الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستغل شهر رمضان بما يقربني من الله وأنا في إطار أسرتي وبيتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحد عشر شهرًا من ضيق النفس، والخمول، ومن التكاسل عن الطاعات، وثقل الذنوب، فهل من فرصة للعودة إلى الطريق المستقيم وضبط النفس؟ نعم إنه شهر رمضان المبارك الذي توصد فيه أبواب النار، أريد أن أستغل هذا الشهر الكريم بكل لحظاته بفعل ما يقربني إلى الله. فلو تكرمتم وأشرتم عليّ بمجموعة من الطاعات، والأعمال في هذا الشهر، وتكون في إطار البيت والأسرة، وكيف يمكنني الاستمرار عليها بعد رمضان، أيضًا؟

وشكرًا جزيلاً لكم، وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونعبر عن سعادتنا بهذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يُعيد علينا وعليك الصيام أعوامًا عديدة وسنوات مديدة في طاعته، ونبشرك بأن الشعور بالتقصير هو الباعث الأصلي والمحرك الفعلي لفعل الطاعات، فإن الحسنات يُذهبن السيئات.

هذا الشعور الذي تدخلين به شهر الصيام شعور مبشر؛ لأن الإنسان إذا حاسب نفسه، وشعر بالتقصير، فإن المحاسبة ستحمله إلى التوبة، والتوبة هي طاعة الطاعات، هي باب الدخول إلى رب الأرض والسماوات، الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها، فأعظم طاعة تبدئين بها هي التوبة النصوح لله تبارك وتعالى.

ثم اعلمي فضل هذا الصيام، واجعلي صيامك كما صام النبي – عليه الصلاة والسلام – الذي أوصى بالصيام فقال: (عليك بالصيام فإنه لا عدل له)، واعلمي أن للصائم دعوة طوال اليوم، وله دعوة عند فطره، فأنت في طاعة وقُربة لله تبارك وتعالى، وأحسن أوقات الدعاء واللجوء إلى رب الأرض والسماء هي لحظات الطاعات، لحظات الإقبال على الله تبارك وتعالى، وأي طاعة أعظم من أن يترك الإنسان طعامه وشرابه وشهوته لله تبارك وتعالى.

ثم اشغلي نفسك بأداء الفرائض، فإن الله ما تعبَّدنا بشيء أحب مما افترضه علينا، فلتأخذ الصلاة وضعها ومكانها من هذا الدين ومن اهتماماتك، فإن الصلاة هي ركن الإسلام الركين بعد كلمة التوحيد، نتمنى أن تحققيها في نفسك، فتوجهي إلى الله بالدعاء، وبالاستعانة، وبالتوكل، وباللجوء إليه، والاستغاثة، وتلوذي إليه سبحانه وتعالى، فإنه ما سمَّى نفسه غفارًا إلا ليغفر لنا ذنوبنا، ولا سمَّى نفسه توّابًا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه رحميًا إلا ليرحمنا، قال تعالى: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيمًا}.

ثم عليك أن تشغلي نفسك ولسانك بذكر الله، فإن ذكر الله هو طاعة الطاعات، والهدف الذي لأجله شُرعت الطاعات فإن ربنا أراد أن يُذكر ولا يُنسى ويُطاع فلا يُعصى، فشرع هذه الطاعات والعبادات.

حسّني أخلاقك مع من حولك، وأقبلي على الله وطهري قلبك ونيّتك، إن هذه هي الأعمال التي تبلغ بالإنسان أرفع المنازل، وحققي في نفسك تقوى الله، وجماع الخيرات، وثمرة التقوى، وثمرة الطاعات، {لعلكم تتقون} رجاء أن تتقوا الله تبارك وتعالى.

نسأل الله لك التوفيق، ونشكر لك هذا السؤال، ونسأل الله أن يعيد علينا وعليك الصيام أعوامًا عديدة، وأن يعتق فيه رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا من النار.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ادهم زكرىا عبد الخالق

    جزاكم الله

    كل خىر

  • العراق زهراء

    رائع

  • المغرب عائشة

    اللهم آمين يارب.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً