الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بنوبة ذعر بعد وفاة قريبي..فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أشكركم على الخدمات والجهود التي تبذلونها في سبيل نصح وإرشاد جمع المسلمين؛ لأن النصيحة من الدين, أسأل الله سبحانه أن يكتب كل ما تقومون به في ميزان حسناتكم.

أما بعد: أنا شاب عمري 24 سنة, وأنا طالب وباحث في كلية الحقوق, منذ 3 أشهر ونيف حصلت لي نوبة هلع قوية, ذهبت على إثرها وفي الحال إلى المستشفى, قسم الطوارئ؛ لأني كنت سأفقد الوعي من شدة خفقان القلب, وعند وصولي إلى المشفى قام الأطباء بتخطيط القلب, والحمد لله كان سليما, ولكنهم ولمزيد من التأكد أخذوا عينة من الدم قصد القيام بتحليل أنزيمات القلب, وهذا تحليل اسمه (troponine) والحمد لله كانت نتيجته سلبية أيضاً, بعدها قمت بتحاليل السكر والكولسترول, والغدة, وكلها سليمة, وأكد لي وقتها الطاقم الطبي وشبه الطبي أني على ما يرام, وما حدث لي سببه التوتر.

إجابتهم أقنعتني لأني فعلا قد عشت وقتها فترة توتر كبيرة, وما زاد الطينة بلة أن أحد أقربائي -عزيزٌ على قلبي- وافته المنية -رحمة الله عليه- حيث كانت صدمة قوية جدا, والأزمة أتتني بعد الوفاة بأربعة أيام.


لكن؛ رغم أن الأطباء طمأنوني إلا أن الوساوس قد نالت مني, والهلوسة طغت على بصيرتي, وحينها بدأت رحلة تنقلي بين أطباء الاختصاص, من أمراض باطنية, مرورا بأمراض القلب والشراين, وصولاً إلى الطبيب النفسي؛ وكلهم أجمعوا أني -والحمد لله- على ما يرام, وكل ما يخالجني سببه نفسي ناتج عن القلق.

وما دفعني إلى استشارتكم أن هناك بعض الأعراض, مثل أوجاع في الشق الأيسر من الصدر, تحديداً في عضلات الصدر والساقين, أيضاً ضيق في التنفس, وإمساك, ثم إسهال, إضافة إلى أوجاع في أعلى البطن من الجهة اليسرى, وكثرة الغازات, بالرغم من أخذ العديد من الأدوية, خاصةً المضادة للاكتئاب والقلق والتي وصفتهم لي الطبيبة النفسية من (3 مرات) دجمتل 50 و(biomag) مرتين, و(paroxetine 20 mg) ثلاث مرات في اليوم لمدة شهر, كما وصفت لي دواء اسمه (xanax retard) هذا أتناوله إلا عندما تداهمني النوبة.

منذ شهر ونصف توقفت عن شرب الدواء الذي صحيح أنه خفف عني وطئة الأزمة نوعاً ما, لكن كما ذكرت لكم هناك بعض الأعراض تقلقني, دائماً أحس بتعب شديد, أنام لساعات طوال, أفقد تركيزي عند القراءة, خاصةً وأني أقوم بإعداد مذكرة تخرج ماجستر, بحث في القانون الخاص وعلوم الإجرام, إلى جانب كوني في مرحلة تحضير لاجتياز مناظرة دخول لمعهد المحاماة؛ لأمارس المهنة, لكن المشكلة أني لا أقدر على التركيز.

كما أعاني من أوجاع الصدر, ومن الضغط الذي أشعر به في أعلى البطن, ومن الدوخة في بعض الأحيان, ومن ضيق التنفس من جراء القولون العصبي, كل ذلك يحول دون مواصلة تحضيري أو البحث.

كما أني اطلعت على الكثير من الاستشارات التي طرحت في هذا الموقع, وخاصةً الحالات المشابهة لحالتي, وتقيدت بتوصياتكم, أخص بالذكر منها طريقة الاسترخاء, لكن لم تنفع معي, هذا ليس تقليلاً مني لقدراتكم ومعرفتكم, خصوصا وأنكم أطباء, وأنا لولا ثقتي فيكم لما التجأت إليكم.

سؤالي: هل آثار نوبة الهلع من الآلام وبقية الأعراض التي أسلفتها بالذكر يمكنها أن تدوم أكثر من 3 أشهر منذ بدايتها (أعني هل هي متواصلة)؟ وهل تنصحونني أن أعاود زيارة الطبيبة النفسية؟ مع العلم أني أدرك كل كبيرة وصغيرة بخصوص هذا التشنج النفسي؛ لأني قرأت عليه الكثير, وبدأت أتخلص من الأفكار السلبية, مثل الخوف, والتفكير في الموت, أو أني مصاب بمرض خطير, لكن يبقى هاجسي الوحيد هو الخوف من أن حالتي تتطور للأسوأ, فما هو رأيكم؟

شكراً جزيلاً على رحابة صدركم, مع امتناني الكبير لكم, وبارك الله فيكم, وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.

إني أسأل الله بأن يثبت خطاكم, ويقوي إيمانكم, وأن يشد من عزائمكم لنصرة كل حيران, وإرشاد كل تائه.

اللهم اشفي مرضانا, واجعل هذا الموقع نبراسا لكل مؤمن يتحسس به طريق الخير.

أختم قولي "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" كما أني لا أسأله رد القضاء, بل أسأله اللطف فيه.

والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا التفصيل، وعلى إطرائك على هذا الموقع وخدماته للمسلمين، وكم أثلج صدورنا عندما أخبرنا الفريق القائم على الموقع أن بعض الاستشارات تقرأ من قبل 300 ألف قارئ!

ليس مستغربا أن تأتيك نوبة الذعر (Panic attack) عدة أيام بعد وفاة القريب العزيز -رحمه الله- الأمر الذي كان صدمة لك وللأسرة, وهذه العلاقة عادة من العلامات الحسنة المطمئنة أن نرى الربط الواضح بين نوبة الذعر وبين حدث كبير من أحداث الحياة، كحدث الوفاة، فهناك حالات كثيرة قد لا نجد علاقة واضحة كهذه, وهذه العلاقة عادة تبشر بأن أعراض نوبات الذعر ستخف كثيرا وقد تختفي عندما يتحسّن التكيف مع الحدث الذي أثار أصلا هذه النوبات، وفي حالتك حادث الوفاة، الأمر الذي يأخذ عادة عدة أشهر.

ولكن هذا التحسن والشفاء مشروط بأن نحاول بأن لا يتطور الأمر ويستفحل إلى وسوسة المرض ورهابه، مع كل ما يتبع هذا من الشك بالأعراض والأحاسيس والأمراض، والاستمرار بالفحوص والاختبارات والتحليل، من فحص لآخر، ومن تحليل لآخر.....

نصيحتي إليك أن تستمر بتناول الأدوية التي ذكرت، فهي فعالة في علاج الوسواس القهري والرهاب بشكل عام، وصحيح أنك قد قرأت الكثير من هذه الاضطرابات والأعراض، إلا أن المتابعة لبعض الوقت مع الطبيبة النفسية التي وصفت لك الدواء أصلا من الأمور المفيدة جدا.

وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً