الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذكرى من فقدتهم لا تفارقني وأشعر بدنو أجلي.. مدوا لي يد العون

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على جهودكم في خدمة الناس وتوجيههم والتخفيف عنهم، ومساعدتهم في العلاج بعد الله.

أنا شاب أبلغ من العمر 25 سنة، قبل شهرين أتتني نوبة هلع، وبعدها أصبت بوسواس الموت، وانعزلت عن الناس، وبعدها أصبت بوسواس قهري في الذات الإلهية، وأصبحت ذكرى الذين فقدتهم لا تفارقني، وكيف كانت طريقة موتهم، وثرثرة عقل، وأفكار تسلطية، لا أستطيع دفعها.

والمشكلة التي تؤرقني أن صورة المقبرة لا تفارق خيالي، وتفرض نفسها على تفكيري، علمًا أن هذه المقبرة قريبة من الحي الذي نسكن فيه، وقد ذهبنا إليها كثيرًا لدفن الموتى من الذين نعرفهم، ورحلوا عن الدنيا رحمة الله عليهم.

قبل يومين وحتى هذه اللحظة خف الخوف، لكن أتاني شيء جديد، وهو السخرية من الذات الإلهية، مع شعور أني أبتسم لدرجة والله أني أنظر إلى نفسي في المرآة لكي أتأكد، هل أنا أبتسم أم لا؟ وأرى ملامحي يعتريها الاكتئاب، ووصلت السخرية والإحساس بالضحك أني أشعر أني أبتسم على أقدار من أصابهم: موت، أو مرض، ونفس الحالة أنا متأكد من ملامحي، أرى الاكتئاب مرسوما فيها، أعلم أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، لكن أخاف أن تتملكني هذه الحالة -لا قدر الله-.

لم تعد صورة المقبرة تخيفني بسبب شعور السخرية، مع العلم أنني لا أستخدم أي شيء من أمور المخدرات، ولا أدخن.

الآن أحس بألم جهة القلب، عملت تخطيطا فكان القلب سليما، ونقص وزني 7 كيلو، وأشعر بدنو الأجل، حيث تتكرر كلمة الموت في كل مكان في التلفزيون، بين الناس، حين أختلط معهم، أو مع أهلي، أو عند خروجي من المنزل، أرى سيارة الموتى، أو الإسعاف، وكل مرة أشعر بأنه إحساس حقيقي، وليس بوسواس حيث إني لدي رغبة كبيرة في الزواج، لكن وسواس الموت هدد أحلامي، وأصبح لدي خوف من المستقبل.

أفيدوني، بارك الله فيكم، وأدعو لي أن ربي يحقق أمنيتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعم الذي تعاني منه لا شك أنه وساوس قهرية، وساوسك القهرية لديها رابط مثير وهو وجود المقبرة بالقرب منكم.

أقول لك – أيها الفاضل الكريم –: إن الوساوس يتم التعامل معها من خلال تحقيرها، تحقير الفكرة وعدم مناقشتها، وعدم الاسترسال فيها، وهذا من الأشياء المهمة جدًّا، والضرورية جدًّا.

إذًا الوساوس تواجه فكريًّا وتواجه معنويًا، ومن خلال ذلك يستطيع الإنسان أن يغلق عليها إغلاقًا كاملاً.

بالنسبة لموضوع المقبرة: طبق ما ورد في السنة المطهرة، سلِّم على أهل الديار، واسأل الله تعالى لهم ولك ولنا جميعًا الستر والعافية، ولا تتعامل مع الأمر أكثر من هذا.

بالنسبة للوساوس حول الذات الإلهية: هذه يتم التعامل معها بأن تقول: (آمنت بالله) ثم تنتهِ، حسب ما أوصانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأكثر من الاستغفار، وأكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ولا تناقش هذا الوسواس، ولا تجد لها نوعا من التبرير، أو المنطق، هذا يُغلق عليها، هذا يُداس عليها تحت القدم، وبقوة واستحقار تام لها، هكذا يتم التعامل مع الوسواس -أيها الفاضل الكريم-.

نمط حياتك يجب أن يتغير أيضًا، استفد من وقتك، لا تدع مجالاً للفراغ، مارس الرياضة، مارس تمارين الاسترخاء، اجتهد في دراستك، هذا كله يؤدي إلى إزاحة الفكر الوسواسي واستبداله بفكرٍ جديد يتعلق بحياتك، وكيفية بناءها على نمط جديد كما ذكرنا لك.

أيها الفاضل الكريم: نقص الوزن الذي حدث لك غالبًا هو ناتج من اكتئاب ثانوي، نفسك الطيبة الجميلة - وهي النفس اللوامة - تسلطت عليك؛ لأن الوسواس تسلط عليك، وهذا قطعًا أدى إلى اجترارات اكتئابية أدى إلى نقص الوزن.

أنا أنصحك هنا: بتناول أحد الأدوية المضادة للوساوس، وهي كثيرة جدًّا ومفيدة جدًّا، اذهب وقابل الطبيب النفسي، عقار مثل: (فافرين) سيكون جيدًا جدًّا بالنسبة لك، ويمكن أن يصفه لك أي طبيب، وفي بعض البلدان يُصرف دون وصفة طبية.

جرعة الفافرين المطلوبة هي خمسين مليجرامًا، يتم تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعل الجرعة مائة مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها مائتي مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم مائة مليجرام ليلاً لمدة خمسة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناوله.

هذه هي الكيفية التي يتم بها تناول هذا الدواء، وهنالك أدوية أخرى مشابهة كثيرة، وهي كلها ذات فائدة.

أسأل الله لك الشفاء والصحة والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً