الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من المستقبل جعلني أترك دراستي وأفسخ خطوبتي.

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاةٌ أبلغُ من العمر 23 عاماً، أُعاني من نوبات هلع حادة، والتفكير المستمر بالموت والكوارث، والشك بالإيمان، وأن الله لا يقبل صلاتي ودعائي بسبب الذنوب، ولماذا يفعل هذا بالأكوان؟ أحاول أن أترك هذا التفكير ولكن يسيطر علي، -الحمد لله- أحافظ على صلواتي والأذكار وقراءة القرآن، ولكن لا أدري لماذا هذا الوسواس والخوف من المستقبل والتشاؤم من حدوث مصائب دائما، لدرجة أني لا أتمتع بحياتي أبدا، ودائما أقول في داخلي أنني سأموت، فلماذا أفعل هذا أو هذا؟ ولماذا أهتم بنفسي؟ أو لماذا أدرس؟ توقفت عن دراستي لهذا السبب.

وأيضا مقبلة على الزواج وتركت خطيبي لهذا السبب، لأنني أقول دائما هو أو أنا سنموت، لماذا نتعلق ببعضنا هكذا؟ لا داعي لهذا الزواج، وخوفا أن أنجب أطفالا ليأتوا لهذه الدنيا ويتعذبوا، ودائما عندما أنام بصعوبة أستيقظ مرعوبة أتحسس أهلي وأخواتي بالمنزل، هل يتنفسون أم لا؟ ودائما أشعر بالحزن والاكتئاب لدرجة أن الناس يهربون من الجلوس معي.

ولا أستطيع التفاعل مع من حولي أبدا، وأشعرُ بضربات قلبي بشدة، ذهبت لطبيب القلب وذكر أن قلبي سليم، وذهبتُ لطبيب الباطنية وقال كل شيء سليم، وذهبتُ لعدة أطباء نفسيين، ودائماً عندما آخذ العلاج أكون بخير، وعندما أتركه أرجع أصعب من حالتي الأولى، الآن آخر طبيب وصف لي علاجين، الأول باروكسات حبة بعد العشاء، والآخر remeron نصف حبة مساء، تأتيني بعد تناولها سرعة في دقات القلب وزغللة في الرؤية، هل هذا طبيعي؟ قلت ذلك للطبيب فخفض لي العلاج الثاني إلى ربع حبة في اليوم، فما رأيكم بحالتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك واضحة جدًّا -وإن شاء الله تعالى- هي بسيطة، وأعتقد أنها قد بدأت عندك بما يمكن أن يكون نوبة هرع أو فزع بسيطة، ثم تحول تفكيرك كله على ما نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، والحوار الوسواسي، وتفصيل الأفكار وتشريحها وتحليلها، دائمًا هو الذي يؤدي إلى مردود نفسي سلبي على الإنسان، أنت تضعين أسئلة افتراضية وتأتيك أجوبة تشاؤمية، وهذا قطعًا يهز وجدان الإنسان.

هذا النوع من التفكير -أيتها الفاضلة الكريمة- يحقَّر، لا يعطى اهتمامًا، فلا تناقشي الأفكار، لأنك إذا ناقشت الأفكار سوف تدخلين في تفاصيل دقيقة، وسوف تتشابك الأمور وتتعقد جدًّا، وتظهر عندك مخاوف ووساوس جديدة، تكون وليدة ما نسميه بالحوار الوسواسي.

الأدوية تفيدك؛ لأن الخوف والوساوس فيها جانب دوائي كيميائي، لذا تستفيدين من الدواء، وهنالك جانب سلوكي واجتماعي، الذي يظهر لي أنك لا تحرصين عليه كثيرًا. إذًا العلاج يجب أن يكون دوائيًا، وسلوكيًا، ونفسيًا، واجتماعيًا؛ هذا يمنع الانتكاسات -إن شاء الله تعالى- وأهم علاج سلوكي كما ذكرت لك هو تحقير الأفكار، وعدم مناقشة الوساوس، وعلى النطاق الاجتماعي يجب أن تصرفي انتباهك تمامًا عن هذه الأفكار، وتشغلي نفسك بما هو مفيد، وتكون لك أنشطة على مستوى الأسرة، ومشاركات في الأعمال الخيرية، والذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، هذا كله يجعل انتباهك ينصرف تمامًا عن هذه الأفكار.

الأدوية التي وصفها لك الطبيب ممتازة، وقطعًا عقار باروكسات يعتبر أحد الأدوية الأساسية لعلاج مثل هذه الحالات، أما الريمارون فهو يساعد، وربما يكون قد وصفه لك الطبيب أيضًا ليحسّن النوم لديك.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية زهره

    حفظك الله وجعله بميزززان حسناتك بإذن الله هذا عمل خيري كبير بإذن الله ستجده في الحياة الابديه في ا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً