الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة المشاكل سببت لي حالة من الانطواء والعزلة والكآبة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

حدثت لي مشاكل عدة، سواء من ناحية العنف الأسري بالصغر، أو المشاكل التي تحدث لي الآن من أناس قريبين مني، وبسبب كثرة المشاكل أصبت بِاليأس والإحباط، ولكني لم أفقد الأمل، كُنت في حالة انهيار دائم، ومنعزلة عن كل شيء، ولا أود الحديث مع أي شخص، ولا أريد النقاشات، وقد أدى مكوثي بمفردي وعزلتي وعدم الاكتراث بالآخرين إلى:

1- ضعف بالشخصية، فأصبحت لا رأي لي، فإذا قيل لي بأن هذا جميل استحسنته، وإن قيل لي بأن هذا قبيح استقبحته -وإن كان جميلا- أسأل كثيرا عن مظهري وعن شكلي، وعن تفاصيلي، دائمة النظر للأسفل، وأحتاج لجهد حتى أحاول النظر للأعلى، كما أشعر بأن نظراتي مضحكة، فأضطر لأن أبعدها عن الآخرين.

2- لا أستطيع الأكل أو الشرب بوجود أحد بجانبي، لأني أبدأ بالارتجاف، ويهتز رأسي وجسدي، وأعجز عن إتمام طعامي، ولا أعرف ما سبب ذلك!

3- حين يطلب مني شيء دائمًا ما أتوتر وأرتجف، وتبدأ أنفاسي تتسارع، وأقلق كثيرًا رغم أن الطلب بسيط، حتى لو كان مجرد طلب بأن أفتح درج المكتب.

4- دائمًا ما أفكر بالانتحار، وأدعو الله كثيرًا بأن يأخذ روحي وأموت.

5- لا أستطيع المشي باتزان حين ألاحظ أحدا ما يمشي خلفي أو أمامي، وهذا يسبب لي الإحراج.

6- أتمنى كثيرًا أن أصبح مثل أي شخص واثق لا يهاب شيئا، وأستصعب فكرة أن شخصا ما ذهب لوحده لحضور اجتماع كبير وتحدث به، كيف فعل ذلك؟!

7- لا أتكلم بطلاقة أبدا، وكثيرة الأخطاء، وأجد صعوبة في التحدث مع أي شخص عدا أهلي، ولا أعلم كيف أوصل معلومةً لشخص لأنهم لا يفهمون مني شيئا، لذلك فهم دائمًا يضحكون ويستهزئون بي.

8- أفكر بأشخاص لم يعد وجودهم في حياتي مهمًا، ولكن أفكر بهم وهم لا يعلمون، لأن ما بيننا من علاقة قد انقطعت، وأشعر وكأنني شخصيتين بجسد واحد.

أنا عاجزة، ووزني ينقص بشكل مخيف، ولدي خفقان وعدم انتظام في القلب، وأشعر باختناق، ومع ذلك فأنا صحيا سليمة، حاولت أن أمارس الرياضة، وأن أقترب من الله، أحدث ذاتي بالإيجابية، ولكن ذلك لم يجد نفعًا إلا في وقته.

ببساطة أنا دائمة الشعور بالحزن، فأنا أشعر بأني لست مناسبة لهذه الحياة، لا أحب ذاتي، حاولت ولكن هي دائمًا تخذلني في أن أفعل أشياء بدون إرادتي، مما يجعل من حولي يضحكون علي، فأشعر بأن روحي تطير، وأنا أمضي نحوها، ولا أعلم ما بي.

أرجوكم فهذا الحال لا يطاق، أنا جدًا بائسة، أريد حلًا، وأظن أنكم على دراية بما يحدث لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجرد فتاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

لا زالت آثار المشاكل الأسرية في الصغر تنعكس على طريقة تفكيرك مما جعلك تصفين نفسك بل تعتقدين وتتصورين تصورات سلبية جدًّا عن ذاتك: (السأم، اليأس، ضعف الشخصية، عدم الفعالية، المخاوف، القلق، التوترات، الأعراض النفسوجسدية)، وأخطر من ذلك التفكير في الانتحار وتمني الموت، وكلا المنهجين قبيح وخطير ومرفوض.

الانتحار تحقير للذات أو إهانة للأهل وهو حرام قطعًا، قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا} وقال: {ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة}، أما تمني الموت فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يتمنينَّ أحدكم الموت لضرٍ أصابه).

والأمر إذا نظرت إليه بوعي وجدية فإنه لا يتطلب كل هذا النوع من الأفكار اليائسة، أعرفُ أننا نعيش في زمان أصبح الشباب يتداول فيها مصطلحات خطيرة جدًّا حتى وإن لم يقدم عليها، ولكن مجرد أن يتوقف عند هذه المحطات القبيحة واليائسة أمر نرفضه تمامًا، فنحن نريد من الشباب أن يُحدد هويته، وأن يعرف انتماءاته ووجهته الإسلامية ووجهته الإيمانية، أن يكون منتميًا لأسرته ولوطنه ولدينه، وأن يعمل من أجل أن يكون مفيدًا لنفسه ولغيره.

إذًا الأمر كله يقوم على مبدأ التغيير الذاتي، هذه ليست أوهامًا، هذه حقائق، من أراد أن يلبس ثوبًا جميلاً يستطيع، ومن أراد أن يلبس ثوبًا قبيحًا أيضًا يستطيع، والفرق كبير وكبير جدًّا بين الاثنين، والذي أريد أن أصل إليه هو: أن هذا الفكر السلبي الذي أعطيته مجالاً كبيرًا ليسيطر عليك، يجب أن يستبدل ويجب أن يقف عند حده، ويكون تفكيرك على النحو التالي:

أولاً: أنت شابة، صغيرة في السن، لديك طاقات نفسية وجسدية لا بد أن تُفعّل.

ثانيًا: المستقبل للشباب.

ثالثًا: تحديد الهوية والانتماء.

رابعًا: أن يكون قرارك مع نفسك ألا تنقادي بمشاعرك السلبية، إنما تنقادي بأفعالك الإيجابية، والأفعال تبدل الأفكار وتبدل المشاعر.

خامسًا: بر الوالدين فيه خير كثير للشباب.

سادسًا: تحديد الأهداف والمقاصد.

سابعًا: الزمالة والأخوة الطيبة، فكوني مع الصالحات من الفتيات.

ثامنًا: حسن إدارة الوقت – هذه مهمة جدًّا – لأن إدارة الوقت تعني إدارة الحياة.

هذه هي الأسس التي يجب أن تفكري فيها وتنقادي بها، الإنسان إذا بدل فكره وأحسن عمله يثق في نفسه بصورة أكثر، هذا هو المطلوب منك وليس أكثر من ذلك، وكل الأعراض القلقية والتوترية وخفقان القلب وخلافه، أرى أنها ذات منشأ نفسي، وبشيء من الاستقرار النفسي الداخلي، والتفكير الإيجابي، وتطبيق شيء من تمارين الاسترخاء، وممارسة الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، هذا كله سيغدق عليك خيرا كثيرا، وستتعافين في صحتك النفسية والجسدية - بإذنِ الله تعالى -.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية حنان فاقده حنان

    والاهم من ذلك يأختي اقرائي القران في كل وقت فهو شفاء لما في صدور تحتاجين بعض الوقت لتبني نفسك من جديد لاتربطي مصيرك الا مع الله كوني مع الله تكوني قووويه اعلم ماتمرين به تماما فانا اعانيه واعاني من مس عاشق وله دور كبير بمااعاني من اضطرابات رقي نفسك وحاولي ان تسيطري على افكارك خاصه وقت نوم ووشكرا لكي ولاتنسي صلاه اليل واسئل الله ان يشفيكي ويشفيني

  • السعودية فرح

    روحي سوي تحليل كامل واشاعة للمخ وراجعي دكتور نفسي عشان تتكلمين وتخرجين الضغوط المترسبه داخلك من سنين الله يفرج همي وهمك عاجل غير اجل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً