الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من التسرع في الدعاء على نفسي وأحبابي المقربين!!

السؤال

السلام عليكم

أدعو على نفسي وعلى أحبابي المقربين مني بالضرر، كالمرض والموت والفشل!

لا أدرى، هل هو خوف من حدوث ذلك فعلاً أم شيء آخر! ولا أدرى من أين تأتيني هذه الدعوات! فكيف أوقف هذه الحالة الغريبة؟

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضلة/ Reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فاسمحي لي أن أقول لك: إن دعاءك على نفسك وعلى أحبائك مخالف لهدي النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم – إذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم – نهانا عن ذلك بقوله: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا على أولادكم ولا على أموالكم) لماذا يا رسول الله؟ (لئلا توافقوا ساعة إجابة فيستجيب الله لكم).

إذًا أنت الآن قد تقومين بالدعاء على نفسك في وقت تشعرين فيه بأنك غير مستريحة أو أنك متعبة أو غير ذلك، وأيضًا قد تقومين بالدعاء على نفسك أو أحد إخوانك أو أحبائك أو غير ذلك، كذلك لخلاف حدث بينك وبين فتاة، فتكون النتيجة لعل هذا الوقت الذي يكون فيه الدعاء يكون وقت إجابة، فيتحقق هذا الدعاء، وبعد ذلك تأتي ساعات الندم، ولكن لا ينفع الندم بعد وقوع البلاء.

فيجب عليك أن تتوقفي عنه فورًا وبلا مقدمات، سواء كان دعاؤك على نفسك، أو دعاؤك على أحبابك كما ذكرت.

تقولين: لا تدري من أين تأتيك هذه الدعوات؟ تأتيك من نفسك ومن الشيطان، فإنك قد تكونين في حالة ضيقة فترين أن الدعاء على نفسك هو أفضل وسيلة لتغيير الواقع، ولكن في الواقع هو لا يزيد الطين إلا بلة، والأصل فيه عندما أكون متعبًا أن أدعو الله أن يشفيني، وعندما أكون غير موفق أدعو الله عز وجل أن يوفقني، وعندما أكون مريضًا أدعو الله أن يشفيني، وعندما أكون فقيرًا أدعو الله أن يغنيني، أما أن أدعو الله عندما أكون متعبًا بأن يزيدني تعبًا، فهذا ليس منطقيًا، ولذلك من أين تأتي هذه الدعوات؟ هذه تأتي من الشيطان، والشيطان هو الذي يقذف بهذه الدعوات على لسانك عند لحظات الغضب، وفي نفس الوقت أيضًا نفسك الأمّارة بالسوء تفعل ذلك أيضًا.

فإذًا هذا - بارك الله فيك – نوع من عدم الوعي، وهذا نوع من كيد الشيطان لك، أنه عندما تمرين بأي ضائقة أو أزمة نفسية يُلقي على لسانك هذه الدعوات التي تضرك فعلاً، ولولا رحمة الله تعالى بك لحدثت هناك مصائب كبرى، ولذلك يقول الله تعالى في كتابه: {ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولاً} ويقول الله تعالى: ﴿ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقُضي إليهم أجلهم﴾ وإنا لنستغرب من قول المشركين حين قالوا: ﴿وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم﴾.

لذلك عليك - بارك الله فيك – أن تتوقفي تمامًا عن الدعاء على نفسك، وأن تكثري من الدعاء لنفسك بالخير، فإن الله تبارك وتعالى أمرنا بذلك، وقال: {أجيب دعوةَ الداعِ إذا دعانِ} وقال: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} والنبي - صلى الله عليه وسلم – كان يفعل ذلك، النبي - عليه الصلاة والسلام – كان يقول: (أسأل الله العافية)، وكان كل يوم يدعو الله تبارك وتعالى بعشرات الدعوات التي دونتها كتب السنة، بل إن رجلاً من الصحابة – رضي الله تعالى عنه – تأخر عن الصلاة، فلما سأل عنه النبي - صلى الله عليه وسلم – علم أنه مريض، فذهب إليه، فلما سأله عرف من خلال كلامه أنه قد دعا على نفسه، فغضب النبي - عليه الصلاة والسلام – وقال: (هلا سألت الله العافية؟)

إن عليك بالدعاء لنفسك – ابنتِي الكريمة – وعليك بالدعاء لأحبابك، حتى وإن كنت في لحظات الغضب، على الأقل إذا لم تقومي بالدعاء لنفسك أو لأحبابك لا تقومي بالدعاء على نفسك أو على أحبابك، لاحتمال أن تكون هذه ساعة إجابة فيستجيب الله لك، ولا تستطيعين في الواقع تغيير هذا الأمر بسهولة.

إذًا علينا - بارك الله فيك – أن نلتزم سنة النبي - عليه الصلاة والسلام – وأن تنتبهي لدعواتك، كلما شعرت بالرغبة في الدعاء على نفسك استغفري الله تعالى وقومي بالدعاء لنفسك وبتغيير الواقع الذي أنت فيه، واعلمي أن الله تبارك وتعالى يُحب الخير ويُحب الفضل، وأن الله يريد لعباده الخير، فعليك أن تجتهدي في عدم الدعاء على نفسك حتى يتحقق لك الخير من الله تعالى.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً