الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من حالة الضيق الصدري عندما ألبس لباس المجاهدين.

السؤال

السلام عليكم

عندما أقوم بلبس لباس جديد تأخذني نشوة يضيق صدري بها، فمثلاً عندما أرتدي العمامة الفلسطينية أو ملابس يرتديها المجاهدون تأخذني نشوة أني مثلهم، فأقول في نفسي: يجب علي أن أكون عالمًا ومجتهدًا في العبادة، حتى أكون على صورتهم المشابهة.

هذا ليس طمعًا في أن أفعل أفعالهم كأنهم قدوة، بل لمجرد شعور أجده في صدري لا أستطيع تعريفه! فما علاجه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ khallad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك أخي الحبيب في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

بخصوص ما سألت عنه أخي الحبيب، فاعلم أن مثل هذا الشعور يجده كل من يتزيا بزي يرى أن أصحابه قدوة له، فأهل الفسق يرون أن في ملابس أهل المعاصي قدوة لهم، فإذا ارتدوا ملابسهم شعورا بتلك النشوة، وأهل الصلاح يرون في زي أهل الطاعة قدوة لهم فإذا لبسوا ذلك شعروا بتلك النشوة.

لذلك فاحمد الله الذي جعل نشوتك وقدوتك أهل الصلاح والجهاد، لكن هناك أمرا ينبغي أن تحذر نفسك منه، وهو فساد النية، فأنت تعلم أخي الحبيب أن كل عمل لا نية فيه هدر، وأمر النية خطير جدا حتى إن إماما كالإمام ابن أبي جمرة - رحمه الله - يقول :(وددت أنه لو كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا، فإنه ما أُتِيَ علي كثير من الناس إلا من تضييع ذلك).

النشوة أمر جيد لأنك تتشبه بأهل الصلاح في الظاهر، وهي مقدمة إن شاء الله للتشبه بهم في الباطن، كذلك، المهم أن تجعل نيتك في ذلك خالصة لله، وتذكر دوما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، (أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن ورجل يقتل في سبيل الله ورجل كثير المال، فيقول الله تبارك وتعالى للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي صلى الله عليه وسلم، قال بلى يا رب قال: فماذا عملت فيما علمت؟ قال كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله تبارك وتعالى له: كذبت وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل ذاك، ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال بلى يا رب قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة له كذبت، ويقول الله بل إنما أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذاك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقال له: في ماذا قتلت؟ فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله له كذبت وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله :بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذاك، ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتي، فقال يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة).

احرص أخي الحبيب على تجديد نيتك، ولا يمنعك ذلك من ارتداء زي أهل الصلاح، وإياك أن يسول لك الشيطان أن تنزعه لأنك لست منهم، فهذا من تدليس الشيطان، ارتد زي أهل الصلاح، وإن وجدت النشوة فلا حرج ما دمت تسير سيرا صحيحا إلى الله.

نوصيك أخي الكريم أن تصحب بعضا من أهل الصلاح من ذوي العقول الصالحة، والتدين الواضح.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسدد خطاك.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً