.

ومن ناحيتي أقول لك: لا تتخذي موقفًا سلبيًا حيال الدواء، فالمخاوف والوساوس، ونوبات الهرع والفزع، قطعًا هنالك مكون بيولوجي هام يتعلق بهذه التجارب النفسية، وما دام هنالك مكون حيوي بيولوجي، فهذا لا يمكن أن يعالج إلا عن طريق الأدوية، والأدوية الآن متوفرة وهي سليمة، وهذه الحالات تحتاج لدواء واحد فقط ولمدة قصيرة.

العلاجات السلوكية في مجملها تقوم على مبدأ تفهم الحالة، لذا نحن نحرص أن نعطي المسميات التشخيصية، وهذا في حد ذاته يساعد الناس، أن أعرف ما بي، ما هي مشكلتي، ثم بعد ذلك أستطيع أن أتقبلها أو أتعايش معها، وفي ذات الوقت لن يُصاب الإنسان بالخوف أو التوتر الشديد إذا أتت هذه النوبات، لأن من طبيعتها أنها قد تكرر، وإن كانت مفزعة وتجربة سلبية جدًّا، لكنها ليست خطيرة.

من أهم العلاجات السلوكية الأخرى هي: أن يكون الإنسان إيجابيًا في تفكيره، والتفكير الإيجابي يتطلب جهداً، التفكير السلبي يتساقط ويقع على الناس ويسيطر عليهم، ويجعل حياتهم مليئة بالنكد وعدم الارتياح والمخاوف، فأنت محتاجة لأن تغيري نمط حياتك، أن تغيري نمط تفكيرك، وتلجئي أكثر للتفكير الإيجابي، وإدارة الوقت نحن أيضًا نعتبرها علاجًا سلوكيًا مهمًّا، وحسن إدارة الوقت تزيل الفراغ، والإنسان حين يشغل نفسه بما هو مفيد يحس بقيمته الذاتية من الناحية النفسية، من الناحية الوجدانية، وحتى من الناحية الفكرية، يتطور الإنسان إذا كان مشغولاً ومطلعًا ومتواصلاً، هذا علاج، وتمارين الاسترخاء أيضًا نعتبرها علاجًا سلوكيًا مهمًّا جدًّا، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015).

بالنسبة للوساوس أهم علاج سلوكي هو: أن يرفضها الإنسان، أن يقاومها، ألا يتبعها، أن يتجاهلها، ويحقرها، ويستبدلها بفكر أو فعل مخالف.

إذاً هذا مجمل ما أستطيع أن أقوله لك، وإن أردت أن تطلعي أكثر على العلاج السلوكي التفصيلي حول هذه الحالات، اطلعي على كتاب الأستاذ الدكتور (عبد الستار إبراهيم)، كتاب ممتاز يسمى بـ (العلاج السلوكي المعرفي).

بارك الله فيك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً