الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انصحوني: كيف أتخلص من مخاوفي المدمرة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

أنا فتاة عمري 18 سنة.

أعاني من أعراض عديدة منذ سنوات، بدأت من المرحلة الابتدائية، حيث كانت المعلمة تحدثنا عن الموت والقبر، فعدت للبيت وأنا أتخيل ذلك، وعشت فترة سنتين من الخوف والقلق، ثم تعالجت من ذلك بالرقية الشرعية، لعلها عين أصابتني.

استمرت المخاوف معي إلى الآن -المرحلة الجامعية-، حيث ينتابني الشعور بالسقوط، وعدم العودة للبيت، وأخاف الأماكن المغلقة، والمرتفعة، وأخشى الناس، والموت، والفراق، وفقدان الذاكرة، وغيرها.

كنت فتاة اجتماعية، محبوبة، مرحة، طموحة، ملتزمة –ولله الحمد-، ولم أعد كذلك، بدأت أشعر بالضيق من رفقة صديقاتي، وألزم البيت، وأخشى المستقبل.

فكرت في مراجعة طبيب نفسي، لكنني أخاف من النتيجة، وأتخيل أن العلاج سيؤدي إلى الموت.

علما أن والداي -حفظهما الله- مهتمان لأمري، ومتفهمان لوضعي، وقد قررا عرضي على طبيب نفسي، فذهبنا قبل يومين وكان مسافراً.

سؤالي: هل أنا مريضة؟ هل الأدوية ستضرني أو تؤثر علي أو تسبب لي الإدمان؟ ما هو تشخيص حالتي؟ هل أنا مصابة بالاكتئاب؟

ولكم جزيل الشكر، والتقدير، ووفقكم الله، وجعله في موازين حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك رسالة رائعة، وكلامك واضح ومفصّل جدًّا، وقد عبّرت عمَّا بداخلك، ووجدانك، ومشاعرك، والأعراض التي تعانين منها بصورة جليَّة جدًّا، وأنا لا أريد أن أختزل الأمور، لكن نسبة لامتياز ما أوردته من وضوح، أقول لك: أن تشخيص حالتك بسيط جدًّا، وهو أنك تعانين من (قلق المخاوف الوسواسي).

هنالك قلق، هنالك مخاوف متعددة، وهنالك وساوس متجذرة. لا تخافي من هذه الكلمات، أو من هذه التشخيصات، هي أمر واحد، وهو (القلق) لكنَّ القلق له جزئيات وله تشعبات وله تفاعلات مختلفة.

إذًا التشخيص النهائي لحالتك هو (قلق المخاوف الوسواسي)، ثم لا أعتقد أنك تعانين من الاكتئاب النفسي كمرض رئيسي، إنما لديك ما يسمى بـ (عسر المزاج الثانوي) وهذا نتج من شدة وطأة أعراض الوسواس عليك؛ لأن الوساوس بالفعل مزعجة، وسخيفة، وممزقة للذات الإنسانية.

أنا أبشرك -أيتها الفاضلة الكريمة– أن ما دامت أسرتك ووالديك على وجه الخصوص -حفظهما الله– متفهمان لموضوعك، ويريدان أن يعرضاك على طبيب نفسي، فهذا هو الإجراء الصحيح، وهذه هي الخطوة الصحيحة، وأنا لا أريدك أبدًا أن تعتبري نفسك أنك معلولة، أو مريضة، هذه ظاهرة وسوف تعالج، وأنت تحتاجين لعلاج دوائي بسيط.

عقار مثل: (سبرالكس) ويسمى علميًا باسم (إستالوبرام)، أو أي دواء آخر يراه الطبيب سيكون مفيدًا جدًّا لك، -والحمد لله تعالى- الأدوية الآن بسيطة، وسليمة، وفاعلة، وغير إدمانية، ولا تؤثر على الهرمونات النسوية.

بجانب العلاج الدوائي قطعًا تحتاجين لأن:
1) أن تغيري نمط حياتك.
2) أن تستفيدي من وقتك بصورة طيبة، لأن إدارة الوقت تمنع الفراغ، وحسن إدارة الوقت تعني حسن إدارة الحياة.
3) أن تضعي برامج يومية فعّالة.
4) أن ترفهي عن نفسك بما هو طيب وجميل.
5) أن تتخططي لمستقبلك الأكاديمي والدراسي.
6) أن يكون لك آمالاً كبيرة في هذه الحياة، تسألين الله -تعالى- أن يحققها لك.

الوساوس والقلق تعالج من خلال التحقير، والتحقير مهم جدًّا. أعرفُ أن الوسواس يستدرج الإنسان ليناقشها، ويفتتها، ويحاورها، وهذا هو لُب المشكلة، لكن بعد أن تتناولي الدواء سوف تشعرين أن الوساوس قد أصبحت هشّة، سهلة التكسير، سهلة التجزأة والتفتيت، والتخلص منها.

استفيدي من هذه الوضعية –أي تناول الدواء بصورة صحيحة–، ثم تطبيق الإجراءات السلوكية التي تقوم على فكرة تحقير المخاوف والوساوس، واستبدالها بأفكار، وأفعال مخالفة.

أنا متأكد أنه -بإذن الله تعالى– سوف تشفين من هذه العلة، اذهبي إلى الطبيب النفسي، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ويسعدني كثيرًا -أيتها الفاضلة الكريمة– أن أسمع منك في المستقبل حول الإجراءات العلاجية، هذا فقط ليطمئن قلبي، ولأن أساهم بما أستطيع، لكني أؤكد لك مرة أخرى أن الحالة بسيطة جدًّا، وسهل العلاج -بإذنِ الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر lakhdar larit

    جزاكم الله خيرا انتم تفيدون اناس كثر على تخطي مشاكلهم النفسية

  • السعودية Nnaa

    الله يشفينا والجميع ياارب .. اعاني من نفس الحاله لقد تعبت

  • الجزائر سوسو

    اللهم عافي جميع المرضي

  • الكويت نور عبد الكريم

    اره ان المعلمة ما تعرف تتكلم بطريقة مناسبة نظرا لسن الفتاة الموت حق على كل الناس و كل انسان يموت بيومه و كل من يرى في الحياة هنا مرآة لنيته و في الاخرة لمى فعله بالنسبة لي اعاني من خوف اني اعيش كما عاشت أمي في غربة لاني متزوجة من دولة أخره غير دولتي و اني متخوفة من الحياة و كيفية تربيتي لاطفالي كيف اخاف اني امرض كما مرضت أمي مع ان اهل زوجي ليسوا مثل اهل أبوي !

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً