الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما اهتممت بأمر إلا ودققت في تفاصيله بدرجة مزعجة، فما علاج ذلك؟!

السؤال

السلام عليكم

أنا امرأة متزوجة من عشر سنوات ولي ولدان، وأنا كلما اهتممت بأمر أصبحت أدقق في تفاصيله بشدة؛ بمعنى أني في فترة من الفترات أرعبتني دكتورة (وهي ليست اختصاصية) بأن لدي مرضا، ولكن أنا ذهبت لأهل الاختصاص وتأكدت أن ليس لدي شيئا -والحمد لله-، وهذا الشيء حصل قبل 15 سنة.

لقد تزوجت وأنجبت طفلي الثاني، وبعدها رجع لدي الخوف، وبدأت أذهب للأطباء، ويطمئنونني ولا تذهب المخاوف، وبعدها -والحمد لله- التزمت في الدين وذهب خوفي، وكان هذا سببا في التزامي بالدين، فبدأت أواظب على صلاتي وعباداتي، والآن أصبحت لدي مخاوف أن أكون قصرت في الدين، وأن أتعذب في النار، والله تعبت! حياتي أصبحت متعبة، ولا أدري ما الحل!

أرجو إفادتي وأشكركم على هذا الموقع الجميل، وعلى مجهودكم، وأرجو أن يكون في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فيصل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا من العراق الجريح.

من الواضح أن ما عانيت منه في السابق هي حالة نفسية معروفة نسميها "رهاب المرض"، عندما ينشغل ذهن الشخص على صحته، معتقدا بأن لديه مرضا ما، وإن الأطباء إما أنهم يعلمون بهذا إلا أنهم لا يخبرونه به صراحة، أو أنهم لا يعرفون لأنهم لم يكتشفوا بعد هذا المرض، ويعتقد الشخص أنه يحتاج للمزيد من الوقت، والمزيد من الاختبارات والفحوص، والمزيد من آراء الأطباء المختلفين، حتى يصل للتشخيص الذي كان يخافه كل هذا الوقت. وفي كثير من الأحيان تترافق هذه الحالة بما وصفت من أعراض.

وبصراحة: في كثير من الحالات مهما قمنا بالمزيد من الفحوصات والاختبارات، ومهما تعددت آراء الأطباء بالتخصصات المختلفة، فكل هذا قد لا يُذهب عن ذهن هذا الشخص فكرة المرض. فإذا به، ومن جديد، يبدأ سلسلة جديدة من الأطباء ومن الاختبارات من أجل الوصول إلى "جذور المرض، ومعرفة هذا التشخيص"!

لا أنصحك بالمزيد من الفحوص والاختبارات التحليلية، فهذه كلها أوهام، سواء كانت النتائج طبيعية أو غير طبيعية، لن تزيدك إلا شكا وتفكيرا وانشغالا بالأعراض والأمراض.

والحمد لله أن هذه الحالة تحسنت مع التزامك بالعبادة والصلاة، فهنيئا لك، وبارك الله فيك.

ولكن في كثير من الأحيان يمكن أن يأخذ هذا الرهاب شكلا آخر، وكما حدث معك من انشغال بال بأن تكوني مقصرة في العبادة والصلاة... وقد يصل انشغال البال هذا إلى مرحلة وسواسية قهرية، وبحيث لا تستطيعين دفع هذه الأفكار عن ذهنك.

وأمامك الآن طريقان، الأول أن تخف هذه الأفكار من تلقاء نفسها، ولو أخذت بعض الوقت، والثاني أن تقومي بمراجعة طبيب نفسي في المدينة التي تعيشين فيها، وسيقوم هذا الطبيب بأخذ القصة كاملة، ومعرفة الأمور الكثيرة والتي لم تخبرينا عنها كنمط الحياة، وعلاقاتك الأسرية والاجتماعية، وتاريخ طفولتك، وطبيعة حياتك اليومية.... ومن ثم يمكن لهذا الطبيب النفسي أن يقوم بعد التشخيص بالعلاج المطلوب. وسيحاول الطبيب التأكد من أنه لا يوجد عندك -بالإضافة لانشغال البال بالأمراض والعبادات- شيء من الأعراض النفسية الأخرى كالاكتئاب وغيره، لا بد للطبيب النفسي من تحري هذا والقيام بتقديم العلاج المطلوب.

ويفيدك أيضا الأسئلة والأجوبة الكثيرة على هذا الموقع في موضوع الوسواس القهري.

عافاك الله، وكتب لك الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً