الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يتخيل رؤية أشياء غير موجودة، وسماع من يهدده بالقتل

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوجة منذ 5 سنوات ونصف تقريباً، زوجي من بداية زواجنا يعاني من أشياء سأذكرها بالمختصر لطولها، كان في بداية الزواج يسمع أصواتاً كالهمس تهدده بالقتل، ويرى أشياء لا أعلم ما هي، يشعر بأن هناك من يراقبنا، استمر الوضع هكذا لكن خلال السنه الماضية كانت حالته سيئة لأقصى درجة، التهيؤات تكاد تزيغ عقله، يرى أشياء تتحرك في المنزل، وأشياء تؤذي عينيه كالضوء القوي، ويرى حروفاً وعلامات تكتب على الجدران والأبواب لم تكن موجودة من قبل، يسمع كلام غير مفهوم كالهمس يقول له كلمات غير واضحة، عندما يغير أماكن أثاث المنزل يتغير ما يراه.

هذا غيض من فيض، وكانت نتائجه سلبية جداً عليه وعلى حياته، أهمل صلاته ودينه وبيته وكل أموره، أصبح يشك في أهله بأنهم هم السبب، لأنه يربط أوقات اتصالهم بأشياء تحدث في المنزل، ويشك بأني أعلم ما يحدث ولم أخبره، أصبح كثير التفكير والسرحان حتى يفهم ما هذه الأمور، ذهب لرقاة عدة، منهم من أوصاه بالاستمرار، ومنهم من قال بأنه مس عاشق وقد خرج، أحياناً يستيقظ في الليل فزعاً ويصرخ صراخاً شديداً ومخيفاً، أحيانا يستمر يومين كاملين بدون أن ينام، ثم ينام نوماً عميقاً لمدة يوم كامل، يريد أن يترك وظيفته ويتركني ويترك أهله ويذهب لمكان لا نعلمه لينتظر الموت كما يقول، ويفكر بالانتحار، ولم نرزق بذرية إلى الآن ولله الحمد على كل حال.

ما الحل أرجوكم؟ فأنا مريضة جداً من هذا الأمر، ولا يعلم حالي سوى الله، لا أعلم كيف أساعده، فعندما أذكره بالله يسكتني، ويقول بأن إهماله لدينه رغماً عنه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ام راكان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر زوجك.

هذا الأخ الفاضل –شافاه الله وعافاه– مريض، هذا أمر قطعي ويقيني، حيث إن رسالتك كافية ووافية، وصفت أعراض مهمة جدًّا لدينا في الطب النفسي والعقلي.

قطعًا الطريقة الأمثل هي أن لا يُحتم ولا يؤكد تشخيص المريض إلا بعد أن يتم فحصه ومناظرته، لكن في حالة زوجك الصورة واضحة وجلية، وأنا رأيت أنه من الواجب الأخلاقي عليَّ أن أقول لك أنه مريض، دون أن أظلمه ودون أن أتدخل في خصوصياته، فهو –عافاه الله وشافاه– يعاني من هلاوس سمعية، ومن أفكار ظنانية تسمى بـ (الأفكار الاضطهادية)، ومما يسمى بـ (ظنان التلميحات)، لديه عدم تركيز، واضطراب في نومه، وتدهور في مستوى حياته، هذا هو المرض -أيتها الفاضلة الكريمة–، وهذا مرض معروف ومشخص في الطب النفسي، -وبفضل من الله تعالى- يستجيب استجابة كاملة للعلاج الدوائي.

غالبًا السبب في هذا المرض ليس جنٍّاً عاشقاً أو خلافه، هنالك اضطراب في كيمياء الدماغ، قد يكون حدث له، لا أحد يعرف الأسباب، هذا الاضطراب لا يعالج إلا من خلال الدواء.

اذهبي بزوجك الكريم لمقابلة الطبيب، حاولي أن تقنعيه، لا تقولي له أنك مريض، وإن رفض الذهاب إلى الطبيب يجب أن تستعيني بأهلك أو بأهله، لا تهمليه -أيتها الفاضلة الكريمة–، لأن التدخل العلاجي المبكر مهم جدًّا، وتكون نتائج العلاج -إن شاء الله تعالى– رائعة، وأنا أرى -بإذنِ الله تعالى- أن هذا الأخ سوف يُشفى تمامًا من هذا المرض، لأن هذا المرض سهل التشخيص، وسهل المتابعة إذا وجد الطبيب الذي يعتني بأمره، وأنا متأكد أنكم سوف تجدون الطبيب الذي يهتم به.

كنت أتمنى أن تتاح لي الفرصة لأن أقابله وأفحصه، وأصف لك العلاج، لأن علاج مثل هؤلاء يجعل الإنسان يحس براحة ومردود ومكافئة داخلية عظيمة؛ لأن الاستجابة دائمًا ممتازة.

اذهبي بزوجك إلى الطبيب، وأنا متأكد أنه سوف يستفيد كثيرًا، لا تضيعي مزيدًا من الوقت، -إن شاء الله-تعالى شفائه سينعكس عليكم في الأسرة نعمة ورخاءً وسعادة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً