الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحقق الثقة بنفسي, وأنسى الماضي وما حصل فيه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حياكم الله وبياكم, وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم, وأدعو الله أن يجعل هذا الموقع في ميزان حسناتكم جميعا.

لدي بعض الاستشارات, أرجو أن تجدوا الوقت للرد عليها، أنا طالب جامعي في السنة الثانية, شديد الحياء, التزمت منذ عامين.

1- أتذكر مواقف تزعجني كثيراً, قد تكون مواقف أثناء المرحلة الإعدادية أو الابتدائية, وهي غالباً ما تكون مواقف سلوكية أحرجتني, خصوصاً أني كنت جاهلاً بكيفية معاملة الآخرين، وانطوائياً بعض الشيء، الآن تغيرت, وتعلمت من هذه الأخطاء, لكنها مواقف قديمة ترهقني, وتضعف عزيمتي, وأظن أن الناس يعاملونني بناءً على هذه المواقف القديمة.

2- أحلام اليقظة: كنت انطوائياً بعض الشيء, عائلتي تخاف علي كثيراً من مصاحبة الأشرار, ومن الخروج من المنزل, فتعودت على أحلام اليقظة, خاصة أن لدي وقت فراغ كبيراً جداً, وقد أصبحت أحلم في اليقظة, ولا أعلم إذا كانت مفيدة أم مضرة, لكن السبب الذي جعلني أسأل هذا السؤال أني أحياناً أشعر أن أحلام اليقظة قد تجعلني مرائياً, وأحياناً لا أقصد أي حلم, ولكن أتخيل أني فعلت شيئاً محرجاً, فيحمر وجهي كثيراً.

3- الوراثة: قد أكون ورثت بعض الصفات, فهل يمكن التخلص منها؟ وكيف أعرف عيوبي وأحقق الشخصية المتكاملة؟ فكثيرا ما أفعل أمرا ثم أندم عليه بعد مدة من الوقت, فكيف أضمن ما أفعله الآن, ولا أندم عليه مستقبلا؟

4- كلام الناس: كلام الناس عقبة كبيرة في حياتي, لا تمنعني من فعل شيء, لكن قد تؤرقني كثيرا, فإن سخر مني شخص أثناء عبوري الشارع؛ كيف أتخلص منه؟

5- كيف أحقق الثقة بنفسي؟ أشعر أن ثقتي بنفسي معدومة, خصوصا أن أمي كانت كثيرا ما تضعني في مقارنات مع الآخرين.

6- أنا أتثاءب كثيرا, وأفتح فمي جدا, وقد أطيل في ذلك، وهذا شيء يزعجني جدا, خصوصا إذا رآني أحدهم أفعل ذلك, وأحيانا لا أستطيع رد التثاؤب.

أعتذر عن الإطالة وكثرة الاستشارات, لكن ما علمته عنكم من علم, وأنكم أهل للخدمة؛ جعلني أطمع في كرمكم للرد علي، والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية, ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

أولاً: نقول لك التفكير في الماضي, وما حدث فيه من أحداث, سواء كانت إيجابية أو سلبية؛ هي قد مضت وولت, والآن ينبغي التفكير في الحاضر, والعيش والاستمتاع بما فيه, أما الماضي فنستفيد منه فقط في كيفية تجنب التجارب الفاشلة, وكيفية تدارك الأخطاء السابقة.

أما موضوع حديث النفس إلى النفس فهو وسيلة بديلة للتواصل مع الذات, يستخدمه بعض الناس في حالة تعسر تواصلهم مع الغير لسبب ما, وعن طريقه يمكن للإنسان أن يقوم بتحليل موقف ما حدث خلال اليوم, أو يخطط لحل مشكلة ما قد تواجهه في المستقبل, فإذا توصل إلى التحليل المناسب للموقف أو الحل المناسب للمشكلة, وفقاً لمعطيات الواقع, وقام بالتطبيق الفعلي لذلك؛ نقول إنه استخدم عقله بطريقة صحيحة.

العقل نعمة من نعم الله علينا, نستفيد منه كثيراً إذا وجّهناه التوجيه الصحيح في حل مشاكلنا, والتخطيط لتحقيق أهدافنا في هذه الحياة, فهناك بعض الاكتشافات والاختراعات العلمية تكون نتيجة لاستخدام خيالنا وتصوراتنا المسبقة للأمور.

أما إذا كان الخيال مجرد أحلام يقظة, دون التوصل إلى حلول أو نتائج واقعية؛ فيكون ذلك وسيلة نفسية للتخلص من مشاعر القلق والتوتر والإحباط لعدم تمكننا من إشباع دوافعنا, وتحقيق أمنياتنا بطريقة واقعية.

وأما موضوع الثقة بالنفس؛ فربما تكون شخصيتك من النوع الحساس, وأنك تفكر دائماً في رأي الآخرين عنك, كما أن مقياس أو معيار التقييم لشخصيتك وللآخرين يحتاج إلى تعديل لكي تتصرف بصورة طبيعية.

والمعيار الأساسي لتقييم السلوك هو ما جاء به الكتاب والسنة والحديث الشريف يقول: عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البرّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس) رواه مسلم.

وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (جئت تسأل عن البرّ؟)، قلت: نعم، فقال: (استفت قلبك، البرّ ما اطمأنت إليه النفس, واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس, وتردد في الصدر، وإن أفتاك المفتون) حديث حسن رُويناه في مسندي الإمامين: أحمد بن حنبل، والدارمي بإسناد حسن.

وباتباعك لما جاء في هذا الحديث إن شاء الله لن تندم على فعل فعلته، واتبع الإرشادات الآتية, فربما تساعدك في التغلب على المشكلة:

1- قم بتعديد صفاتك الإيجابية وإنجازاتك في الحياة اليومية, وحبذا لو كتبتها وقرأتها يوميا, فأنت محتاج لمن يعكس لك صفاتك الإيجابية, ويدعمها ويثني عليها, والمفترض أن يقوم بهذا الدور الوالدان, أو الإخوان, أو الأصدقاء.

2- لا تقارن نفسك بمن هم أعلى منك في أمور الدنيا, بل انظر إلى من هم أقل منك, واحمد الله على نعمه, وتذكر أنك مؤهل للمهام التي تؤديها.

3- عدم تضخيم فكرة الخطأ, وإعطائها حجماً أكبر من حجمها, فكل ابن آدم خطاء, وجلّ من لا يخطئ, وينبغي أن تتذكر أن كل من أجاد مهارةً معينة, أو نبغ في علمٍ معين؛ مرَّ بكثيرٍ من الأخطاء, والذي يحجم عن فعل شيءٍ ما بسبب الخوف من الخطأ لن يتعلم, ولن يتقن صنعته.

4- ضع لك أهدافا واضحة, وفكر في الوسائل التي تساعدك في تحقيقها, واستشر ذوي الخبرة في المجال.

أما موضوع التثاؤب؛ فورد في باب إذا تثاءب فليضع يده على فيه, عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب, فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله, وأما التثاؤب؛ فإنما هو من الشيطان, فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع, فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان).

نسأل الله لك التوفيق لما فيه خير دينك ودنياك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أوروبا محمد

    بارك الله هذا المجهود المبارك
    وجعله الله في موازين حسناتكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً