الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتارة في مشاعري نحو خطيبي، فكيف أتصرف حيال ذلك؟

السؤال

السلام عليكم...

أرجوكم أفيدوني، أنا في مشكلة معقدة، فأنا عمري 22 سنة، وخطيبي عمره 21 سنة، والدتي متوفاة منذ 10 سنوات، ووالدي متزوج منذ كنت صغيرة، وعانيت كثيراً في حياتي حتى دخلت الجامعة والتقيت بشاب خلوق وطيب القلب، فأحببنا بعضنا لمدة أربع سنوات، و-بفضل الله وكرمه- تمت خطبتنا منذ سنة.

ولكن ما إن تمت خطوبتنا وتم بعدها مباشرة تجنيده في الجيش، وفي الفترة هذه شعرت باكتئاب شديد جداً، وحالتي تدهورت جداً، وبدأ عندي وسواس أنني لا أحبه أو أحبه، فتارة أعتقد أنني لا أحبه، وتارة أخرى أقول أنا أحبه، واستمر هذا الحال شهراً، ثم ذهبت لطبيب مخ وأعصاب، وأعطاني عقار الفافرين والبوسبار، وأنا مستمرة علي العقار حتى الآن، ولمدة 6 أشهر، وحالتي تحسنت قليلاً من الاكتئاب، ولكن من ناحية الوسواس فلا زال بداخلي ويلازمني شعور بالذنب تجاهه، وتجاه ربي لأنني أخطأت وتبت إلى الله، ويعلم ربي أنها توبة خالصة.

ولكنني لا أشعر بالسعادة معه، وصليت الاستخارة أكثر من مرة، ولكن لم يتبين لي شيئ، ونحن نجهز لزواجنا الآن، وقد بدأنا بالالتزام في الصلاة والذكر وتقربنا إلى الله، ولكن شعوري هذا لا أجد له معنى أو علاجاً أو سبباً، وأخاف أن أجن يوماً، وخصوصا أنني أخاف أن أفكر بغيره، لأني أحيانا تراودني أفكار مثل هذه، فماذا أفعل كي أرجع معه كما كنت سعيدة وأحبه؟

ساعدوني بالله عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريتاج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لديك مشاعر القلق الوسواسي مع شعورٍ بسيط بالضجر والكدر، وهذا قطعًا تعبير عن مزاجٍ اكتئابي، لكن -إن شاءَ الله تعالى- من النوع البسيط.

أيتها الفاضلة الكريمة: يعرف عن فترات الخطوبة الطويلة والتعارف ما بين الشباب والشابات، إذا كانت مدته طويلة، وبعد ذلك حصلت متغيرات في الحياة لأحد الطرفين، ربما يأتي شيء من عسر المزاج هنا وهناك لكليهما أو لأحدهما، هذه الظاهرة معروفة، وهي تعبير واضح لعدم القدرة على التكيف والتواؤم.

خطيبك ذهب للخدمة العسكرية وقطعًا أُصبتِ بشيء من الوسوسة حول هذا الموضوع، والتحضير للزواج نفسه بالرغم من أنه حدث جميل، لكن بعض الناس يسبب لهم شيئاً من القلق.

أعتقد أن مشكلتك هي عدم القدرة على التكيف، وهذه - إن شاء الله تعالى – مشكلة عابرة جدًّا، خذي الأمور بإيجابية أكثر، لا تدعي أي مجال للفكر السلبي التشاؤمي ليسيطر عليك، -الحمد لله تعالى- أنت رُزقت بهذا الزوج الفاضل، وأنت قطعًا فاضلةَ وكريمة، وأنتم في بدايات سن الشباب، فيجب أن يكون هنالك تفاؤل، ويجب أن يكون هنالك دفع إيجابي، وأن تبدئي حياتك بقوة، خاصة أن والدتك تُوفيت وأنت في سن صغيرة، لا بد أن تثبتي ذاتك وتثبتي وجودك، ولا تدعي أبدًا مجالاً للتشكك وللوساوس، حقّري هذه الأفكار كلها تمامًا، وأقدمي على الزواج، وسلي الله -تعالى- أن ييسر أمرك.

الفافرين من الأدوية الجيدة، لكن إن لم تحسي بتحسُّنٍ حقيقي يمكن أن تقابلي الطبيب، وأعتقد أن البروزاك سيكون بديلاً ممتازًا جدًّا، وجرعة البروزاك – أو ما يعرف بفلوزاك في مصر – يجب أن تصل إلى أربعين مليجرامًا يوميًا في حالتك، تكون البداية عشرين مليجرامًا، وبعد أسبوعين إلى ثلاثة، تتناولين كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك يمكن أن تخفض إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر (مثلاً) ثم يتم التوقف عن تناوله.

لا تقدمي على تغيير الدواء – أي الفافرين – إلى البروزاك، إلا بعد التشاور مع طبيبك، أما البسبار فهو دواء بسيط، وليس أساسيًا، وإن يُقال أنه يُدعِّم مضادات الاكتئاب بصفة عامة، ويحسِّن القلق.

أيتها الفاضلة الكريمة: إذًا الفكر الإيجابي مطلوب في حالتك، التفاؤل مطلوب في حالتك، عدم التردد، لا تتشائمي، أكثري من الدعاء، واسألي الله تعالى أن ييسر أمرك وأمر زوجك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً