الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بصعوبة الحياة، وألمها ولا أجد أحدًا يواسيني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد:

أنا شاب نشأت عند أب قاس جدا، لدرجة أني وبعد أن كبرت أشعر حتى هذه اللحظة أنه يكرهني، فهو يتركني ولا يبالي بي، وحتى أني لا أستطيع استشارته في أي شيء في حياتي، وأعمامي لا يكلموننا، وليس لي أخوال، وأصبحت أشعر بوحدة قاسية جدا، ومررت بصعوبات كثيرة في حياتي.

مرت الأيام، وأصبحت مدرسا، ولكني مررت بمشكلة أخرى أكثر صعوبة، فخوفي من أخلاق الناس جعلتني أدخل بيوتا كثيرة في قريتنا، وحينما أرى الفتاة التي أريد الزواج منها سرعان ما أخاف منها، ولكني خطبت وأيضا تركت خطيبتي، وتجاوزت من العمر الثلاثين، وأشعر بأن الناس تقتلني بنظراتها، ثم قررت العمل في السعودية، ووفقني الله للحج والعمرة، لكني أشعر اليوم بصعوبة كبيرة فى حياتي، أنا لا أستطيع أن أحدث أبي ولا أجد أحدًا أشكو إليه حالي.

علما بأني مؤمن بالله وقدرة إيمانًا تامًا، ولولا علمي بأن علماء المسلمين هم من يردون على هذه الرسائل ما أرسلتها، أشعر بضيق رهيب في صدري، وأشعر بأن الدنيا صعبة جدا، فليس لي أب، أو عم، أو خال، أو أحد إلا الله، وأبيضّ شعر رأسي، وبعد أن كنت أرفض الفتيات أصبحت أنا المرفوض، دائما أقلب في ذكرياتي ربما يعاقبني الله، ولكني لا أجد من يواسيني أو أحكي له، وأصبح جسدي ضعيفا، أعمل بقوة رهيبة؛ لأني لا أريد التفكير، ثم أعود متعبا متألما، أشعر بحياة صعبة قاسية، ولا أعرف لمن أذهب ولمن أتحدث؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك ابننا الكريم في الموقع، ونشكر لك التواصل، ونؤكد لك أننا في مقام الأعمام والأخوال والأصدقاء، فمرحبًا بك في موقعك، تعرض فيه ما تريد، وتتحاور فيه مع إخوانك الفضلاء الذين هم في مقام الآباء، وفي مقام الموجهين، وفي مقام الإخوان، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولك الأحوال.

ونؤكد أن الإنسان الذي استطاع أن يتعلم حتى يُصبح مدرسًا ومعلمًا قادر على أن يتجاوز مثل هذه الصعوبات، فأرجو أن تهون الأمر على نفسك، وتأخذ الأمور بمنتهى البساطة، واعلم أن في الناس خيرًا كثيرًا، فهل حاولت أن تكلم إمام المسجد، وتجلس إليه، وتطلب مساعدته، هل حاولت أن تبدأ هذا المشوار دونما يأس؟ هل حاولت أن تقترب من الوالد؟ فإنه أيضًا سيسعد بقربك، والإنسان ينبغي أن يُدرك أن قسوة الوالد عليه في الصغر إنما كانت لمصلحته، لكن الوضع الآن تغيّر، وجودك إلى جوار الوالد، سيفتح مواضيع للتناقش معه، اقترابك منه، زيادة البر له، هذه أمور ستفتح لك آفاقًا كثيرة جدًّا، ثم فكّر في مَن حولك من المعلمين والقائمين على أمر التعليم، فستجد ذلك الرجل الصالح الهادئ، المواظب على صلاته، الذي يتسم في تصرفاته بالحكمة، اقترب منه، وحاوره، وشاوره، وناقشه، ولا تحط نفسك بهذا السجن الوهمي، فأنت من يجعل حول نفسه هالة وتحجز نفسك، لكن في الناس خير، وفي الناس رغبة في الاستعداد.

ثم هناك مؤسسات خيرية فيها أخيار، مؤسسات إرشادية فيها مرشدين عقلاء فضلاء، فلا تحجز نفسك خلف هذه الأوهام وهذه الحدود الوهمية، واعلم أن في الناس خيرا كثيرا، وستجد من يقف معك ومن يشجعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد.

ونؤكد لك أن إكمال مشوار الزواج إذا أحسنت فيه الاختيار من أكبر وسائل الحل، فلا تتأخر، واعلم أن الفاضلات لا ينظرن إلى شيب، ولا ينظرن إلى كذا، وإنما ينظرن إلى دين الرجل، وأخلاق الرجل، وأنت -ولله الحمد إن شاء الله- نحسبك ولا نزكيك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً