الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندي وسواس الخوف من الأمرض المعدية سبب لي مشاكل في التعامل مع الآخرين.. فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي وسواس الخوف من الأمراض المعدية، وبالتحديد الكبد الفيروسي؛ حيث أصبحت أخاف من لُعابِ ودم الآخرين؛ حيث كلما تعرضت لِلُعاب الآخرين أقوم بغسل المنطقة التي تعرضتْ له، فمثلًا لو كنت أتكلم مع شخص ما، وتطاير بعضُ لُعابه على يدي أو وجهي، أو عطس أو سعل عليّ، فإني أقوم مباشرة بغسل الأماكن التي تعرضتْ لذلك اللُّعاب، وإن لمْ أغسل ذلك الموضع، ولمستْه ملابسي أو نقودي، أقوم بغسل ما لمسته ملابسي ونقودي أيضًا.

لو عطس شخص ما على يده، ثم لمس قفل الباب أو لوحة مفاتيح الكمبيوتر، فلا أستطيع لمسها، وإن اضطررت، أغسل يدي، وتصبح لديّ مشكلة في هذه الأماكن.

-الحمد لله- في الوقت الحالي قلّ القلق، وأريد المساعدة بالتوجيه للسلوك الصحيح، أي دلُّوني على التصرف المناسب في هذه المواقف التي سأسردها لكم:

1- إن كنت أتكلم مع شخص وتطاير عليّ قليلٌ من لُعابه أو عطس أو سعل باتجاهي، هل أغسل الموضع أم أتجاهل الأمر؟

2- بعض التجار حين أشتري منهم يقومون بلعق أصبعهم؛ ليسحبوا كيسًا ليضعوا فيه ما اشتريت أو ليحسبوا الأوراق النقدية، هل عليّ أن أغسل ما اشتريت ونقودي أم أتجاهل الأمر؟

3- إذا عطس شخص ما على يده أو لعق أصبعه، ثمّ لمس شيئًا ما، هل أستطيع أن ألمسه من دون أن أضطر لغسل يدي أم لا؟

4- مصافحة شخص عطس أو سعل على يده.

5- شخص جُرح في أصبعه، ولمس مقبض الباب، هل عليّ غسل يدي بعد لمس المقبض؟

6- حين أركب سيارة، وأجد على الكرسي نقاطًا قديمة، لا أدري هل هي دماء أم لا؟ هل أجلس عليها أم لا؟ وإن جلست هل عليّ أن غسل سروالي في موضع الجلوس أم لا؟

أرجو المساعدة؛ لأن الأمر أصبح متعبًا ومحرجًا، وصرت حين أدخل البيت، تأتي ابنتي لتعانقني فأمنعها خوفًا عليها، ولا أسمح لها بالاقتراب مني إلا بعد أن أغير ملابسي، وأقوم بغسل يدي ووجهي وشعري ورجلي.

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنا على يقين تام أنك على قناعة تامة أن الذي تعاني بالفعل منه، هي مخاوف وسواسية، النقاط الست التي ذكرتها دليل قاطع على وجود هذه المخاوف ذات الطابع الوسواسي، ومن الواضح أن درجة التدقيق لديك عالية جدًّا؛ لتتّخذ التحوطات والتدابير اللازمة التي تَقيكَ من الفيروسات والجراثيم.

أنا أؤكد لك أن الأمر أبسط من ذلك كثيرًا، كل الوسائل والسبل التي ذكرتها لا تؤدي إلى نقل هذه الجراثيم، وأعتقد أن النظافة العامة تكفي جدًّا، الأمر لا يصل أبدًا أن تُدقق أن التاجر يقوم بلعق أصابعه أو أنه يعطس على الورقة النقدية أو على شيء من هذا القبيل، هذا تدقيق وسواسي يجب أن تقاومه، ويجب أن تحقّره، ويجب أن تقوم بفعل ما هو مضاد له وعكسه تمامًا.

الوساوس تعالج من خلال التحقير، ومن خلال عدم اتباعها، وتجاهلها، والاستخفاف بها، أنت محتاج بالفعل لهذا الأمر، وأعتقد بشيء من الضغط على نفسك، وتجاهل الرقابة اللصيقة التي تفرضها على نفسك لتعيش حياةً معقّمة –كما يقولون– أعتقد أنه يجب أن تخفف على نفسك، وتلجأ للتجاهل، ولا بأس –أيها الفاضل الكريم– أن تتناول دواءً مضادًا لقلق المخاوف الوسواسي، هنالك أدوية كثيرة جدًّا، وقطعًا إن ذهبت إلى الطبيب سوف يصف لك أحدها، ومن أفضلها عقار (سبرالكس) أو (زيروكسات)، وأنت تحتاج لتناول الدواء لمدة قصيرة وليست لمدة طويلة.

إذًا ختامًا هذا مجرد خوف وسواسي، يعالج بالتحقير والتجاهل وعدم الاتباع، وفعل ما هو مضاد، وتناوُل أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً