الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي عنيدة وعصبية وشعرها يتساقط بكثرة.. هل أطلقها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تزوجت من فتاة منقبة، وتحفظ الكثير من القرآن، وتحافظ على الصلاة، وجمالها متوسط، وبعد عقد القران أخبرتني أن شعرها يتساقط، وحاولت أن أراه، لكنها رفضت بشدة بحجة أنها لا تريدني أراه قبل أن تتعالج، ولكن بعد الدخول لم تستطع أن تخفيه، ورأيته وحزنت جدا؛ لأنه كان خفيفا يشابه حالات الصلع تضايقت، وقلت في نفسي -لعل الله- يشفيها، ولم أعيرها به، ولم أحسسها بهذا النقص.

اكتشفت أنها أحيانا ترفض أوامري لها في الأمور العادية، وليس الدينية بحجة أنها غير مقتنعة برأيي، وعندما أصر عليها تتعصب وترفع صوتها، وتعاند وتصر على رأيها، مللت بصراحة من عنادها وإصرارها على عدم الانكسار في كل اختلاف بيننا وعصبيتها الزائدة، وأحيانا من شتمها لي ولشخصيتي عند التعصب الشديد أفكر في طلاقها بسبب العصبية، والعناد، والشتم، وأيضا من أجل شعرها الذي يتساقط كل يوم.

دلوني على الخير أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الطيب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك في الموقع، ونؤكد لك أن أي امرأة تحتاج أن يصبر عليها الزوج، والنبي - عليه الصلاة والسلام - وضع لذلك ميزانًا عظيمًا فقال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كرهَ منها خلقا رضي منها آخر) فحتى من يتزوج بجميلة يجد فيها عيوب، وتجد فيه عيوب، فكلنا بشر، وكلنا ذلك الناقص، ولكن طوبى لمن غمرت سيئاته وعيوبه في بحور حسناته، كفى بالمرء نُبلاً أن تعدّ معايبه.

وأرجو أن تنظر للقضية من كافة أبعادها، ومن كافة جوانبها، ولا مانع من أن تساعدها في علاج شعرها، فإن هذا سيكون مفتاحًا لكثير من الخيرات، وكثير من التغير، وتكسب بذلك يدا عندها، والحمد لله هناك تطور كبير في هذا الجانب في علاج الشعر والصلع وغير ذلك، ونسأل الله أن يعينك على كل أمر يُرضيه.

ونتمنى دائمًا قبل أن نحكم على أي إنسان أن نضع الإيجابيات في كفة، ثم إلى جوارها السلبيات، ثم ننظر في تأمل، والإنسان عند ذلك يستطيع أن يحكم ويصطحب ما بدأنا به من أن أي إنسان فيه نقائص وفيه عيوب، فحاول أن تستحضر ما فيها من إيجابيات وعلى رأسها الدين والطاعة لرب العالمين.

وكنا نريد أن نرى بعض النماذج للمشاكل التي خالفتك فيها الرأي وأصرت على رأيها؛ لأن هذه أمور مهمة جدًّا، نحن لا نستطيع أن نقول هي تعاند وتخالف دون أن نعرف المسائل التي تخالف فيها، وعلى كل حال فإن هذه أيضًا تتأثر فيها المرأة بتربيتها عند أهلها، وتتأثر بطريقة عرضك للأسئلة وللاستفسارات، وتتأثر كذلك بطريقة فهمها لكثير من مشاكل الحياة، ولذلك مثل هذه المسائل تحتاج إلى تفصيل، ويفيد فيها جدًّا أن نعرف نماذج من القضايا التي حصلت بينكما فيها خلاف، ولا نعتقد أنها في كل الأحوال ترفع صوتها؛ لأن المرأة أصلاً عندها طبقات صوت أكثر، وطبقات صوتها ونبراتها مرتفعة، فيخيل للرجل أنها ترفع صوتها، وأيضًا ينبغي أن تُذكر بالله تبارك وتعالى إذا كانت متدينة، فإنا ندعوها إلى أن تتذكر أن الفتاة الديَّنة لا يمكن أن تكون صاحبة دين إلا بطاعتها لزوجها، ولذلك قال ابن كثير في تفسير {فالصالحات قانتات حافظات بالغيب بما حفظ الله}، قال: (لا يمكن أن تكون صالحة أو قانتة إلا بطاعتها لزوجها) لأن الذي أمر بطاعة الزوج ليس هو الزوج، وإنما هو رب العالمين، هو الذي شرع هذا الأمر سبحانه وتعالى.

لذلك ينبغي أن توقن أن طاعة الزوج من العبادة ومن الطاعة، وهي من واجبات الشريعة، والمرأة إذا صلَّت خمسها، وصامت شهرها، وأدت زكاة مالها، وأطاعت بعلها دخلت الجنة، بل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة).

فنحن نتمنى أن يكون تدينها فعلي، وفهمها للدين صحيح؛ لأن هذا سيحملها على طاعتك، وعلى تقديم كثيرا من التنازلات رغبة فيما عند الله تبارك وتعالى، وأتمنى أيضًا ألا تكثر منك الأوامر، وأن تأمر بما يمكن، فإذا أردت أن تُطاع فامُر بالمستطاع، فإن هناك مسائل تكون فوق طاقة الإنسان، والاستجابة عليها قد تكون صعبة، كما أن إلقاء التعليمات والتوجيهات هذا له أثر قد يستعدي عند المرأة ضعفها، فيحملها على العناد والرفض.

وطبعًا نحن لا نؤيد فكرة الاستعجال في الطلاق، مع أن الطلاق بيد الرجل؛ لأنه آخر الحلول، والإسلام ما وضع الطلاق بيد الرجل إلا لأنه الأعقل، إلا لأنه من ينظر إلى عواقب الأمور، والمسألة تحتاج إلى وضعها في ميزان، وتحتاج إلى صبر عليها، وتحتاج إلى نظرة في احتمالات التغير والتحسن.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية، وسنرحب بكم ونفرح إذا جاءتنا تفاصيل عن نوعيات المشكلات وعن إيجابياتها إلى جوار سلبياتها، وعن طريقة تعاملك معها، حتى نستطيع أن نحكم عن عدل وبيّنة، ونسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً