الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب والطبيبة طلبت مني إجراء رسم للمخ! فما تعليقكم؟

السؤال

السلام عليكم
في البداية وقبل كل شيء أريد أن أشكركم على هذا الموقع الرائع، جزاكم الله خيرا عما تقدمونه للمساعدة، فهذا الموقع فخر لنا جميعا.

منذ نحو 10 سنوات تقريباً وأنا أعاني من أعراض غريبة ومتقلبة بشكل غريب، نصفها نفسي ونصفها الآخر يتعلق بالنوم والتركيز، والذاكرة والتفكير!

أعاني من اكتئاب شديد جداً، يتزايد ويتناقص تلقائيا بدون وجود أي عوامل خارجية، مع ثبات الظروف، فكل يوم أجد نفسي في شكل مختلف، فيوماً أجد نفسي حزيناً، وغير قادر على التفكير، ويوماً آخر أكون أفضل، ولكن غير قادر على تذكر أي شيء.

إضافة إلى تغير في أدائي الكلامي، هناك أيام أجد صعوبة في التكلم والنسيان أيضاً، وأشعر بأعراض غثيان شديدة ودوار، وعند قيامي بأي مجهود عضلي مهما كان بسيطاً أصاب بالرعشة، وأشعر بأن ذهني تقل قدرته على التفكير، والأشياء الذهنية بعد أي مجهود عضلي، وأنام على الأقل 14 ساعة في اليوم، ولكن الحال السائد هو أنني حزين جدا، ومكتئب.

لا أشعر بأي نوع من الحماس، وعندي لا مبالاة، وانعدام في الرغبة الجنسية والعواطف، ويتغير رأيي وإحساسي بكل شيء كل يوم تقريباً بالإضافة إلى المشكلات الأخرى.

ذهبت لعدة أطباء الأول كان أستاذاً في جراحة المخ والأعصاب، أعطاني أدوية كثيرة جداً (لوسيدريل – اكسبرال – نتروبيل ) وللاكتئاب بريانيل وبروزاك، بعد أن فشل اللسترال وستابلون، كان كلما سمع عرضاً كتب دواءً أتذكر هذا جيداً، استمررت على هذه الأدوية لمدة 5 سنين، وبعد ذلك تحسنت قليلاً، ولكن لا زلت متقلباً جداً.

الاكتئاب يقتلني رغم تجربتي لجميع أدوية الاكتئاب كل منهم لمدة 6 أشهر، وفي انتظام تام في موعد الجرعات دون جدوى، وذلك بعد أن زرت عيادات نفسية، آخر التطورات عندما ذهبت منذ شهر إلى أستاذة من جامعة عين شمس نفسية عصبية في محاولة يائسة لأني أعلم أن مضادات الاكتئاب لم تفدني، فما الجديد؟! فوجئت بأنها طلبت مني إجراء رسم للمخ نائماً، قالت ربما يختبئ الاكتئاب داخل شيء آخر، رغم نفيي تماما حدوث أي تشنجات أو أي إغماءات في حياتي، أجريت رسم المخ، وكانت نتيجة رسم المخ :CONCLUSION : DEEG recorded for 6 hours of both awake and natural sleep , showed evidence of left temporal epileptic activity with tendencey for secondary generalization on top of average background.

بمجرد عرض النتيجة على الأستاذة تم توجيهي للذهاب للأستاذة الأخرى التي كتبت نتيجة رسم المخ، والعودة بعد 6 شهور، وأخبرتني أن علاجي ليس عندها، وأن المشكلة في وجود بؤرة صرعية في مكان يسبب مشكلات في العاطفة وغيرها، يبدو أنه الفص الصدغي الأيسر.

ذهبت إلى الأستاذة الأخرى التي كتبت رسم المخ، وطلبت بإيقاف جميع الأدوية السابق ذكرها، عدا البروزاك والبريانيل والبدء في تناول دواء (كيبرا 500) تدريجيا.

الآن وصلت إلى جرعة 1000 في اليوم 500 كل 12 ساعة، وبقي لي أقل من شهر تقريباً على علاج (كيبرا)، ولكن أشعر بأعراض جانبية شديدة عصبية، وغضب وحزن وتعب ونوم متواصل، وإسهال، ليس مستمرا.

هل دواء كيبرا هو الأفضل لحالتي؟ وهل الجرعة 1000 جيدة؟ وهل سوف تتحسن نفسيتي عند معالجة البؤرة الصرعية أم أن الدواء مخصص فقط لمنع النوبات الصرعية، ولا يحسن من نفسية المريض، وما الفترة التي يفترض أن أشعر بالتحسن بعدها على هذا الدواء؟ وهل الأعراض الجانبية سوف تقل مع الوقت؟ وما رأيكم في تلك المشكلة وقابليتها للشفاء، وأفضل الأدوية خلاف الكيبرا؟

نرجو نصيحتكم الثمينة، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي أنت انتهجت المنهج العلمي والعمل الصحيح، وهو أنك قد ذهبت وقابلت الأطباء المختصين، وطبيبة الصحة النفسية قامت بتحويلك إلى طبيبة المخ والأعصاب، وهذه كلها إجراءات صحية.

العلاقة ما بين الفص الصدغي والوجدان والعواطف هي علاقة وطيدة جداً، فما يصيب الفص الصدغي في الغالب يؤدي إلى نوع من الاضطرابات الوجدانية، تتفاوت وتتباين في شدتها من شخص إلى آخر.

بالنسبة بالبؤر الصرعية التي قد تظهر في الفص الصدغي ليس من الضروري أن تؤدي إلى حالة صرعية كاملة، ووجود تشنجات واضحة والنشاط الصرعي قد ينحصر فقط فيما يسمى بالصرع تحت الإيكلينكي، أي أن النشاط الصرعي موجود، ويرصد من خلال التغيرات في قسم الدماغ، ولكنه لا يظهر في شكل تشنجات، وربما يظهر في شكل اضطرابات وجدانية، وعدم الاستقرار النفسي، والإصابة بالاكتئاب النفسي مثلاً.

بالنسبة للعلاج لا شك أن عقار كيبرا عقار متميز جداً في تثبيط وكبح جماح البؤرة الصرعية، هذا لا شك فيه من هذه الناحية، فيجب أن تطمئن تماماً.

الناحية الأخرى الأمانة تقتضي أن أقول لك: إنه ليس أفضل الأدوية في علاج التقلبات المزاجية، أو العصر المزاجي، أو الإصابة بالقلق والتوترات والاكتئاب النفسي، وليس أفضل الأدوية في هذا السياق.

الذي أريده منك هو أن تستعمل الكيبرا وتصبر عليه، وتراجع طبيبتك وتحاول أن تعيش حياتك بصورة طبيعية من خلال الدفع الإيجابي، والثقة بالنفس وتنظيم الوقت والتواصل الاجتماعي الصحيح، والحرص على الصلاة في وقتها، والدعاء والذكر، هذا كله أيها الفاضل الكريم يؤدي إلى استقرار نفسي كبير.

بعد فترة ثلاثة أشهر مثلاً إذا لم تحس بتحسن أعتقد هنا سيكون من الأفضل أن تذهب للطبيب الذي وصف لك الكيبرا، وتناقش هذا الموضوع، وغالباً سوف ينقلك إلى عقار آخر بعد استشارة الطبيب النفسي، مثلاً عقار تجراتول، وكذلك دباكين، بالرغم من أنهما أقل فاعلية في التحكم في البؤر الصرعية إلا أنهما قطعاً من الأدوية التي تؤدي إلى تنظيم وتحسين المزاج.

حتى عقار (لاموترجين) يعرف عنه أنه يساعد جداً في تنظيم المزاج، ويخرج الكثير من الناس من مزاج الكدر والكرب إن وجد، هذا الذي أود أن أنصحك به، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

وإن رأى الطبيب أنه من الأفضل لك أن تستمر على الكيبرا فهنا يمكن أن يضاف دواء آخر محسن للمزاج -هذا أمر معروف جداً- مثل عقار سبراليكس مثلاً، ونحن كثيراً ما نعطيه للإخوة والأخوات الذين يعانون من الفص الصرعي، إذا كانت لديهم اضطرابات وجدانية.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً. ونسأل الله لك العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً