الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بأعراض نوبات هلع، وأعيش الآن مضاعفاتها!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

أنا سيدة عمري 30 سنة. قبل ثلاث سنوات، شعرت فجأة بتسارع في نبض القلب، وتشنج الأطراف، ودوار وعدم القدرة على التنفس وكأنني سأموت، ذهبت للمستشفى، وقمت بجميع الفحوصات -والحمد لله-، كانت كلها سليمة.

لم أعرف ماذا أصابني لأنني لم أسمع بهذا الشيء من قبل، وبحثت بالإنترنت فعرفت أنه نوبات هلع، ومنذ ذلك الوقت والخوف يلازمني من كل شيء.

زوجي يرفض أن أذهب لطبيب نفسي، وأنا بعيدة عن أهلي، ولا أستطيع أن أتصرف لوحدي، سافرت لأهلي، وتعبت جداً في الطائرة -مع أنني كنت أحب ركوبها-، لكنني تشنجت و شعرت بتنميل في يدي وصدري حتى رأسي، وكانت شخصيتي قوية جداً ، والآن أخاف النزول للشارع وحدي، أموت في اليوم ألف مرة.

سمعت عن (السبرالكس)، وبدأت آخذ منه نصف حبة كل يوم (5 ملغ)، لكنني مرضعة، ولا أستطيع أن أفطم ابني، ويجب أن آخذ الدواء لأتحسن، وخوفي زاد جداً بعد الولادة لطفلي الأول لدرجة أنني لم أفرح به، من شدة الخوف، وأخاف جداً من الموت رغم إيماني أنه حق على الجميع، فأنا -والحمد لله- مؤمنة، وأصلي وأصوم، لكنني بعد هذه الوعكة أصبحت أشعر أن ربي لا يحبني مهما فعلت من العبادات، وإذا أفقت يوماً وشعرت أنني بخير، أحدث نفسي أنني بخير لأنني اقتربت من الموت، فيعود الخوف من جديد، كل ذلك وزوجي يرفض أن يساعدني، يريدني أن أساعد نفسي بنفسي.

سؤالي: ما هو الحل أو الدواء الذي أستطيع أن آخذه ولا يؤثر على طفلي الذي أرضعه؟ هل الإنسان يشعر بموته قبل أن يموت بأيام؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أريج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل النوبة التي حدثت لك هي نوبة فزع أو هرع أو هلع، وهو نوع من القلق النفسي الحاد الذي يأتي بدون أي مقدمات، وبالفعل يكون هنالك شعور بالضيق الشديد، والخوف الشديد، خاصة الخوف من الموت، وهنالك تسارع في ضربات القلب، والإنسان يكون في حالة قلق يعقبها وسوسة ومخاوف مستقبلية، وظهرت لديك المخاوف حتى حين قمت بركوب الطائرة، بالرغم من حبك لركوبها سابقًا، والأعراض الوسواسية لديك واضحة جدًّا، وهي ثانوية لنوبات الهرع.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أؤكد لك أن هذه الحالة ليست خطيرة، وهذا يجب أن تقتنعي به، ويجب ألا تترددي بين الأطباء، أصحاب الهرع أحيانًا يذهبون للعيادات بكثرة -أقسام الطوارئ، أطباء القلب-، بالرغم من أن الحالة هي حالة نفسية بسيطة جدًّا، كنت أتمنى أن يوافق زوجك الكريم على أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي، وهو أيضًا يجب أن يستمع لشرح الطبيب، ويكون له إدراك كامل بحالتك حتى يساعدك. أرجو أن تعرضي عليه الموضوع من هذه الزاوية.

علاجاتك الأخرى وهي علاجات سلوكية، هي: تحقير فكرة الخوف، ممارسة أي رياضة تناسبك، تطبيق تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين الشهيق والزفير، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) ستجدين فيها فائدة كبيرة جدًّا.

أيتها الفاضلة الكريمة: بما أنك الآن في مرحلة ما بعد الولادة قد تُصابين أيضًا بشيء من عسر المزاج، لأن اكتئاب ما بعد الولادة لا ينحصر فقط على الثلاثة أو الأربعة شهور الأولى بعد الولادة، قد يمتدَّ هذا الأمر إلى سنة أو سنتين في بعض الحالات، لذا أنا أرى حتمية تناول الدواء، والدواء بالفعل سوف يفيدك أيضًا في نوبات الهلع والهرع هذه، وما يتبعه من وساوس، ويقيك -إن شاء الله تعالى- من الاكتئاب النفسي.

(الزيروكسات) دواء جيد، لكن الدواء الأفضل ربما يكون (سيرترالين) والذي يعرف تجاريًا باسم (زولفت)، خاصة أنه يعتبر سليمًا نسبيًا بالنسبة لرضاعة الطفل.

إذا كان عمر الطفل أقل من ثلاثة أشهر قطعًا لا أنصح بتناول أي دواء، والسبب في ذلك أن كبد الصغير ليس له القدرة التي تستقلب فيه الدواء، وتمثله أيضيًّا بالصورة المطلوبة، لكن إذا كان الطفل أكبر من ثلاثة أشهر، -فإن شاء الله تعالى- لن تكون هناك آثار سلبية بتناول الدواء، لكن أيضًا يجب أن نتحوط، بأن نصف أقل جرعة ممكنة من الدواء، ويا حبذا أيضًا إذا لم تعطي الطفل الحليب الذي سوف يتجمع ثمان ساعات، بعد تناول حبة الدواء، بمعنى أن الطفل يمكن أن يرضع حتى تناولك للدواء، بعد ذلك تتوقفين عن رضاعة الطفل ثم تسحبي الحليب الذي سوف يتكون، اشفطيه، ولا تعطيه للطفل، والحليب الذي يتكون بعد ثمان ساعات ارضعيه الطفل، يعني تتناولين الدواء، لا تُرضعي الطفل لمدة ثمان ساعات، ثم أفرغي ثديك من الحليب، وبعد ذلك يمكن أن تعطي الحليب الجديد الذي يتكون في الثدي للطفل.

(السيرترالين) جرعته هي نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا –، تبدئي في تناولها ليلاً، تستعملينها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة ستة أشهر، استعمليها أيضًا ليلاً، ثم اجعليها نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، هذه الجرعة قطعًا هي جرعة صغيرة، لأن (السيرترالين) يمكن تناوله حتى أربع حبات في اليوم، لكن لا أرى أنك في حاجة لذلك أبدًا.

حالتك بسيطة، الأعراض النفسوجسدية سوف تزول -إن شاء الله تعالى-، التجاهل التام للأعراض مع تناول الدواء، والتفكير الإيجابي، أعتقد أن ذلك سوف يساعدك بصورة تامة وشاملة -إن شاء الله تعالى-، وتتخلصي من كل مخاوفك.

موضوع الموت: لا أحد يعرف أجله، والمعروف هو أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، قال تعالى: {يسألونك عن الساعة قل إنما علمها عند الله} وقال تعالى: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} فيا أيتها الفاضلة الكريمة: الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان لحظة ولا ينقصه لحظة، والمؤمن الكيس الفطن هو الذي يعمل لما بعد الموت، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون * وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصَّدَّق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون}.

أيتها الفاضلة الكريمة: عليك بالدعاء والإلحاح على الله، وتقوى الله، وسلي الله -تعالى- أن يطيل عمرك في عمل الخير وخير العمل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً