الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابنتي لديها مشاكل في المشي والكلام والاندماج مع الأطفال ... ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي ابنة عمرها سنة وتسعة أشهر وهي (البكر) المولود الأول، في بداية شهورها لم تكن تتفاعل مع الضحك واللعب، والآن سأصف حالتها بالتفصيل:

نصحنا الطبيب المشرف على حالتها بأن نوقف حليب الأطفال من عمر السنة، وإعطائها حليبا طازجا يباع في الأسواق، تتابع قناة الأطفال والأناشيد وتندمج معها ليس كثيرا، ويذهب ويعود إليها
الإدراك، لديها ضعف -أشك في ذلك- بحيث أنها لا تستمع إلى الأوامر، أو تعرف ماذا أقول، عندما أرمي شيئاً على الأرض لا تلتقطه، وعندما أقول لها شيئا، أو ألعب معها لا تستجيب، أو تضحك، بشكل خفيف جداً، وعندما تضجر تذهب، وعند مقارنتها بأطفال في مثل عمرها أو حتى أقل تجد إدراكهم سريعا -ما شاء الله- ويلعبون ويستجيبون وهم ذكور، وفي النطق لا تعرف إلا بضع كلمات (باب – ماما – هيّا (نذهب) –عطيني) ولا تستخدمها إلا نادراً.

دائماً في الليل تبكي وتريد الخروج من المنزل، وعندما أذهب بها خارج المنزل تسكت، فإذا عدت إلى الداخل تبكي، في المشي ليس لديها اتزان؛ بحيث لا تقف وقوفا كاملا عند المشي، إما إلى الأمام أو إلى الخلف، ولا تنهض إلا بمساعدتنا، أو بمساعدة أريكة أو حائط.

ذهبنا بها إلى الطبيب الذي يراجع معها، وعمل لها أشعة، وقال: إنها سليمة، ولا داعي للقلق، في بداية الشهور قال لنا: سنأخذ موعدا مع طبيب الأعصاب، فشككنا بالأمر، وتأخر الموعد ولم يُحجز لنا ولم نذهب؛ بسبب أنه مستشفى حكومي.

قرأت عن القدم المسطحة، ووجدت أن لديها قدما مسطحة، وهي الآن تزن تقريباً 13 ونصف، ومن الممكن أن لا تكون قدما مسطحة بل زيادة وزن، وقال لي الدكتور في بداية ولادتها: بأنها فوق المعدل الطبيعي للوزن بشيء قليل.

سألت أحد الأطباء ودياً وشرحت له القصة وما تعانيه ابنتي، فقال: لا تقلق "يبدأ القلق مع عمر سنتين ونصف"، ولا تقارن بأحد؛ بحيث أن إدراك البنت أقل من الولد.

عملنا تحاليل لفيتامين دي، والحديد والكالسيوم، وجميعها طبيعي
منذُ ولادتها، وتكون في بيت جدتها تقريباً يومين في الأسبوع؛ لأجعلها تندمج مع الأطفال وتلعب، وكان هناك تقدم ولكن لا شيء يذكر؛ حيث إذا وضعتها مع أطفال فهي لا تلعب معهم وإنما تذهب لوحدها وتلعب لوحدها، لديها ألعاب في البيت ولكن لا تلقي لها بالا ولا تعرف.

أرجوكم أشيروا علي ماذا أعمل؟ هل أقلق؟ هل أتحدث إلى طبيب مختص في السلوك؟ أم أنتظر إلى عمر معيّن؟ وماذا عن المشي والاتزان؟

جُزيتم خيراً ووقفتُم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


ضعف التواصل مع الأطفال وتأخر النطق حتى بعد مرور 20 شهرا تقريبا، والتصرف منفردة في عالمها الخاص، والبكاء دون سبب واضح؛ كلها أمور تستدعي متابعة حالة الطفل مع استشاري: pediatric neuorologist، متخصص في أمراض أعصاب الأطفال؛ لأن تلك الأعراض تنطبق إلى حد كبير على مرض التوحد، وهذا ليس جزما، ولكن يمر علينا حالات مشابهة في عيادات تطعيم الأطفال.

وهناك استمارة باللغة العربية يوجد بها 15 سؤالا، كلها تتعلق بالتواصل مع الأطفال وطريقة اللعب بالأشياء مثل: السيارة الصغيرة هل تلعب بها سيارة أو مثل الحجر تضربها في الأرض أو الحائط؟ ومثل: التواصل البصري، هل تبتسم وتضحك مع الأسرة ومع الغرباء، وتتفاعل مع المواقف أم تعيش في عالم منفصل؟

ومرض التوحد: autism مرض يحتاج في تشخيصه إلى فريق متكامل مكون من: طبيب أطفال، وطبيب أعصاب، وأخصائي نفسي، وأخصائي اجتماعي، وأخصائي نطق ولغة، وأخصائي تربية خاصة، بالإضافة إلى الوالدين.

والتشخيص الصحيح لحالة التوحد يقلل احتمالات إساءة فهم المشكلات المتناقضة التي يعاني منها الطفل؛ حيث يظن كثير من الآباء أن الطفل عنيد، وتبدأ مرحلة العقاب مبكرا، والطفل لا دخل له في حالته المرضية، ولا يعاند وإنما يعاني.

أيضا فإن التشخيص المبكر يخفف مستوى الشعور بالذنب لدى أولياء الأمور، وحتى لا يظنوا أن لهم سببا بحالة الطفل الصحية، ويجب البحث في نقاط الموهبة لدي الطفلة وتنميتها، مع جلب الشرائط التعليمية حتى توقظ فيها الملكات، ولاحظ ما هي الأشياء التي تفضل عملها وركز عليها، حتى توجهها إلى التميز في مجال من مجالات الحياة؟ ولن تعدم ذلك إن شاء الله.

وللتشخيص هناك بعض التصرفات السلوكية من خلالها يمكن تقييم حالة الطفل وهي: القصور في التواصل الاجتماعي، مثل: عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية مع أقرانه، وعدم القدرة على أن يشاركه الآخرون في اهتماماته وإنجازاته.

قصور نوعي في التواصل اللفظي مثل: التأخر في تطور اللغة المنطوقة، وعدم المبادرة إلى التحدث مع الآخرين، والتحدث بطريقة نمطية مع تكرار الكلام.

تكرار ومحدودية الاهتمامات مثل: الانهماك في لعبة معينة بطريقة محددة وبشكل غير طبيعي، وتكرار حركات الجسم (رفرفة اليدين/ الالتفات إلى اليمين والشمال/ رفع القدمين وإنزالهما) والإصرار على الانهماك في جزء من اللعبة وعدم الاهتمام بالآخرين مثل: قصور في المشاركة في اللعب الجماعي، وقصور في الانتباه المشترك.

ليس هناك علاج أو طريقة علاجية يمكن تطبيقها على جميع الأطفال المصابين بالتوحد، ولكن المتخصصين في هذا المجال وعائلات الأطفال يستخدمون طرقاً متنوعة للعلاج منها: تغيير السلوك - الأدوية - علاج النطق - العلاج الوظيفي، وهذه الطرق العلاجية قد تؤدي إلى تحسن السلوكيات الاجتماعية والتواصلية ، وتقلل من السلوكيات السلبية (زيادة الحركة والنشاط، عدم وجود هدف للنشاط، التكرار والنمطية، إيذاء الذات، الحدة) والتي تؤدي إلى التأثير على عمل الطفل ونشاطاته وتعليمه.

ودائماً هناك الحرص على أهمية العلاج وتركيزه قبل سن المدرسة، وفي الكثير من الأوقات نجد أنه مع البدء المبكر في العلاج تكون النتائج أفضل إن شاء الله، وفي حالة وجود مراكز متخصصة لمتابعة حياة الطفلة السلوكية، فلا بأس من إلحاقها بمدارس فكرية قد تساعدها إن شاء الله على النطق، وتنمية مهارة مختبئة لديها قد تعينها في مستقبل الأيام.

وفقكم الله لما فيه الخير.

____________________________________________

انتهت إجابة عطية إبراهيم محمد، استشاري طب عام وجراحة وأطفال، وتليها إجابة د. مأمون مبيض، استشاري الطب النفسي:


شكرا لك على الكتابة إلينا حول طفلتك، حفظها الله.

إن أهم ما علينا فعله هو التفريق بين ما هو طبيعي عند الأطفال في مثل هذه المرحلة العمرية، وبين ما يمكن الآن أن يكون غير طبيعي، وهذا هو التحدي الأكبر، فالاندماج ببرامج الأطفال، وعدم الاستجابة للأوامر، وسرعة التفاعل مع الأطفال الآخرين، والرغبة بالخروج من البيت.

السؤال: هل هناك ما علينا عمله مع هذه الطفلة؟ الجواب: نعم، ولكن ليس بالضرورة أن نقلق أو نشغل البال، فهناك بعض الأمور التي تحتاج لشيء من المتابعة والاهتمام والذي هو واضح عندك ولك الشكر، وما هذا إلا الأمر الطبيعي من أب حريص على سلامة طفلته.

من الأمور التي نحتاج لمتابعتها: بعض التأخر في الكلام، تطور نموها في المراحل المختلفة، والبكاء كل ليلة... فمثل هذه الأمور تحتاج للمتابعة.

أنا غير مستغرب أن بعض الفحوصات والاختبارات التي قمتم بها كانت طبيعية، والذي أنصح به، أولا: متابعة الاهتمام بتطور هذه الفتاة، وثانيا: مقابلة طبيب أطفال عام، ممن يمكن أن يقوم بالفحص الشامل من أجل تحديد فيما إذا كان نموّ الطفلة يسير بالشكل الطبيعي وفق المرحلة العمرية، وفي حال -لا قدر الله- وجد الطبيب شيئا غير طبيعي، فيمكنه أن ينصح بالخطوة التالية.

حفظ الله طفلتكم، وأقرّ بها عيونكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً