الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوسواس في طهارتي وعبادتي وخاصة في الطواف، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة أعاني من الوسواس منذ فترة، واستشارتي متعلقة بأداء العمرة، وعندي مشكلة أريد أن أجد لها حلا.

أنا مصابة منذ فترة طويلة جدا، وكان عندي وسواس شديد جدا، ولكني -بفضل الله- أصبحت أحسن حالا، ولكن ما يؤرقني هو أداء العمرة، فمنذ أن أعرف بأني ذاهبة للعمرة يبدأ القلق، والوساوس تزيد، وكأني في بداية المرض، وساوس في الصلاة والطهارة، وأرق وعدم نوم.

مشكلتي هي في الوضوء للطواف ونية السعي، فأنا أتوضأ كثيرا، ثم أذهب وأتوضأ ثانية في الحرم، ومن الممكن أن ينتقض الوضوء حقيقة قبل أن أنزل للطواف، ولكن أنزل وأقول: أنا توضأت ونزلت، والمشكلة أني لا أحس بأي مشكلة بعدها، فأظل في ضيق، وأقول: لو كنت توضأت مرة ثانية كنت أكملت الطواف بشكل صحيح والسعي أيضا، فبعد أن أبدأ الشوط أقول: لا النية لم تكن سعيا، وهذا الأمر حصل معي مرتين في عمرتين، وكانت أول مرة أوسوس في النية أو أنني كنت فعلا لم أنو، لا أدري؟ لأنني لم أكن أعاني من قبل من موضوع النية، ولكني أكملت السعي، ولم أفعل شيئا، وبنيت على السابق، فهل عمرتي صحيحة؟

آسفة على الإطالة، ولكني في هم، وهل يجوز لي أن آخذ بالقول: أن الطواف لا يلزمه طهارة (وضوء)؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تعانين من وسواس قهري ذي محتوى واحد مرتبط بالمكان والزمان، وهذا النوع من الوسواس ليس صعبا في العلاج، وهو بأن تقومي بتحقير فكرة الوسوسة، فهذا هو العلاج الأساسي، واتباع ما يفعله الآخرون، مع ضرورة عقد النية، وهذا هو الذي يمثل الأساس الجوهري لعلاج حالتك، ويجب أن تحقّري فكرة الوسواس هذه.

استصحبي أحد محارمك معك، أو أختك، وهذا سوف يمثل بالنسبة لك النموذج الذي تقتدين به، ومن وجهة نظري هذا سوف يسهل عليك الأمر كثيرًا.

الأمر الثاني هو: أنت محتاجة لعلاج دوائي، العلاج الدوائي يتمثل في: عقار يعرف تجاريًا باسم (فافرين)، ويسمى علميًا باسم (فلوفكسمين)، وهو دواء فعّال جدًّا لعلاج الوساوس أيًّا كان نوعها، وكذلك لإزالة القلق.

إن استطعت أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا جيد، وإن لم تستطيعي فابدئي في تناول الفافرين بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوع، ثم اجعليها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الفائدة العلاجية لهذا الدواء سوف تظهر بعد 3 أسابيع من بداية العلاج، وبعد ذلك يمكنك أن تذهبي إلى أداء العمرة، وبعد أن يوفقك الله تعالى في أداء العمرة، أود أن أنصحك بأن تقومي بأداء عمرة أخرى بعد فترة وجيزة، فهذا مهم جدًّا، لأن مثل هذا التكرار يؤدي إلى تثبيت فكرة تخطي الوساوس وقهرها، وهذا يمثل دافعًا نفسيًا قويًّا بالنسبة لك.

بالنسبة لموضوع الوضوء: يجب أن تُحددي كمية الماء، حتى وإن كنت في الحَرم، حددي كمية الماء، واعقدي العزم على أن الشك في مثل هذه المواقف لا يُبطل الوضوء، وإن شاء الله تعالى سوف يفيدك الأخ الشيخ/ أحمد الفودعي حول هذا الموضوع وحول سؤالك: هل يجوز أن تأخذي بالقول أن الطواف لا يلزمه طهارة (الوضوء)؟

نسأل الله لك التوفيق والسداد.
______________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
_______________________________________________

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزةَ- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يُذب عنك ما تجدينه من آثار هذه الوساوس، ونصيحتنا لك أن تجتهدي في التخلص منها، وذلك بأن تُعرضي عنها إعراضًا كليًّا، فلا علاج للوساوس أمثل وأحسن من هذا الدواء.

والطهارة إذا حصلت فإنه لا يحملك بانتقاضها مجرد الشك والوسوسة، فاليقين لا يزول إلا بيقين، فإذا تطهرتِ فاعتبري نفسك على طهارتك حتى يحصل لك يقين جازم تستطيعين الحلف عليه بأنها قد انتقضت، أما بغير ذلك فإنه لا يُحكم بانتقاضها.

ثم اعلمي -بارك الله فيك– أن أمر العمرة يسير، والطواف فيها لا يشترط له الطهارة عند كثير من العلماء، وإن كانت تُستحب، ولك أن تأخذي بهذا القول، فإذا انتقضت طهارتك وكان في تطهرك لها مشقة، فإن طوافك صحيح وعمرتك مُجزئة صحيحة.

وأما بالنسبة للنيّة في الطواف أو السعي:
فأنت لا تحتاجين إلى نية، خاصة في السعي، أو نية خاصة للطواف بأنها على العمرة، لأن النيّة الأولى –وهي نية العمرة– تنسحب على جميع أعمال العمرة، فتكفي، فإذا سعيت غافلة عن استحضار النية بأنه سعي للعمرة؛ فإن النية الأولى تكفيك.

وبهذا تعلمين أن ما تفعلينه من طوافٍ وسعيٍ يقع صحيحًا، فلا داعي لأن تحملي نفسك ما لا تحتمل، وتعسّري على نفسك ما يسره الله -سبحانه وتعالى- بسبب هذه الوساوس.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • جويانا الفرنسية حسام الحيمي

    احملي مصحف في جيبك يزيل كل وسواس نتيجته فعاله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً