الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما أصاب بدوار أو ألم يأتيني شعور بأني سأموت، فهل أنا مصابة بمرض نفسي؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا امرأة متزوجة، أبلغ من العمر 24 سنة، لدي طفلان ولد وبنت، تزوجت في سن مبكرة وهي 17 سنة، وأنا مرتاحة، ومستقرة عائليا، وماديا، ولازلت أدرس، ولكن منذ قرابة 7 أشهر، وأثناء فترة ما قبل الامتحان، أحسست بدوار ودوخة شديدة، وذلك بعد توجهي إلي النوم، حيث أحسست بأن الأشياء الموجودة في غرفة النوم ستسقط فوقي، وقد كنت حينها متوترة جدا من الامتحانات، لأني لم أستعد لها.

مما استدعى أخذي إلى المستشفي، وطلبوا مني إجراء صورة بالطنين المغناطيسي scanner للرأس، وحين ظهرت النتائج، أكد لي الطبيب بأني تعرضت لإرهاق عصبي، ولا أعاني من أي مرض.

مع العلم بأني في هذه الفترة مررت بجملة من الظروف، وهي وفاة إحدى قريباتي، والتي كانت تعاني من دوار وقيئ دائمين، ولما أصابني الدوار، أصبحت على يقين بأني سأتعرض لنفس ما تعرضت له، ومنذ ذلك اليوم حتى يومنا هذا والدوار لا يفارقني، بالرغم من أن جميع تحاليل الدم التي أجريتها كانت عادية، وأعدت إجراء التحاليل مرارا وتكرارا، وكلها كانت طبيعية، مما أدخلني في دوامة السؤال عن سبب الدوخة، فأصبح هاجسي الوحيد هو البحث عن سبب هذه المعاناة، حيث أنه بمجرد أدنى ألم أشعر به أتوقع بأني سأموت لا محالة، مما زاد من معاناتي، ودخولي في كآبة وخوف دائمين، لدرجة إهمالي لأولادي ودراستي كليا، كما أنني لا أجلس في بيتي أبدا، فأولادي عند أمي، وأنا بعيدة عنهم، ولا أجد راحتي إلا عند أم زوجي.

وأحس بأن رأسي ثقيل، ويأخذني في كل الاتجاهات، كما أصبت بمرض الخلعة، حيث أشعر بضربات قوية تحت صدري، بعدها تنزل برودة من رأسي إلى أسفل قدمي، وبعدها لا أستطيع الحركة، وأصبحت الآن لا أنفك أتكلم مع الناس عن مرضي، مع العلم أن هذه الحالة ليست دائمة، فهي تأتيني يومين مثلا ثم تذهب، وفجأة تعود، فهل ما أعاني منه مرض نفسي أم هو شيء آخر؟ وبماذا تنصحوني؟

وجزاكم الله الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لجين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


أشكرك على الثقة في إسلام ويب، رسالتك واضحة جدًّا، وقطعًا أنت تعانين من أعراض قلق المخاوف، وقلق المخاوف علة منتشرة جدًّا، وكثيرًا ما تؤدي إلى الوسوسة والتخوفات المرضية، وقد ينتج عنها ما نسميه بـ (عسر المزاج الثانوي).

مرض الهرع مزعج لصاحبه، ولكنه ليس خطيرًا، وهو يأتي تحت نطاق (قلق المخاوف) وليس أكثر من ذلك.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت لديك ظاهرة نفسية وليس مرضًا نفسيًا معقدًا أو صعبًا، ولكن قطعًا يجب أن يُعالج، وهذه هي نصيحتي لك.

العلاج يتكون من محورين أساسين:
المحور الأول: هو العلاج الدوائي، وبفضل من الله تعالى توجد الآن أدوية فعالة جدًّا، وممتازة جدًّا، وغير إدمانية، وغير تعودية، يأتي على رأسها عقار (سبرالكس)، ويسمى علميًا (إستالوبرام)، وهذا ننصح به كثيرًا، وأعتقد أنه من الأفضل أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي، فسوف يصف لك هذا الدواء، أو أي دواء آخر يراه مناسبًا من ناحية العلاج الدوائي.

فعالية الأدوية دائمًا تبدأ بعد أربعة أشهر من تناولها، ويجب أن يكون هنالك التزامًا قاطعًا باتباع الإرشادات الطبية في هذا السياق، بمعنى أن تكون جرعة الدواء صحيحة، وكذلك مدة العلاج، وأنا أؤكد لك مرة أخرى سلامة هذه الأدوية.

المحور الثاني في العلاج هو: أن تتفهمي طبيعة حالتك، بأنها حالة قلقية، ومهما سببت لك من هواجس ومخاوف فهي ليست خطيرة، لابد أن تكون لك قناعات على هذا السياق، أي أنك لا تعانين من علة عضوية، كما أن الربط بما أصاب قريبتك التي تُوفيت - رحمها الله - والدوار الذي تعانين منه الآن، هذا نوع من التماهي المرضي، وهو معروف جدًّا، ولكن لكل إنسان ظروفه، وأسباب الدوار مختلفة وكثيرة، وهذه الأخت التي تُوفيت ربما يكون كان لديها علة دماغية خطيرة، - وإن شاء الله تعالى - أنت لا تعانين من ذلك.

فلا تربطي الأمور على هذا النسق، وقطعًا فالإنسان في مثل هذه الحالات يجب أن يحرص على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، فهي تساعد كثيرًا، وتعطي الإنسان قناعات ويقين قوي حول حياته ومماته.

أنت سيدة أنعم الله عليك بالكثير، في مثل هذه السن متزوجة، ولديك أطفال، وهذه نعمة عظيمة جدًّا، وفي ذات الوقت أعجبني أنك لازلت في مراحل الدراسة، فأنت متحركة تحركًا إيجابيًا في جميع الاتجاهات، والفكر والشعور دائمًا مرتبط مع بعضه البعض، فاجعلي فكرك قويًّا وثاقبًا وإيجابيًا، وهذا قطعًا سوف يساعدك على أن تكون مشاعرك إيجابية أيضًا.

اعتمدي على إنجازاتك، وهي كثيرة وكثيرة جدًّا، وعليك أن تكوني حاذقة ومُجيدة لإدارة الوقت، لأن إدارة الوقت بصورة جيدة تعني إدارة الحياة بصورة ممتازة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً