الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرهاب الاجتماعي عائق كبير عن تحقيق أحلامي وهو شائع في عائلتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاماً، لدي طموح بأن أصبح داعية -بإذن الله-، وبدأت بتطبيق خطتي وهي أن ألتحق أولاً بتحفيظ القرآن الكريم وأحفظ القرآن كاملاً، وقد أتممت عشرة أجزاء -ولله الحمد والمنة-، ولكن لدي مشكله أراها عائقا كبيرا في حياتي، وأتألم كثيراً من هذه المشكلة التي حيرتني، ووالله إني أبكي كثيراً، وأدعو الله دائماً أن يشفيني، وها أنا هنا أتوكل على الله بطلب الدواء كما أمرنا الحبيب -صلى الله عليه وسلم-، ومستعدة لعمل أي شيء إلا الذهاب للطبيب النفسي؛ لأن الحالة المادية لا تسمح، كما أن أهلي لا يهتمون بهذا الأمر أبداً، مع أني حاولت إقناع أمي بأن لدي مشكلة نفسية، ولكنها دائماً تنهرني، وتقول ان هذا (دلع بنات).

منذ أربع سنوات وأنا أعاني من هذه المشكلة، وأبحث كثيراً لعلي أجد الحل، المشكلة هي ما يسمى بالرهاب الاجتماعي، أعرف معلومات كثيرة عن هذا المرض من كثرة اطلاعي عليه خلال هذه الأربع سنوات، وطبقت ما يسمى بالتنبيه الذهني إلا أني واجهت مشكلة، فأنا لم أستطع أن أفرق بين أفكاري وأفكار الرهاب، فأثناء المواجهة أحس بعدم تركيز وتشتت فظيع، وليس لدي الوقت حينها للتفريق بين الأفكار لأنها تتسلط عليّ، فأظل أتأمل في نفسي وتارة أنظر لأعين الناس كيف نظرتهم، وتارة أتحرك يمنة ويسرة كالمجنونة، مع العلم بأني بعد التحاقي بالمعهد وجدت طمأنينة أعانتني بعد الله على التخلص من الرهاب بين عائلتي، لأن الرهاب سابقاً كان يتعدى حتى لاجتماعي مع أمي وأبي وأخي، لكن الآن -الحمد لله- لا أجد صعوبة، بالعكس فأنا مرحة مع أمي وأبي، وأحاول أن أبرهما لأحصل على الثواب من الله تعالى، إذاً فالرهاب يمنعني من التخلق بالأخلاق الحسنة، وهذا الذي يحزنني كثيراً.

كما أني أعاني من التسويف والخمول، ونقطة مهمة كثيراً أن عائلتي جميعهم يعانون من الخجل حسب تشخيصي، فوالدي يكره مخالطة الناس، أما أخي الكبير أرى فيه احمرار الوجه، ولكنه لا يبالي فهو اجتماعي جداً، ولا أرى فيه إلا الاحمرار، أما باقي الأعراض فلا توجد أبداً، وإخوتي الباقون جميعهم تخلصوا من الخجل ولا أعلم كيف! وعلى فكرة يا دكتور أنا أتمنى أن أعالج والدي، فأنا أحزن كثيراً عندما أراه يتلعثم بين الناس ويخجل، جداً جداً وأحزن عليه.

والله المستعان، وعذراً على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى أن يزيدك علماً ونوراً، وأن يحقق أمنيتك وطموحك بأن تصبحي داعية.

يا أيتها الفاضلة الكريمة توجهك هذا في حد ذاته سوف يفيدك كثيراً في علاج الرهاب الاجتماعي، بشرط أن تكوني أكثر ثقة في نفسك، وتمارين التنبيه الذهني لا بأس بها فهي تفيد بالفعل في علاج الرهاب الاجتماعي، لكن إذا اختلطت الأفكار وتداخلت فهنا أقول لك الجئي إلى أسلوب التجاهل وتحقير فكرة الخوف، فهذا أيضاً أمر مطلوب في مثل هذه الحالات.

ومن الضروري جداً أن تصححي مفاهيمك حول الخوف الاجتماعي، أولاً: مشاعرك هي مشاعر خاصة بك، وأقصد بذلك المشاعر التي تنتابك عند المواجهات، وأؤكد لك وبصورة قاطعة أن لا أحد يلاحظ عليك أي تغيرات كما تعتقدين، لا رعشة ولا تلعثما ولا فقدانا للسيطرة على الموقف أبداً، التغير الفسيولوجي الذي يحدث لك هو تغير داخلي وخاص بك أنت، فإذاً أنت لست مقصودة ولست مراقبة من قبل الآخرين ولا يظهر عليك -إن شاء الله تعالى- أي تغير، فأقدمي توكلي على الله.

واعرفي أن رسالتك هي رسالة نبيلة جداً، وأن الإنسان بطبعه هو مخلوق اجتماعي والتواصل من فطرته. الأمر الآخر حددي برامج يومية تعرضين نفسك فيها إلى ثلاث مواقف اجتماعية مختلفة، والهدف من ذلك هو العلاج عما نسميه التعريض أو التعرض مع تحقير الفكرة السلبية، وتجنب التجنب عند التعريض، والتعرض هذا مهم جداً -أيتها الفاضلة الكريمة-، وتعلمي وتدربي على تمارين الاسترخاء ففائدتها عظيمة جداً، وإسلام ويب لديها استشارة تحت الرقم: (2136015) أرجو الرجوع إليها والاسترشاد بما ورد فيها من توجيهات.

بالنسبة للعوامل الوراثية لا ننكر دور الوراثة في المخاوف، لكن أثره ليس أثرا مباشرا، إنما قد يؤدي إلى شيء من الاستعداد للمخاوف إذا توفرت الظروف البيئية الأخرى، فأنت إذا حقرت وساوسك واقتحمت هذا الفكر بطريقة ثابتة وقوية وبدافعية لن يكون هنالك أثر للوراثة. اهتمامك بأمر والدك هو أمر طيب ويمكن أن تتحدثي معه بشيء من الرفق حول هذا الموضوع دون أن تعرضيه إلى حرج، واطرحي عليه أنه بالفعل يحتاج إلى علاج.

والعلاج الدوائي في حالتك مطلوب، وهنالك عدة أدوية من أفضلها العقار الذي يعرف باسم زوالفت، واسمه العلمي سيرترالين، تكلفته متوسطة، والجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة، أي 25 مليجرام يتم تناولها ليلاً، استمري عليها لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة وتناوليها ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهنالك دواء آخر يعتبر دواء مساعدا وداعماً للزوالفت هو إندرال، ويسمى بربرانوال، وهو زهيد الثمن جداً، والجرعة المطلوبة هي 10 مليجرام تتناولينها صباحاً لمدة شهرين، ثم تتوقفين عن تناوله.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر احمد خليفة

    انا ايضا عانيت من الرهاب سنوات طويلة من عمرى والحمد لله بدأت اجد تحسنا كبيرا بعد ان وصلت الى سن 28 سنة
    وللفائده فقد كانت هناك عدة عوامل لتحسنى هى
    مضاد الاكتئاب (وهو اهم عامل)
    الصلاة
    ولله الحمد فقد تحسنت
    وربنا معاكى..

  • تونس دوزى

    اسال اللهلكالشفاء العاجل


بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً