الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يتناول الشمة والقات فهل أنفصل عنه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا فتاة متزوجة منذ شهرين، بدأت مشكلتي في اليوم الخامس من زواجي، حيث اكتشفت بأن زوجي يتناول الشمة والقات، ولا أعلم إذا كان يتناول أشياء أخرى، أصبت بصدمة كبيرة يومها، ولكنني فكرت في عدم مصارحته بأي شيء، الأمر الذي ساءني جداً أنني تحريت عنه جيداً، وأشاد به الجميع، فهو شاب محافظ على الصلاة، وخلوق، ومن أسرة محافظة، والشيء الوحيد الذي سمعته عنه أنه كان يدخن قبل سنتين، وعلى هذا الأساس تمت الموافقة، أشعر بالحيرة، هل أستمر في هذا الزواج أم لا؟

علاقتي به جيدة جداً، فهو حنون وخلوق وكريم، وبار بوالديه جداً، والحق يقال أنني أكاد لا أجد فيه شيئا يضايقني سوى تناوله لهذه الأشياء، وهو يتناولها سراً، فلا أحد يعلم بذلك سوى مجموعة الزملاء التي يتناولها معهم، ولعل السبب في ذلك أنه يعمل في مدينة أخرى، ويقيم فيها منذ ثلاث سنوات مع مجموعة من الشباب في شقة.

خلال الشهرين الماضيين كنا مع بعضنا طوال الوقت، وكان فقط يخرج بمفرده لساعة في بعض الأيام، وعندما نتحدث عن التعاطي أو المخدرات فإنه يبدي استياءه ويقول: (الله لا يبلانا).

أشيروا علي ماذا أفعل؟، هل أنفصل عنه أم أستمر؟ لا زلت في العشرينات من عمري، جميلة وموظفة، وأدرس الماجستير، وكلما فكرت في الانفصال ترددت لما فيه من صفات جيدة، وأسرته أسرة طيبة ومحافظة، وقد عشت معه في الفترة القصيرة الماضية براحة وسعادة، ولا أعلم ماذا أفعل، خاصة أنني لا أستطيع السفر معه إلى المدينة التي يعمل بها بحكم وظيفتي ودراستي، وأخشى عليه من كونه سيعود للإقامة مع نفس المجموعة التي يتناول معهم هذه الأشياء بأريحية، والأمر الوحيد الذي قررت أن أفعله هو عدم الإنجاب، وتم الاتفاق بيني وبينه على ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد،،،


مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال زوجك، ويرده إلى الحق ردًّا جميلاً.

نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك إنصافك لزوجك وحسن ثنائك عليه بما فيه من خصال خير، وهذا دليل على رجاحة في عقلك، وهذا العقل الوافر، وحسن التأمل في الأمور، ومعرفة الإيجابيات فيها والسلبيات، نحن على ثقة من أنه سيجرك -بإذن الله- وسيقودك إلى اتخاذ القرار السليم الصائب في شأن زوجك.

بلا شك -أيتها البنت الكريمة- أن خيار مفارقة هذا الزوج واختيار الطلاق ليس هو الحل الأمثل فيما نراه، فإن إصلاح هذا الزوج ممكن، وإذًا فنحن نرى بأنك أجدر الناس بإصلاحه وتغييره، فتأثيرك عليه أقوى من تأثير غيرك، وينبغي أن تكوني واثقة من دورك في التأثير عليه، وأنه قد يكون أقوى من تأثير الأصحاب الآخرين، فإنك صرت من جملة الأصحاب، وأقرب الناس إليه وألصق الناس به، ومن ثم فنحن نرجو -إن شاء الله تعالى- أن يتأثر بك، كما يتأثر بالآخرين أو أشد.

نصيحتنا لك -أيتها البنت الكريمة- أن تبدئي ببذل الأسباب في إصلاح هذا الزوج، ويعينك على ذلك ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، والتقرب إليه بإصلاح حال مسلم مع أنه أولى الناس بمعروفك وإحسانك.

لا شك أن للأصحاب الآخرين تأثيرًا عليه، ولذا فإن من الأسباب محاولة إبعاده عن هؤلاء الأصحاب وهذه الرُّفقة، وذلك إما بأن تساعديه وتقنعيه على تحويل عمله إذا أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه، فلا أقل من أن يبحث عن رفقة أخرى وأصحاب جُدد، فيُغير بيئته التي عاش فيها.

نحن ندرك أن هذا الزوج يُحيط نفسه بشديد من التكتم والأسرار عن هذه الممارسة، ونصيحتنا لك أن لا تحاولي هتك هذا الستر الذي يحاول أن يضربه على نفسه، فإن مصارحته بما يفعل قد لا تكون هي الوسيلة المثلى في هذه المرحلة، ولكن بإمكانك أن تباشري النصح والتنبيه بأثر بعض العادات السيئة على الإنسان، وأثرها على مستقبله وحياته وحياة أبنائه.

وهذه العادات القبيحة التي يمارسها الزوج من تناول القات والشمّة لها أضرار صحية عديدة، وتذكير الزوج بهذه الأضرار، وبيان الآثار الطبية من وراء هذه العادات، ولو لم تصارحيه بأنه يتناولها، ولكن تذكيره بذلك بطريق غير مباشر، مع بيان حكم الله تعالى فيها، وأنها حرام لما فيها من المضرة، وأن تناول الشمّة أعظم إثمًا من تناول السجائر -كما يقوله العلماء-، وهذا النوع من التذكير سيصنع صنعه في نفس زوجك - بإذن الله تعالى-.

مع ضرورة حثه على أن يختار الأصحاب الصالحين، وتذكيره بما هو عليه من الخير، كمحافظته على الصلوات، وانتمائه إلى أسرة طيبة، وغير ذلك من الصفات الحميدة، فينبغي أن تُستغل هذه الصفات لتشجيعه على المزيد منها، وحثه على أن يكونوا أصحابه بهذه المواصفات كذلك، مع الإكثار من الدعاء له، لاسيما الدعاء بظهر الغيب، ومتابعته في شأن أصحابه، وسؤاله عمَّن يجالسهم، وكيف حالهم.

هذا ما تستطيعين فعله الآن، وإذا استطعت مع ذلك أن تستعيني بمن له تأثير عليه كالوالدين ونحوهما فشيء حسن، ونحن على ثقة - بإذن الله تعالى – من أن هذه الأساليب ستؤدي ثمرتها، ولذا فنصيحتنا لك أن لا تتعجلي في فراق هذا الزوج وطلب الطلاق منه قبل أن تُباشري هذه المحاولات لإصلاحه.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكلل جهودك بالنجاح والتوفيق، وأن يكتب لك الأجر والمثوبة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً