الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغير ابني وقاطعنا وعقنا بعد زواجه من امرأة تحرضه علينا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم على ما تقدمونه للأمة الإسلامية.

أرجوك -يا شيخ- أن تعطي العناية لهذه الرسالة، أريد أن أستشيرك، لي ابن عمره 25 سنة، لقد وافقنا على زواجه من فتاة كان يعرفها منذ خمس سنوات، واتفقنا على أن يعيشا معنا إلى أن يكتمل إنجاز السكن الاقتصادي الذي دفع فيه والده مبلغا مقدما، مع العلم أننا ثلاثة أفراد -أنا ووالده وهو-، والحال ميسور -ولله الحمد-، والمنزل يتسع للكل.

في ظرف شهرين اكتشفنا سلوكيات زوجة ابني غير الأخلاقية، بحيث تتصرف بقلة الاحترام، وبضياع بعض مجوهراتي وقدرها 10000 درهم، والله شاهد على ما أقول، كذلك ابني تغيرت أفكاره وسلوكياته، لما ضاق بها الأمر بدأت تختلق الأسباب، وتعقب على أتفه الأشياء برغبتها في السكن في منزل أخيه المقيم في المهجر، لكننا رفضنا، ولهذا السبب غادرت ومعها ابني إلى منزل تملكه هي وأختها، مع العلم أنني منعتها مرات عديدة، لكنها مصممة على المغادرة.

لما غادرا طلبنا منه استرجاع السيارة التي اشتراها له والده لأغراض عائلية وكتبها باسم ابني، فقامت زوجة ابني بتحريضه على أن يقدم شكوى ضد والده، بعدها تفاجئنا بقدوم عون قضائي ومعه شكوى لتسليم السيارة لمالكها، ابني الآن منقطع عن العائلة حتى إخوته، لدرجة أن زوجته منعته من زيارتنا، أو حتى الأكل عندنا، رغم كل هذه المشاكل فهما يرغبان بالعودة لمنزلنا كونه لا يوجد لديهما عائد شهري، فابني مصمم على البقاء مع زوجته، بينما أبوه رافض رفضا كليا أن تدخل هذه الفتاة عندنا، وأنا حائرة في أمري، فأرجو منك أن تنصحني بما يجب القيام به.

بارك الله فيكم، وجزاكم كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الموقع، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونشكر لك أيضًا حسن العرض للمشكلة، ونؤكد لك أننا لا نُهمل أي رسالة، فكيف برسالة من يختار موقعنا ويتواصل ويطلب الحلول؟ ونحن شرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا وبناتنا، وشرف لنا أن نسعى في بذل المساعدة، ونسأل الله أن يرزقنا جميعًا السداد والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

نحن نتمنى أن يكون هناك تواصل مباشر بينك وبين ابنك، وكنا نريد أن نعرف ما هي الردود التي يتكلم بها هذا الابن عندما تناقشونه حول زوجته وحول هذه القضايا التي تحصل، لأن الإجابات التي عنده جزء أساسي في فهم القضية، وفي الوصول معه إلى بر الأمان، لأنه على خطر، لأنه عاق لوالديه، وهو على خطر لأنه يعيش فقرًا ماليًا، وهو على خطر لأن مثل هذه الفتاة لا تؤتمن على البيوت، ولا تؤتمن على الحياة ولا على المستقبل.

ولذلك نتمنى أن تنظروا إليه على أنه يحتاج إلى عونكم، ولا تحاولوا عزله، لأن المستفيد من هذا العزل والإبعاد بالنسبة له هو هذه الشقية التي خرجت به وانفردت به، فأصبحت تأتيكم هذه التصرفات السالبة التي ليس لها مبرر.

ولذلك نتمنى أن يكون فيكم من يتواصل معه، من يُبقي شعرة العلاقة من أجل أن يناقشه، ومن أجل أن يحاوره، وكذل ينبغي للأب أن يتلطف به والوضع هكذا، لأنه في وضع الشيطان معه، وليس شيطان واحد لكن شياطين إنس وجن، يحرضونه ويغيّرونه، فلذلك ينبغي أن تكون نظرتنا لهذه القضية شاملة لكافة الجوانب، ننظر إليها من كافة الزوايا ولا نستعجل هذه الأمور.

من حق الوالد الكريم أن يشترط ما شاء من اشتراطات، لكن لا بد أن نقيم موازنة واضحة فعلية لنرى فيها أين المصلحة؟ هل المصلحة في أن يكون بعيدًا ويتغير ويبتعد، وتُحرِّضه ولا ندري ما يحصل له؟ أما المصلحة في أن يكون بين أيدينا، نستطيع أن نؤثر ونوجّه ونكفيه بعض الشر الذي يمكن أن يحصل؟

الوالد والد، ومن حقه أن يفعل ما يريد، لكن ينبغي أن تكون النظرة شاملة، فإذا كان الهجر والإبعاد لا يأتي بنتيجة، فمعنى ذلك هذه العقوبة ليست في مكانها، والإنسان ينبغي أن ينظر للأمور بنظرة شاملة، ويظل هذا الولد ابنً وأخًا لكم رضيتم أم أبيتم، والمستقبل معه.

وينبغي أن يُدرك أنه يستطيع أن يجد زوجة أخرى، لكنه لن يجد أختًا ولن يجد أُمًّا ولن يجد والدًا ولن يجد إخوانًا، حتى ولو بذل الأموال لن يجد هؤلاء، ولذلك ينبغي أن تُطرح الأمور معه بمنتهى الهدوء، وبمنتهى الوضوح، ونحن نتمنى أن يكون هنالك من يقترب منه ويحاوره بهدوء ويتعرف على ما عنده، وسوف نكون سعداء إذا استمعنا لوجهة نظره والطريقة التي يفكّر بها، إن كان قد بقي له فكرٌ، أو الطريقة التي يخطط بها للمستقبل، حتى تتضح أمامنا الصورة، ونسأل الله أن يلهمنا وإياكم السداد والرشاد، ولا مانع من أن تعطيه عنوان الموقع ليتواصل هو ليكتب ما في نفسه، حتى يأخذ النصيحة من طرف محايد.

وعلى كل حال فهو على خطر، وهو يحتاج إلى أن تقتربوا منه لإنقاذه ولإخراجه مما هو فيه، ونسأل الله أن يجعل الأمور تعود إلى صوابها وسدادها، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً